يٰٓأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ
يٰۤاَيَّتُهَا النَّفۡسُ الۡمُطۡمَٮِٕنَّةُ
تفسير ميسر:
يا أيتها النفس المطمئنة إلى ذِكر الله والإيمان به، وبما أعدَّه من النعيم للمؤمنين، ارجعي إلى ربك راضية بإكرام الله لك، والله سبحانه قد رضي عنك، فادخلي في عداد عباد الله الصالحين، وادخلي معهم جنتي.
وهي الساكنة الثابتة الدائرة مع الحق.
قوله تعالى ; ياأيتها النفس المطمئنة لما ذكر حال من كانت همته الدنيا فاتهم الله في إغنائه ، وإفقاره ، ذكر حال من اطمأنت نفسه إلى الله تعالى . فسلم لأمره ، واتكل عليه . وقيل ; هو من قول الملائكة لأولياء الله - عز وجل - . والنفس المطمئنة " الساكنة الموقنة أيقنت أن الله [ ص; 51 ] ربها ، فأخبتت لذلك قاله مجاهد وغيره . وقال ابن عباس ; أي المطمئنة بثواب الله . وعنه المؤمنة . وقال الحسن ; المؤمنة الموقنة . وعن مجاهد أيضا ; الراضية بقضاء الله ، التي علمت أن ما أخطأها لم يكن ليصيبها ، وأن ما أصابها لم يكن ليخطئها . وقال مقاتل ; الآمنة من عذاب الله . وفي حرف أبي بن كعب ( يأيتها النفس الآمنة المطمئنة ) . وقيل ; التي عملت على يقين بما وعد الله في كتابه . وقال ابن كيسان ; المطمئنة هنا ; المخلصة . وقال ابن عطاء ; العارفة التي لا تصبر عنه طرفة عين . وقيل ; المطمئنة بذكر الله تعالى بيانه الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله . وقيل ; المطمئنة بالإيمان ، المصدقة بالبعث والثواب . وقال ابن زيد ; المطمئنة ; لأنها بشرت بالجنة عند الموت ، وعند البعث ، ويوم الجمع . وروى عبد الله بن بريدة عن أبيه قال ; يعني نفس حمزة . والصحيح أنها عامة في كل نفس مؤمن مخلص طائع .قال الحسن البصري ; إن الله تعالى إذا أراد أن يقبض روح عبده المؤمن ، اطمأنت النفس إلى الله تعالى ، واطمأن الله إليها . وقال عمرو بن العاص ; إذا توفي المؤمن أرسل الله إليه ملكين ، وأرسل معهما تحفة من الجنة ، فيقولان لها ; اخرجي أيتها النفس المطمئنة راضية مرضية ، ومرضيا عنك ، اخرجي إلى روح وريحان ، ورب راض غير غضبان ، فتخرج كأطيب ريح المسك وجد أحد من أنفه على ظهر الأرض . وذكر الحديث . وقال سعيد بن زيد ; قرأ رجل عند النبي - صلى الله عليه وسلم - يا أيتها النفس المطمئنة ، فقال أبو بكر ; ما أحسن هذا يا رسول الله فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ; " إن الملك يقولها لك يا أبا بكر " .وقال سعيد بن جبير ; مات ابن عباس بالطائف ، فجاء طائر لم ير على خلقته طائر قط ، فدخل نعشه ، ثم لم ير خارجا منه ، فلما دفن تليت هذه الآية على شفير القبر - لا يدرى من تلاها - ; يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية . وروى الضحاك أنها نزلت في عثمان بن عفان - رضي الله عنه - حين وقف بئر رومة . وقيل ; نزلت في خبيب بن عدي الذي صلبه أهل مكة ، وجعلوا وجهه إلى المدينة فحول الله وجهه نحو القبلة . والله أعلم .
