الرسم العثمانييٰٓأَيُّهَا النَّبِىُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ۚ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صٰبِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوٓا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ
الـرسـم الإمـلائـييٰۤـاَيُّهَا النَّبِىُّ حَرِّضِ الۡمُؤۡمِنِيۡنَ عَلَى الۡقِتَالِ ؕ اِنۡ يَّكُنۡ مِّنۡكُمۡ عِشۡرُوۡنَ صَابِرُوۡنَ يَغۡلِبُوۡا مِائَتَيۡنِ ۚ وَاِنۡ يَّكُنۡ مِّنۡكُمۡ مِّائَةٌ يَّغۡلِبُوۡۤا اَ لۡفًا مِّنَ الَّذِيۡنَ كَفَرُوۡا بِاَنَّهُمۡ قَوۡمٌ لَّا يَفۡقَهُوۡنَ
تفسير ميسر:
يا أيها النبي حُثَّ المؤمنين بك على القتال، إن يكن منكم عشرون صابرون عند لقاء العدو يغلبوا مائتين منهم، فإن يكن منكم مائة مجاهدة صابرة يغلبوا ألفًا من الكفار؛ لأنهم قوم لا عِلْم ولا فهم عندهم لما أعدَّ الله للمجاهدين في سبيله، فهم يقاتلون من أجل العلو في الأرض والفساد فيها.
ولهذا قال "يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال" أي حثهم أو مرهم عليه ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرض على القتال عند صفهم ومواجهـة العدو كما قال لأصحابه يوم بدر حين أقبل المشركون في عددهم وعدتهم "قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض". فقال عمير بن الحمام عرضها السموات والأرض؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نعم" فقال بخ بخ فقال "ما يحملك على قولك بخ بخ؟ " قال رجاء أن أكون من أهلها قال "فإنك من أهلها" فتقدم الرجل فكسر جفن سيفه وأخرج تمرات فجعل يأكل منهن ثم ألقى بقيتهن من يده وقال; لئن أنا حييت حتى آكلهن إنها لحياة طويلة ثم تقدم فقاتل حتى قتل رضي الله عنه وقد روي عن سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير أن هذه الآية نزلت حين أسلم عمر بن الخطاب وكمل به الأربعون وفي هذا نظر لأن هذه الآية مدنية وإسلام عمر كان بمكة بعد الهجرة إلى أرض الحبشة وقبل الهجرة إلى المدينة والله أعلم. ثم قال تعالى مبشرا للمؤمنين وآمرا "إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا" كل واحد بعشرة ثم نسخ هذا الأمر وبقيت البشارة. قال عبدالله بن المبارك حدثنا جرير بن حازم حدثني الزبير بن الحريث عن عكرمة عن ابن عباس قال; لما نزلت "إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين" شق ذلك على المسلمين حتى فرض الله عليهم أن لا يفر واحد من عشرة ثم جاء التخفيف.
قوله تعالى يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهونقوله تعالى ياأيها النبي حرض المؤمنين على القتال أي حثهم وحضهم . يقال ; حارض على الأمر وواظب وواصب وأكب بمعنى واحد . والحارض ; الذي قد قارب الهلاك ، ومنه قوله عز وجل ; حتى تكون حرضا أي تذوب غما ، فتقارب الهلاك فتكون من الهالكينإن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين لفظ خبر ، ضمنه وعد بشرط ، لأن معناه إن يصبر منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين . وعشرون وثلاثون وأربعون كل واحد منها اسم موضوع على صورة الجمع لهذا العدد . ويجري هذا الاسم مجرى فلسطين . فإن قال قائل ; لم كسر أول عشرين وفتح أول ثلاثين وما بعده إلى الثمانين إلا ستين ؟ فالجواب عند سيبويه أن عشرين من عشرة بمنزلة اثنين من واحد ، فكسر أول عشرين كما كسر اثنان . والدليل على هذا قولهم ; ستون وتسعون ، كما قيل ; ستة وتسعة . وروى أبو داود عن ابن عباس قال ; نزلت إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين فشق ذلك على المسلمين ، حين فرض الله عليهم ألا يفر واحد من عشرة ،
القول في تأويل قوله ; يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (65)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; (يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال)، حُثَّ متبعيك ومصدِّقيك على ما جئتهم به من الحق، على قتال من أدبر وتولى عن الحق من المشركين (23) =(إن يكن منكم عشرون) رجلا=(صابرون)، عند لقاء العدو, ويحتسبون أنفسهم ويثبتون لعدوهم =(يغلبوا مئتين)، من عدوهم ويقهروهم =(وإن يكن منكم مئة)، عند ذلك (يغلبوا)، منهم (ألفا) =(بأنهم قوم لا يفقهون) ، يقول; من أجل أن المشركين قوم يقاتلون على غير رجاء ثواب، ولا لطلب أجر ولا احتساب، لأنهم لم يفقهوا أن الله مُوجبٌ لمن قاتل احتسابًا، وطلب موعود الله في الميعاد، ما وعد المجاهدين في سبيله, فهم لا يثبتون إذا صدقوا في اللقاء، خشية أن يُقتلوا فتذهب دنياهم.---------------------الهوامش ;(23) انظر تفسير " التحريض " فيما سلف 8 ; 579 .
