إِلٰى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ
اِلٰى رَبِّكَ يَوۡمَٮِٕذِ اۨلۡمُسۡتَقَرُّ
تفسير ميسر:
ليس الأمر كما تتمناه- أيها الإنسان- مِن طلب الفرار، لا ملجأ لك ولا منجى. إلى الله وحده مصير الخلائق يوم القيامة ومستقرهم، فيجازي كلا بما يستحق.
أي المرجع والمصير.
إلى ربك يومئذ المستقر أي المنتهى ; قاله قتادة نظيره وأن إلى ربك المنتهى . وقال ابن مسعود ; إلى ربك المصير والمرجع . قيل ; أي المستقر في الآخرة حيث يقره الله تعالى ; إذ هو الحاكم بينهم . وقيل ; إن كلا من قول الإنسان لنفسه إذا علم أنه ليس له مفر قال لنفسه ; كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر .
يقول تعالى ذكره; ( لا وَزَرَ ) يقول جلّ ثناؤه; ليس هناك فرار ينفع صاحبه، لأنه لا ينجيه فِراره، ولا شيء يلجأ إليه من حصن ولا جبل ولا معقل، من أمر الله الذي قد حضر، وهو الوزر.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله; ( كَلا لا وَزَرَ ) يقول; لا حرز.حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله; ( كَلا لا وَزَرَ ) يعني; لا حصن، ولا ملجأ.حدثني يعقوب، قال; ثنا ابن عُلَية، قال; ثنا إبراهيم بن طريف، قال; سمعت مُطَرِّف بن الشِّخِّير يقرأ; ( لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ) فلما أتى على; ( كَلا لا وَزَرَ ) قال; هو الجبل، إن الناس إذا فرّوا قالوا عليك بالوَزَر.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا عبد الرحمن بن مَهديّ، عن شعبة، عن أدهم، قال; سمعت مُطَرِّفا يقول; ( كَلا لا وَزَرَ ) قال; كلا لا جَبَل.حدثنا نصر بن عليّ الجهضمي، قال; ثني أبي، عن خالد بن قيس، عن قتادة، عن الحسن، قال; ( كَلا لا وَزَرَ ) قال; لا جبل.حدثني يعقوب، قال; ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله; ( كَلا لا وَزَرَ ) قال; كانت العرب تخيف بعضها بعضا، قال; كان الرجلان يكونان في ماشيتهما، فلا يشعران بشيء حتى تأتيهما الخيل، فيقول أحدهما لصاحبه، يا فلان الوَزَر الوَزَر، الجَبَل الجَبَل.حدثني أبو حفص الحيريّ، قال; ثنا مؤمل، قال; ثنا أبو مودود، عن الحسن، في قوله; ( كَلا لا وَزَرَ ) قال; لا جبل.حدثنا محمد بن بشار، قال; ثنا عبد الرحمن، قال; ثنا سفيان، عن أبي مودود، قال; سمعت الحسن فذكر نحوه.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله; ( لا وَزَرَ ) لا ملجَأ ولا جبل.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( كَلا لا وَزَرَ ) لا جبل ولا حِرْز ولا منجى. قال الحسن; كانت العرب في الجاهلية إذا خشوا عدوّا قالوا; عليكم الوزر; أي عليكم الجبل.حدثنا محمد بن عبيد، قال; ثنا ابن المبارك، عن سفيان عن سليمان التيمي، عن شبيب، عن أبي قلابة في قوله; ( كَلا لا وَزَرَ ) قال; لا حصن.حدثنا أحمد بن هشام، قال; ثنا عبيد الله، قال; أخبرنا سفيان، عن سليمان التيمي، عن شبيب، عن أبي قلابة بمثله.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا مهران، عن سفيان، عن سليمان التيمي، عن شبيب، عن أبي قلابة مثله.قال (12) ثنا يحيى بن واضح، قال; ثنا مسلم بن طهمان، عن قتادة، في قوله; ( لا وَزَرَ ) يقول; لا حصن.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( لا وَزَرَ ) قال; لا جبل.حدثنا أبو كُرَيب، قال; ثنا وكيع، عن أبيه، عن مولى للحسن، عن سعيد بن جُبير ( لا وَزَرَ ); لا حصن.قال ثنا وكيع، عن أبي حجير، عن الضحاك; لا حصن.حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; ثنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله; ( كَلا لا وَزَرَ ) يعني; الجبل بلغة حِمْير.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله; ( كَلا لا وَزَرَ ) قال; لا مُتَغَيَّب يُتَغيب فيه من ذلك الأمر، لا منجَى له منه.-----------------الهاومش ;(10) البيت لمهلهل بن ربيعة يرثي أخاه كليب بن ربيعة ( العقد الفريد; في يوم الذنائب ) . وقافيته مختلفة عن رواية المؤلف، وبعد;تِلْـــكَ شَــيْبَان تَقُــولُ لِبَكْــرٍصَــرَّحَ السِّـــرُّ وَبَــانَ السِّـرَارُوبنـــو عِجْـــلٍ تَقُـــولُ لِقَيْسٍوَلِتَيْــمِ الــلاتِ سِــيرُوا فَسَـارُواوفي ( اللسان; فر ) وقوله تعالى; { أين المفر } أين الفرار؟ وقرئ; أين المفر؟ ( بكسر الفاء ) أي; أين موضع الفرار؟ عن الزجاج. وفي معاني القرآن للفراء ( 349 ) وقوله; { أين المفر } بفتح الفاء. وبإسناد ثعلب إلى ابن عباس أنه قرأ; " أين المفر " ( أي بكسر الفاء ) وقال; إنما المفر ( أي بالفتح ) ; مفر الدابة ; حيث تفر. وهما لغتان; المفر والمفر، والمدب والمدب ( أي بفتح الفاء والدال، وبكسرهما ) . ا هـ .(11) وهذا البيت أيضا من شواهد الفراء ( 350 ) وكلامه فيه متمم لكلامه في الشاهد الذي قبله، قال; وما كان; " يفعل " ( المضارع ) فيه مكسورا ( مكسور العين ) مثل; يدب ويفر ويصح، تقول; مفر ومفر، ومصح ومصح، ومدب ومدب، ( أي; بفتح العين وكسرها ) وأنشدني بعضهم; " كأن بقايا الأثر ... " البيت. ينشدونه مدب ( لعله بفتح الدال ) وهو أكثر من مدب.ويقال; جاء على مدب السيل ومدب السيل، وما في قميصه مصح ولا مصح. ا هـ . والأثر، بفتح الهمزة وكسرها وبضمتين على فعل، هو واحد ليس بجمع; فرند السيف ورونقه. والجمع; أثور ( اللسان; أثر ) . ا هـ .(12) لعله قد أسقط صدر السند من هذا الحديث؛ لأنه كالذي قبله.
{ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ } لسائر العباد فليس في إمكان أحد أن يستتر أو يهرب عن ذلك الموضع، بل لا بد من إيقافه ليجزى بعمله،
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة