عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ
عَنِ الۡيَمِيۡنِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِيۡنَ
تفسير ميسر:
فأيُّ دافع دفع هؤلاء الكفرة إلى أن يسيروا نحوك -أيها الرسول- مسرعين، وقد مدُّوا أعناقهم إليك مقبلين بأبصارهم عليك، يتجمعون عن يمينك وعن شمالك حلقًا متعددة وجماعات متفرقة يتحدثون ويتعجبون؟ أيطمع كل واحد من هؤلاء الكفار أن يدخله الله جنة النعيم الدائم؟ ليس الأمر كما يطمعون، فإنهم لا يدخلونها أبدًا. إنَّا خلقناهم مما يعلمون مِن ماء مهين كغيرهم، فلم يؤمنوا، فمن أين يتشرفون بدخول جنة النعيم؟
أي عن يمين النبي صلي الله عليه وسلم وشماله حلقا حلقا وجماعات. والعزين; جماعات في تفرقة, قاله أبو عبيدة. ومنه حديث النبي صلي الله عليه وسلم أنه خرج على أصحابه فرأهم حلقا فقال; (مالي أراكم عزين ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها - قالوا; وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال; يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف) خرجه مسلم وغيره. وقال الشاعر; ترانا عنده والليل داج على أبوابه حلقا عزينا أي متفرقين. وقال الراعي; أخليفة الرحمن إن عشيرتي أمسى سراتهم إليك عزينا أي متفرقين. وقال آخر; كأن الجماجم من وقعها خناطيل يهوين شتى عزينا أي متفرقين. وقال آخر; فلما أن أتين على أضاخ ضرحن حصاه أشتاتا عزينا وقال الكميت; ونحن وجندل باغ تركنا كتائب جندل شتى عزينا وقال عنترة; وقرن قد تركت لذي ولي عليه الطير كالعصب العزين وواحد عزين عزة, جمع بالواو والنون ليكون ذلك عوضا مما حذف منها. وأصلها عزهة, فاعتلت كما اعتلت سنة فيمن جعل أصلها سنهة. وقيل; أصلها عزوة, من عزاه يعزوه إذا أضافه إلى غيره. فكل واحد من الجماعات مضافة إلى الأخرى, والمحذوف منها الواو. وفي الصحاح; "والعزة الفرقة من الناس, والهاء عوض من الياء, والجمع عزى - على فعل - وعزون وعزون أيضا بالضم, ولم يقولوا عزات كما قالوا ثبات". قال الأصمعي; يقال في الدار عزون, أي أصناف من الناس. و "عن اليمين وعن الشمال" متعلق "بمهطعين" ويجوز أن يتعلق "بعزين" على حد قولك; أخذته عن زيد.