أَفَمِنْ هٰذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ
اَفَمِنۡ هٰذَا الۡحَدِيۡثِ تَعۡجَبُوۡنَۙ
تفسير ميسر:
أفمِن هذا القرآن تعجبون -أيها المشركون- من أن يكون صحيحًا، وتضحكون منه سخرية واستهزاءً، ولا تبكون خوفًا من وعيده، وأنتم لاهون معرضون عنه؟ فاسجدوا لله وأخلصوا العبادة له وحده، وسلِّموا له أموركم.
قال تعالى منكرا على المشركين في استماعهم القرآن وإعراضهم عنه وتلهيهم "تعجبون" من أن يكون صحيحا.
قوله تعالى ; أفمن هذا الحديث يعني القرآن . وهذا استفهام توبيخ تعجبون تكذيبا به
( لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ).وقوله; ( لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ) يقول تعالى ذكره; ليس للآزفة التي قد أزفت, وهي الساعة التي قد دنت من دون الله كاشف, يقول; ليس تنكشف فتقوم إلا بإقامة الله إياها, وكشفها دون من سواه من خلقه, لأنه لم يطلع عليها مَلَكا مقرّبا, ولا نبيا مرسلا. وقيل; كاشفة, فأنثت, وهي بمعنى الانكشاف; كما قيل; فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ بمعنى; فهل ترى لهم من بقاء; وكما قيل; العاقبة وماله من ناهية, وكما قيل لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ بمعنى تكذيب, وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ بمعنى خيانة.القول في تأويل قوله تعالى ; أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59)يقول تعالى ذكره لمشركي قريش; أفمن هذا القرآن أيها الناس تعجبون, أنْ نـزلَ على محمد صلى الله عليه وسلم , وتضحكون منه استهزاءً به, ولا تبكون مما فيه من الوعيد لأهل معاصي الله, وأنتم من أهل معاصيه ( وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ ) يقول; وأنتم لاهون عما فيه من العِبر والذكر, معرضون عن آياته; يقال للرجل; دع عنا سُمودَك, يراد به; دع عنا لهوك, يقال منه; سَمَدَ فلان يَسْمُد سُمُودا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظهم بالعبارة عنه, فقال بعضهم; غافلون. وقال بعضهم; مغنون. وقال بعضهم; مُبَرْطمون.* ذكر من قال ذلك;
ثم توعد المنكرين لرسالة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، المكذبين لما جاء به من القرآن الكريم، فقال: { أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ } ؟ أي: أفمن هذا الحديث الذي هو خير الكلام وأفضله وأشرفه تتعجبون منه، وتجعلونه من الأمور المخالفة للعادة الخارقة للأمور [والحقائق] المعروفة؟ هذا من جهلهم وضلالهم وعنادهم، وإلا فهو الحديث الذي إذا حدث صدق، وإذا قال قولا فهو القول الفصل الذي ليس بالهزل، وهو القرآن العظيم، الذي لو أنزل على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله، الذي يزيد ذوي الأحلام رأيا وعقلا، وتسديدا وثباتا، وإيمانا ويقينا والذي ينبغي العجب من عقل من تعجب منه، وسفهه وضلاله.
(الهمزة) للاستفهام الإنكاريّ
(الفاء) استئنافيّة
(من هذا) متعلّق بـ (تعجبون) ..جملة: «تعجبون ... » لا محلّ لها استئنافيّة 60- 61-
(الواو) عاطفة في الموضعين، وفي الثالث حاليّة
(لا) نافية ...وجملة: «تضحكون ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة تعجبون وجملة: «لا تبكون ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة تعجبون وجملة: «أنتم سامدون ... » في محلّ نصب حال 62-
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر
(للَّه) متعلّق بـ (اسجدوا) ،
(الواو) عاطفة وجملة: «اسجدوا ... » في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي: إن أردتم الخلاص من العذاب فاسجدوا ...وجملة: «اعبدوا ... » معطوفة على جملة جواب الشرط