الرسم العثمانيبَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُوا يُخْفُونَ مِن قَبْلُ ۖ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكٰذِبُونَ
الـرسـم الإمـلائـيبَلۡ بَدَا لَهُمۡ مَّا كَانُوۡا يُخۡفُوۡنَ مِنۡ قَبۡلُؕ وَلَوۡ رُدُّوۡا لَعَادُوۡا لِمَا نُهُوۡا عَنۡهُ وَاِنَّهُمۡ لَـكٰذِبُوۡنَ
تفسير ميسر:
ليس الأمر كذلك، بل ظهر لهم يوم القيامة ما كانوا يعلمونه من أنفسهم من صدق ما جاءت به الرسل في الدنيا، وإن كانوا يظهرون لأتباعه خلافه. ولو فرض أن أعيدوا إلى الدنيا فأمهلوا لرجعوا إلى العناد بالكفر والتكذيب. وإنهم لكاذبون في قولهم; لو رددنا إلى الدنيا لم نكذب بآيات ربنا، وكنا من المؤمنين.
قال الله تعالى "بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل" أي بل ظهر لهم حينئذ ما كانوا يخفون في أنفسهم من الكفر والتكذيب والمعاندة وإن أنكروها في الدنيا أو في الآخرة كما قال قبله بيسير "ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين انظر كيف كذبوا على أنفسهم" ويحتمل أنهم ظهر لهم ما كانوا يعلمونه من أنفسهم من صدق ما جاءتهم به الرسل في الدنيا وإن كانوا يظهرون لأتباعهم خلافه كقوله مخبرا عن موسى أنه قال لفرعون "لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر" الآية وقوله تعالى مخبرا عن فرعون وقومه "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا" ويحتمل أن يكون المراد بهؤلاء المنافقين الذين كانوا يظهرون الإيمان للناس ويبطنون الكفر ويكون هذا إخبارا عما يكون يوم القيامة من كلام طائفة من الكفار ولا ينافي هذا كون هذه السورة مكية والنفاق إنما كان من بعض أهل المدينة ومن حولها من الأعراب فقد ذكر الله وقوع النفاق في سورة مكية وهي العنكبوت فقال "وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين" وعلى هذا فيكون إخبارا عن قول المنافقين في الدار الآخرة حين يعاينون العذاب فظهر لهم حينئذ غب ما كانوا يبطنون من الكفر والنفاق والشقاق والله أعلم وأما معنى الإضراب في قوله "بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل" فإنهم ما طلبوا العود إلى الدنيا رغبة ومحبة في الإيمان بل خوفا من العذاب الذي عاينوه جزاء ما كانوا عليه من الكفر فسألوا الرجعة إلى الدنيا ليتخلصوا مما شاهدوا من النار ولهذا قال "ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون" أي في طلبهم الرجعة رغبة ومحبة في الإيمان ثم قال مخبرا عنهم أنهم لو ردوا إلى الدار الدنيا لعادوا لما نهوا عنه من الكفر والمخالفة "وإنهم لكاذبون" إي في قولهم يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين.
قوله تعالى ; بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبونقوله تعالى ; بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل بل إضراب عن تمنيهم وادعائهم الإيمان لو ردوا واختلفوا في معنى بدا لهم على أقوال بعد تعيين من المراد ; فقيل ; المراد المنافقون لأن اسم الكفر مشتمل عليهم ، فعاد الضمير على بعض المذكورين ; قال النحاس ; وهذا من الكلام العذب الفصيح . وقيل ; المراد الكفار وكانوا إذا وعظهم النبي صلى الله عليه وسلم خافوا وأخفوا ذلك الخوف لئلا يفطن بهم ضعفاؤهم ، فيظهر يوم القيامة ; ولهذا قال الحسن ; بدا لهم أي ; بدا لبعضهم ما كان يخفيه عن بعض . وقيل ; بل ظهر لهم ما كانوا يجحدونه من الشرك فيقولون ; والله ربنا ما كنا مشركين فينطق الله جوارحهم فتشهد عليهم بالكفر فذلك حين بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل . قال أبو روق . وقيل ; بدا لهم ما كانوا يكتمونه من الكفر ; أي ; بدت أعمالهم السيئة كما قال ; وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون . قال المبرد ; بدا لهم جزاء كفرهم الذي كانوا يخفونه . وقيل ; المعنى بل ظهر للذين اتبعوا الغواة ما كان الغواة يخفون عنهم من أمر البعث والقيامة ; لأن بعده وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين .قوله تعالى ; ولو ردوا قيل ; بعد معاينة العذاب . وقيل ; قبل معاينته . لعادوا لما نهوا عنه أي ; لصاروا ورجعوا إلى ما نهوا عنه من الشرك لعلم الله تعالى فيهم أنهم لا يؤمنون ، وقد عاين إبليس ما عاين من آيات الله ثم عاند . قوله تعالى ; ( وإنهم لكاذبون ) إخبار عنهم ، وحكاية عن الحال التي كانوا عليها في الدنيا من تكذيبهم الرسل ، وإنكارهم البعث ; كما قال ; وإن ربك ليحكم بينهم فجعله حكاية عن الحال الآتية . وقيل ; المعنى وإنهم لكاذبون فيما أخبروا به عن أنفسهم من أنهم لا يكذبون ويكونون من المؤمنين . وقرأ يحيى بن وثاب ( ولو ردوا ) بكسر الراء ; لأن الأصل رددوا فنقلت كسرة الدال على الراء .
