الرسم العثمانيإِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشٰى
الـرسـم الإمـلائـياِذۡ يَغۡشَى السِّدۡرَةَ مَا يَغۡشٰىۙ
تفسير ميسر:
أتُكذِّبون محمدًا صلى الله عليه وسلم، فتجادلونه على ما يراه ويشاهده من آيات ربه؟ ولقد رأى محمد صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته الحقيقية مرة أخرى عند سدرة المنتهى- شجرة نَبْق- وهي في السماء السابعة، ينتهي إليها ما يُعْرَج به من الأرض، وينتهي إليها ما يُهْبَط به من فوقها، عندها جنة المأوى التي وُعِد بها المتقون. إذ يغشى السدرة من أمر الله شيء عظيم، لا يعلم وصفه إلا الله عز وجل. وكان النبي صلى الله عليه وسلم على صفة عظيمة من الثبات والطاعة، فما مال بصره يمينًا ولا شمالا ولا جاوز ما أُمِر برؤيته. لقد رأى محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج من آيات ربه الكبرى الدالة على قدرة الله وعظمته من الجنة والنار وغير ذلك.
قال ابن عباس رضي الله عنهما ما ذهب يمينا ولا شمالا "وما طغى" ما جاوز ما أمر به وهذه صفة عظيمة في الثبات والطاعة فإنه ما فعل إلا ما أمر به ولا سأل فوق ما أعطى وما أحسن ما قال الناظم; رأى جنة المأوى وما فوقها ولو رأى غيره ما قد رآه لتاها.
قوله تعالى ; إذ يغشى السدرة ما يغشى قال ابن عباس والضحاك وابن مسعود وأصحابه ; فراش من ذهب . ورواه مرفوعا ابن مسعود وابن عباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم . وقد تقدم في صحيح مسلم عن ابن مسعود قوله . وقال الحسن ; غشيها نور رب العالمين فاستنارت . قال القشيري ; وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما غشيها ؟ قال ; فراش من ذهب . وفي خبر آخر ; غشيها نور من الله حتى ما يستطيع أحد أن ينظر إليها . وقال الربيع بن أنس ; غشيها نور الرب والملائكة تقع عليها كما يقع الغربان على الشجرة . وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال ; رأيت السدرة يغشاها فراش من ذهب ورأيت على كل ورقة ملكا قائما يسبح الله تعالى وذلك قوله ; إذ يغشى السدرة ما يغشى ؛ ذكره المهدوي والثعلبي . وقال أنس بن مالك ; إذ يغشى السدرة ما يغشى قال ; جراد من ذهب وقد رواه مرفوعا . وقال مجاهد ; إنه رفرف أخضر . وعنه عليه السلام ; يغشاها رفرف من طير خضر . وعن ابن عباس ; يغشاها رب العزة ; أي أمره [ ص; 91 ] كما في صحيح مسلم مرفوعا ; فلما غشيها من أمر الله ما غشي . وقيل ; هو تعظيم الأمر ; كأنه قال ; إذ يغشى السدرة ما أعلم الله به من دلائل ملكوته . وهكذا قوله تعالى ;فأوحى إلى عبده ما أوحى والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى ومثله الحاقة ما الحاقة . وقال الماوردي في معاني القرآن له ; فإن قيل ; لم اختيرت السدرة لهذا الأمر دون غيرها من الشجر ؟ قيل ; لأن السدرة تختص بثلاثة أوصاف ; ظل مديد ، وطعم لذيذ ، ورائحة ذكية ; فشابهت الإيمان الذي يجمع قولا وعملا ونية ; فظلها من الإيمان بمنزلة العمل لتجاوزه ، وطعمها بمنزلة النية لكمونه ، ورائحتها بمنزلة القول لظهوره . وروى أبو داود في سننه قال ; حدثنا نصر بن علي قال حدثنا أبو أسامة عن ابن جريج عن عثمان بن أبي سليمان عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم عن عبد الله بن حبشي ، قال ; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ; من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار وسئل أبو داود عن معنى هذا الحديث فقال ; هذا الحديث مختصر يعني من قطع سدرة في فلاة يستظل بها ابن السبيل والبهائم عبثا وظلما بغير حق يكون له فيها صوب الله رأسه في النار .
وقوله ( عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ) يقول تعالى ذكره; عند سدرة المنتهى جنة مأوى الشهداء.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد, قال; ثني أبي, قال; ثني عمي, قال; ثني أبي ، عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ) قال; هي يمين العرش, وهي منـزل الشهداء.حدثنا ابن حُميد, قال; ثنا مهران, عن سفيان, عن داود, عن أبي العالية عن ابن عباس ( عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ) قال; هو كقوله فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ .حدثنا ابن عبد الأعلى, قال; ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة, في قوله ( عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ) قال; منازل الشهداء.
{ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى } أي: يغشاها من أمر الله، شيء عظيم لا يعلم وصفه إلا الله عز وجل.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - النجم٥٣ :١٦
An-Najm53:16