يقول تعالى لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} أي: حثهم وأنهضهم إليه بكل ما يقوي عزائمهم وينشط هممهم، من الترغيب في الجهاد ومقارعة الأعداء، والترهيب من ضد ذلك، وذكر فضائل الشجاعة والصبر، وما يترتب على ذلك من خير في الدنيا والآخرة، وذكر مضار الجبن، وأنه من الأخلاق الرذيلة المنقصة للدين والمروءة، وأن الشجاعة بالمؤمنين أولى من غيرهم {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ} {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ} أيها المؤمنون {عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} يكون الواحد بنسبة عشرة من الكفار،.وذلك بأن الكفار {قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} أي: لا علم عندهم بما أعد اللّه للمجاهدين في سبيله، فهم يقاتلون لأجل العلو في الأرض والفساد فيها،.وأنتم تفقهون المقصود من القتال، أنه لإعلاء كلمة اللّه وإظهار دينه، والذب عن كتاب اللّه، وحصول الفوز الأكبر عند اللّه،.وهذه كلها دواع للشجاعة والصبر والإقدام على القتال.
(يأيّها النبيّ) مرّ إعرابها ،
(حرّض) فعل أمر، والفاعل أنت
(المؤمنين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء
(إن) حرف شرط جازم
(يكن) مضارع ناقص- ناسخ- مجزوم فعل الشرط
(من) حرفجرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر يكن ،
(عشرون) اسم يكن مؤخّر مرفوع وعلامة الرفع الواو فهو ملحق بجمع المذكّر السالم
(صابرون) نعت لـ (عشرون) مرفوع مثله
(يغلبوا) مضارع مجزوم جواب الشرط وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعلـ (مائتين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء
(الواو) عاطفة
(إن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا) مثل الأولى
(من) حرف جرّ
(الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف نعت لـ (ألفا) ،
(كفروا) فعل ماض وفاعله
(الباء) حرف جرّ للسببيّة
(أنّ) حرف مشبّه بافعل- ناسخ- و (هم) ضمير في محلّ نصب اسم أنّ
(قوم) خبر مرفوع
(لا) نافية
(يفقهون) مضارع مرفوع..
والواو فاعل.
جملة النداء: «يأيّها النبيّ ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «حرّض ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «إن يكن منكم عشرون ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ، أو استئناف في سياق الجواب.
وجملة: «يغلبوا ... » لا محلّ لها جواب الشرط غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «إن يكن منكم مائة» لا محلّ لها معطوفة على جملة إن يكن منكم الأولى.
وجملة: «يغلبوا
(الثانية) لا محلّ لها جواب الشرط غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «كفروا» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .وجملة: «يفقهون» في محلّ رفع نعت لقوم.
والمصدر المؤوّلـ (أنّهم قوم) في محلّ جرّ بالباء متعلّق بـ (يغلبوا) في الموضعين، أي بسبب كونهم جهلة.
- القرآن الكريم - الأنفال٨ :٦٥
Al-Anfal8:65