وقوله; (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةَ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل الملائكة لأوليائه يوم القيامة; يا أيتها النفس المطمئنة، يعني بالمطمئنة; التي اطمأنت إلى وعد الله الذي وعد أهل الإيمان به في الدنيا من الكرامة في الآخرة، فصدّقت بذلك.وقد اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم نحو الذي قلنا فيه.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) يقول; المصدّقة.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) هو المؤمن اطمأنت نفسه إلى ما وعد الله.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة والحسن، في قوله; ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) قال; المطمئنة إلى ما قال الله، والمصدّقة بما قال.وقال آخرون; بل معنى ذلك; المصدّقة الموقِنة بأن الله ربها، المسلمة لأمره فيما هو فاعل بها.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن حميد، قال; ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله; ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) قال; النفس التي أيقنت أن الله ربها، وضربت جأشا لأمره وطاعته.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا عبد الرحمن، قال; ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) قال; أيقنت بأن الله ربها، وضربت لأمره جأشا.حدثنا أبو كُرَيب، قال; ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) قال; المنيبة المخبتة التي قد أيقنت أن الله ربها، وضربت لأمره جأشا.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) قال; أيقنت بأن الله ربها، وضربت لأمره جأشا.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله; ( المُطْمَئِنَّةُ ) قال; المُخبِتة والمطمئنة إلى الله.حدثنا أبو كُرَيب، قال; ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) قال; التي قد أيقنت بأن الله ربها، وضربت لأمره جأشا.حدثني يعقوب، قال; ثنا ابن عُليَّة، قال; ثنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله; ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) قال; المخبِتة.حدثني سعيد بن الرييع الرازيّ، قال; ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد &; 24-424 &; ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) قال; التي أيقنت بلقاء الله، وضربت له جأشا.وُذكر أن ذلك في قراءة أُبيّ( يا أيَّتُها النَّفْسُ الآمِنَةُ ) .* ذكر الرواية بذلك;حدثنا خلاد بن أسلم قال; أخبرنا النضر، عن هارون القاري قال; ثني هلال، عن أبي شيخ الهنائي في قراءة أُبيّ( يا أيَّتُها النَّفْسُ الآمِنَةُ المُطْمَئِنَّةُ ) وقال الكلبي; إن الآمنة في هذا الموضع، يعني به; المؤمنة.وقيل; إن ذلك قول الملك للعبد عند خروج نفسه مبشرة برضا ربه عنه، وإعداده ما أعدّ له من الكرامة عنده.* ذكر من قال ذلك;حدثنا أبو كُرَيب، قال; ثنا ابن يمان، عن جعفر، عن سعيد، قال; قُرئت; ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ *ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً) عند النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر; إن هذا لحسن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم; " أما إنَّ المَلَكَ سَيَقُولُهَا لَكَ عِنْدَ المَوتِ".حدثنا ابن حميد، قال; ثنا مهران، عن سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح ( ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ) قال هذا عند الموت ( فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ) قال هذا يوم القيامة.وقال آخرون في ذلك بما حدثنا به أبو كريب، قال; ثنا ابن يمان، عن أُسامة بن زيد، عن أبيه في قوله; ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ) قال; بُشِّرت بالجنة عند الموت، ويوم الجمع، وعند البعث.
وأما من اطمأن إلى الله وآمن به وصدق رسله، فيقال له: { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ } إلى ذكر الله، الساكنة [إلى] حبه، التي قرت عينها بالله.
(أيّتها) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب، و (ها) للتنبيه
(النفس) بدل من أيّتها- أو عطف بيان- تبعه في الرفع لفظا
(إلى ربّك) متعلّق بـ (ارجعي) ،
(راضية) حال منصوبة من فاعل ارجعي،وكذلك
(مرضيّة) ،
(الفاء) عاطفة
(في عبادي) متعلّق بـ (ادخلي) بحذف مضاف أي في زمرة عبادي..
جملة: «النداء ... » لا محلّ لها استئنافيّة .
وجملة: «ارجعي ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «ادخلي
(الأولى) » لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة: «ادخلي
(الثانية) » لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.