القول في تأويل قوله ; بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; ما بهؤلاء العادلين بربهم، (1) الجاحدين نبوتك، يا محمد، في قيلهم إذا وقفوا على النار; يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ = الأسَى والندمُ على ترك الإيمان بالله والتصديق بك، (2) لكن بهم الإشفاق مما هو نازلٌ بهم من عقاب الله وأليم عذابه، على معاصيهم التي كانوا يخفونها عن أعين الناس ويسترونها منهم, فأبداها الله منهم يوم القيامة وأظهرها على رؤوس الأشهاد, ففضحهم بها، ثم جازاهم بها جزاءَهم .يقول; بل بدا لهم ما كانوا يخفون من أعمالهم السيئة التي كانوا يخفونها " من قبل ذلك في الدنيا, فظهرت " وَلَوْ رُدُّوا " ، يقول; ولو ردّوا إلى الدنيا فأمْهلوا =" لعادوا لما نهوا عنه " ، يقول; لرجعوا إلى مثل العمل الذي كانوا يعملونه في الدنيا قبل ذلك، من جحود آيات الله، والكفر به، والعمل بما يسخط عليهم ربِّهم =" وإنهم لكاذبون " ، في قيلهم; " لو رددنا لم نكذب بآيات ربّنا وكنا من المؤمنين ", لأنهم قالوه حين قالوه خشية العذاب، لا إيمانًا بالله.* * *وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;13181 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي; " بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل " ، يقول; بدت لهم أعمالهم في الآخرة، التي أخفوها في الدنيا .13182 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله; " بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل " ، قال; من أعمالهم .13183 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله; " ولو ردُّوا لعادُوا لما نهوا عنه " ، يقول; ولو وصل الله لهم دُنيا كدنياهم, لعادوا إلى أعمالهم أعمالِ السوء.
تفسير الآيتين 27 و 28 : يقول تعالى -مخبرا عن حال المشركين يوم القيامة، وإحضارهم النار:. { وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ } ليوبخوا ويقرعوا، لرأيت أمرا هائلا، وحالا مفظعة. ولرأيتهم كيف أقروا على أنفسهم بالكفر والفسوق، وتمنوا أن لو يردون إلى الدنيا. { فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ } فإنهم كانوا يخفون في أنفسهم، أنهم كانوا كاذبين، ويَبدو في قلوبهم في كثير من الأوقات. ولكن الأغراض الفاسدة، صدتهم عن ذلك، وصرفت قلوبهم عن الخير، وهم كذبة في هذه الأمنية، وإنما قصدهم، أن يدفعوا بها عن أنفسهم العذاب. { وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }
(بل) للإضراب والابتداء
(بدا) فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف
(اللام) حرف جر و (هم) ضمير في محلّ جر متعلق بـ (بدا) ،
(ما) اسم موصول مبني في محلّ رفع فاعلـ (كانوا) فعل ماض ناقص مبني على الضم ... والواو اسم كان
(يخفون) مضارع مرفوع ... والواو فاعلـ (من) حرف جر
(قبل) اسم مبني على الضم في محلّ جر متعلق بـ (يخفون) ،
(الواو) عاطفة
(لو) شرط غير جازم
(ردّوا) فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم ... والواو نائب فاعلـ (اللام) واقعة في جواب لو (عادوا) مثل قالوا ،
(اللام) حرف جر
(ما) اسم موصول مبني في محلّ جر متعلق بـ (عادوا) ،
(نهوا) مثل ردّوا
(عنه) مثل السابق متعلق بـ (نهوا) ،
(الواو) عاطفة
(إنّ) حرف مشبه بالفعلو (هم) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ
(اللام) هي المزحلقة تفيد التوكيد
(كاذبون) خبر إنّ مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة «بدا لهم ما كانوا ... » لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «كانوا....» لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) الأول.
وجملة «يخفون....» في محلّ نصب خبر كانوا.
وجملة «ردّوا....» لا محلّ لها معطوفة على جملة بدا لهم ...وجملة «عادوا» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «نهوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) الثاني.
وجملة «إنهم لكاذبون» لا محلّ لها معطوفة على جملة عادوا .
(29)
(الواو) عاطفة
(قالوا) مثل الأول ،
(إن) حرف نفي(هي) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ
(إلا) أداة حصر
(حياة) خبر مرفوع و (نا) ضمير مضاف إليه
(الدنيا) نعت للحياة مرفوع مثله وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الألف
(الواو) عاطفة
(ما) نافية عاملة عمل ليس
(نحن) ضمير منفصل مبني في محلّ رفع اسم ما
(الباء) زائدة
(مبعوثين) خبر ليس مجرور لفظا منصوب محلا، وعلامة الجر الياء.
وجملة «قالوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جمل عادوا .
وجملة «إن هي إلا حياتنا ... » في محلّ نصب مقول القول.وجملة «ما نحن بمبعوثين» في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
- القرآن الكريم - الأنعام٦ :٢٨
Al-An'am6:28