الرسم العثمانيوَالْمُرْسَلٰتِ عُرْفًا
الـرسـم الإمـلائـيوَالۡمُرۡسَلٰتِ عُرۡفًا
تفسير ميسر:
أقسم الله تعالى بالرياح حين تهب متتابعة يقفو بعضها بعضًا، وبالرياح الشديدة الهبوب المهلكة، وبالملائكة الموكلين بالسحب يسوقونها حيث شاء الله، وبالملائكة التي تنزل من عند الله بما يفرق بين الحق والباطل والحلال والحرام، وبالملائكة التي تتلقى الوحي من عند الله وتنزل به على أنبيائه؛ إعذارًا من الله إلى خلقه وإنذارًا منه إليهم؛ لئلا يكون لهم حجة. إن الذي توعدون به مِن أمر يوم القيامة وما فيه من حساب وجزاء لنازلٌ بكم لا محالة.
سورة المرسلات; قال البخاري ثنا أحمد ثنا عمر بن حفص بن غياث ثنا الأعمش حدثني إبراهيم عن الأسود عن عبدالله - هو ابن مسعود قال; بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار بمنى إذ نزلت عليه والمرسلات فإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه وإن فاه لرطب بها إذ وثبت علينا حية فقال النبي صلى الله عليه وسلم "اقتلوها" فابتدرناها فذهبت فقال النبي صلى الله عليه وسلم "وقيت شركم كما وقيتم شرها" وأخرجه مسلم أيضا من طريق الأعمش وقال الإمام أحمد ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيدالله عن ابن عباس عن أمه أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالمرسلات عرفا وفي رواية مالك عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس أن أم الفضل سمعته يقرأ "والمرسلات عرفا" فقال يا بني أذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لآخر ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في المغرب أخرجاه في الصحيحين من طريق مالك به. قال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا زكريا بن سهل المروزي ثنا علي بن الحسن بن شقيق أنا الحسين بن واقد ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة "والمرسلات عرفا" قال الملائكة وروي عن مسروق وأبي الضحى ومجاهد في إحدى الروايات والسدي والربيع بن أنس مثل ذلك وروى عن أبي صالح أنه قال هي الرسل وفي رواية عنه أنها الملائكة وهكذا قال أبو صالح في العاصفات والناشرات والفارقات والملقيات أنها الملائكة وقال الثوري عن سلمة بن كهيل عن مسلم البطين عن أبي العبيدين قال سألت ابن مسعود عن المرسلات عرفا قال الريح وكذا قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وأبو صالح في رواية عنه وتوقف ابن جرير في "والمرسلات عرفا" هل هي الملائكة إذا أرسلت بالعرف أو كعرف الفرس يتبع بعضهم بعضا أو هي الرياح إذا هبت شيئا فشيئا؟ وقطع بأن العاصفات عصفا الرياح كما قاله ابن مسعود ومن تابعه وممن قال ذلك في العاصفات عصفا أيضا علي بن أبي طالب والسدي وتوقف في الناشرات نشرا هل هي الملائكة أو الريح كما تقدم وعن أبي صالح; أن الناشرات نشرا هي المطر. والأظهر أن المرسلات هي الرياح كما قال تعالى "وأرسلنا الرياح لواقح" وقال تعالى "وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته" وهكذا العاصفات هى الرياح يقال عصفت الرياح إذا هبت بتصويت.
سورة المرسلاتمكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر . وقال ابن عباس وقتادة إلا آية منها ، وهي قوله تعالى ; وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون مدنية . وقال ابن مسعود ; نزلت والمرسلات عرفا على النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن ونحن معه نسير ، حتى أوينا إلى غار بمنى فنزلت ، فبينا نحن نتلقاها منه ، وإن فاه لرطب بها إذ وثبت حية ، فوثبنا عليها لنقتلها فذهبت ; فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ; " وقيتم شرها كما وقيت شركم " . وعن كريب مولى ابن عباس قال ; قرأت سورة والمرسلات عرفا فسمعتني أم الفضل امرأة العباس ، فبكت وقالت ; والله يا بني لقد أذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لآخر ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها في صلاة المغرب . والله أعلم . وهي خمسون آية .بسم الله الرحمن الرحيموالمرسلات عرفا[ ص; 135 ] قوله تعالى ; والمرسلات عرفا جمهور المفسرين على أن المرسلات الرياح . وروى مسروق عن عبد الله قال ; هي الملائكة أرسلت بالمعروف من أمر الله تعالى ونهيه والخبر والوحي . وهو قول أبي هريرة ومقاتل وأبي صالح والكلبي .وقيل ; هم الأنبياء أرسلوا بلا إله إلا الله ; قاله ابن عباس . وقال أبو صالح ; إنهم الرسل ترسل بما يعرفون به من المعجزات . وعن ابن عباس وابن مسعود ; أنها الرياح ; كما قال تعالى ; وأرسلنا الرياح . وقال ; وهو الذي يرسل الرياح . ومعنى عرفا يتبع بعضها بعضا كعرف الفرس ; تقول العرب ; الناس إلى فلان عرف واحد ; إذا توجهوا إليه فأكثروا . وهو نصب على الحال من والمرسلات أي والرياح التي أرسلت متتابعة . ويجوز أن تكون مصدرا أي تباعا . ويجوز أن يكون النصب على تقدير حرف الجر ، كأنه قال ; والمرسلات بالعرف ، والمراد الملائكة أو الملائكة والرسل . وقيل ; يحتمل أن يكون المراد بالمرسلات السحاب ، لما فيها من نعمة ونقمة ، عارفة بما أرسلت فيه ومن أرسلت إليه . وقيل ; إنها الزواجر والمواعظ . و ( عرفا ) على هذا التأويل متتابعات كعرف الفرس ; قاله ابن مسعود . وقيل ; جاريات ; قاله الحسن يعني في القلوب . وقيل ; معروفات في العقول .
اختلف أهل التأويل في معنى قول الله; ( وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا ) فقال بعضهم; معنى ذلك; والرياح المرسلات يتبع بعضها بعضا، قالوا; والمرسَلات; هي الرياح.* ذكر من قال ذلك;حدثنا أبو كُريب، قال; ثنا المحاربي، عن المسعودي، عن سَلَمة بن كهَيل، عن أبي العُبيدين أنه سأل ابن مسعود فقال; ( وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا ) قال; الريح.حدثنا خلاد بن أسلم، قال; ثنا النضر بن شميل، قال; أخبرنا المسعودي، عن سَلَمة بن كهيل، عن أبي العُبيدين أنه سأل عبد الله بن مسعود، فذكر نحوه.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا مهران، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن مسلم، عن أبي العُبيدين، قال; سألت عبد الله بن مسعود، فذكر نحوه.حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله; ( وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا ) يعني; الريح.حدثنا محمد بن المثنى، قال; ثنا عبيد الله بن معاذ، قال; ثني أبي، عن شعبة، عن إسماعيل السدي، عن أبي صالح صاحب الكلبي في قوله; ( وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا ) قال; هي الرياح.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا مهران، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا ) قال; الريح.حدثنا أبو كُريب، قال; ثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.قال; ثنا وكيع، عن سفيان، عن سَلَمة بن كهيل، عن مسلم البطين، عن أبي العُبيدين، قال; سألت عبد الله عن ( المُرْسَلاتِ عُرْفا ) قال; الريح.ثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; ( وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا ) قال; هي الريح.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.وقال آخرون; بل معنى ذلك; والملائكة التي تُرسَل بالعرف.* ذكر من قال ذلك;حدثني أبو السائب، قال; ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، قال; كان مسروق يقول في المرسلات; هي الملائكة.حدثنا إسرائيل بن أبي إسرائيل، قال; أخبرنا النضر بن شميل، قال; ثنا شعبة، عن سليمان، قال; سمعت أبا الضحى، عن مسروق، عن عبد الله في قوله; ( وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا ) قال; الملائكة.حدثنا أبو كُريب، قال; ثنا جابر بن نوح ووكيع عن إسماعيل، عن أبي صالح في قوله; ( وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا ) قال; هي الرسل ترسل بالعُرف.حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري، قال; ثنا محمد بن يزيد، عن إسماعيل، قال; سألت أبا صالح عن قوله; ( وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا ) قال; هي الرسل ترسل بالمعروف؛ قالوا; فتأويل الكلام; والملائكة التي أرسلت بأمر الله ونهيه، وذلك هو العرف.وقال بعضهم; عُني بقوله ( عُرْفا ) ; متتابعا كعرف الفرس، كما قالت العرب; الناس إلى فلان عرف واحد، إذا توجهوا إليه فأكثروا.* ذكر من قال ذلك;حدثت عن داود بن الزبرقان، عن صالح بن بريدة، في قوله; ( عُرْفا ) قال; يتبع بعضها بعضا.والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال; إن الله تعالى ذكره أقسم بالمرسلات عرفا، وقد ترسل عُرْفا الملائكة، وترسل كذلك الرياح، ولا دلالة تدلّ على أن المعنيّ بذلك أحد الحِزْبين دون الآخر، وقد عمّ جلّ ثناؤه بإقسامه بكل ما كانت صفته ما وصف، فكلّ من كان صفته كذلك، فداخل في قسمه ذلك مَلَكا أو ريحا أو رسولا من بني آدم مرسلا.
أقسم تعالى على البعث والجزاء بالأعمال ، بالمرسلات عرفا، وهي الملائكة التي يرسلها الله تعالى بشئونه القدرية وتدبير العالم، وبشئونه الشرعية ووحيه إلى رسله.و { عُرْفًا } حال من المرسلات أي: أرسلت بالعرف والحكمة والمصلحة، لا بالنكر والعبث.
(الواو) واو القسم، وما بعده حروف عطف، والجارّ والمجرور متعلّق بفعل محذوف تقديره أقسم، و (المرسلات) نعت ناب عن منعوته، وكذلك الصفات التالية ،
(عرفا) مصدر في موضع الحال أي متتابعة ،
(العاصفات) معطوف على المرسلات مجرور مثله
(عصفا) مفعول مطلق منصوبـ (الناشرات، الفارقات، الملقيات) أسماء معطوفة على المرسلاتمجرورة مثله
(نشرا، فرقا) مفعول مطلق منصوبـ (ذكرا) مفعول به لاسم الفاعل الملقيات منصوبـ (عذرا) مفعول لأجله منصوب عامله الملقيات ،
(أو) حرف عطف
(ما) موصول في محلّ نصب اسم إنّ
(اللام) المزحلقة للتوكيد.
جملة: «
(أقسم) بالمرسلات ... » لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة: «إنّ ما توعدون لواقع ... » لا محلّ لها جواب القسم.
وجملة: «توعدون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
- القرآن الكريم - المرسلات٧٧ :١
Al-Mursalat77:1