الرسم العثمانيإِنَّمَا يَعْمُرُ مَسٰجِدَ اللَّهِ مَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْءَاخِرِ وَأَقَامَ الصَّلٰوةَ وَءَاتَى الزَّكٰوةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسٰىٓ أُولٰٓئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ
الـرسـم الإمـلائـياِنَّمَا يَعۡمُرُ مَسٰجِدَ اللّٰهِ مَنۡ اٰمَنَ بِاللّٰهِ وَالۡيَوۡمِ الۡاٰخِرِ وَاَ قَامَ الصَّلٰوةَ وَاٰتَى الزَّكٰوةَ وَلَمۡ يَخۡشَ اِلَّا اللّٰهَ فَعَسٰٓى اُولٰۤٮِٕكَ اَنۡ يَّكُوۡنُوۡا مِنَ الۡمُهۡتَدِيۡنَ
تفسير ميسر:
لا يعتني ببيوت الله ويعمرها إلا الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر، ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، ولا يخافون في الله لومة لائم، هؤلاء العُمَّار هم المهتدون إلى الحق.
ولهذا قال تعالى " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر " فشهد تعالى بالإيمان لعمار المساجد كما قال الإمام أحمد; حدثنا شريح حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان "قال تعالى " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر " ورواه الترمذي وابن مردويه والحاكم في مستدركه من حديث عبدالله بن وهب به. وقال عبدالرحمن بن حميد في مسنده حدثنا يونس بن محمد حدثنا صالح المري عن ثابت البناني عن ميمون بن سيارة وجعفر بن زيد عن أنس ابن مالك قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنما عمار المساجد هم أهل الله "ورواه الحافظ أبو بكر البزار عن عبد الواحد بن غياث عن صالح بن بشير المري عن ثابت عن أنس قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما عمار المساجد هم أهل الله. ثم قال; لا نعلم رواه عن ثابت غير صالح وقد روى الدارقطني في الأفراد من طريق حكامة بنت عثمان بن دينار عن أبيها عن أخيه مالك بن دينار عن أنس مرفوعا " إذا أراد الله بقوم عاهة نظر إلى أهل المساجد فصرف عنهم "ثم قال غريب وروى الحافظ البهائي في المستقصى عن أبيه بسنده إلى أبي أميه الطرسوسي حدثنا منصور بن صفير حدثنا صالح المري عن ثابت عن أنس مرفوعا يقول الله; وعزتي وجلالي إني لأهم بأهل الأرض عذابا فإذا نظرت إلى عمار بيوتي وإلى المتحابين في وإلى المستغفرين بالأسحار صرفت ذلك عنهم ثم قال ابن عساكر; حديث غريب وقال الإمام أحمد حدثنا روح حدثنا سعيد عن قتادة حدثنا العلاء بن زياد عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم يأخذ الشاة القاصية والناحية فإياكم والشعاب وعليكم بالجماعة والعامة والمسجد وقال عبدالرازق عن معمر عن أبي إسحق عن عمرو بن ميمون الأودي قال; أدركت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وهم يقولون إن المساجد بيوت الله في الأرض وإنه حق على الله أن يكرم من زاره فيها وقال المسعودي عن حبيب بن أبي ثابت وعدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال; من سمع النداء بالصلاة ثم لم يجب ولم يأت المسجد ويصلي فلا صلاة له وقد عصى الله ورسوله قال الله تعالى " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر " الآية رواه ابن مردويه. وقد روى مرفوعا من وجه آخر وله شواهد من وجوه آخر ليس هذا موضع بسطها. وقوله " وأقام الصلاة " أي التي هي أكبر عبادات البدن " وآتى الزكاة " أي التي هي أفضل الأعمال المتعدية إلى بر الخلائق وقوله " ولم يخش إلا الله " أي ولم يخف إلا من الله تعالى ولم يخش سواه " فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين " قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر " يقول من وحد الله وآمن باليوم الآخر يقول من آمن بما أنزل الله " وأقام الصلاة " يعني الصلوات الخمس " ولم يخش إلا الله " يقول لم يعبد إلا الله ثم قال " فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين " يقول تعالى إن أولئك هم المفلحون كقوله لنبيه صلى الله عليه وسلم " عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا " وهي الشفاعة وكل عسى في القرآن فهي واجبة وقال محمد بن إسحق بن يسار رحمه الله; وعسى من حق الله.
قوله تعالى إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدينفيه ثلاث مسائل ;الأولى ; قوله تعالى إنما يعمر مساجد الله دليل على أن الشهادة لعمار المساجد بالإيمان صحيحة لأن الله سبحانه ربطه بها وأخبر عنه بملازمتها . وقد قال بعض السلف ; إذا رأيتم الرجل يعمر المسجد فحسنوا به الظن . وروى الترمذي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان قال الله تعالى ; إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر . وفي رواية ; يتعاهد المسجد . قال ; حديث حسن غريب . قال ابن العربي ; وهذا في ظاهر الصلاح ليس في مقاطع الشهادات ، فإن الشهادات لها أحوال عند العارفين بها فإن منهم الذكي الفطن المحصل لما يعلم اعتقادا وإخبارا ، ومنهم المغفل ، وكل واحد ينزل على منزلته ويقدر على صفته .الثانية ; قوله تعالى ولم يخش إلا الله إن قيل ; ما من مؤمن إلا وقد خشي غير الله ، [ ص; 28 ] وما زال المؤمنون والأنبياء يخشون الأعداء من غيرهم . قيل له ; المعنى ولم يخش إلا الله مما يعبد ; فإن المشركين كانوا يعبدون الأوثان ويخشونها ويرجونها .جواب ثان ; أي لم يخف في باب الدين إلا الله .الثالثة ; فإن قيل ; فقد أثبت الإيمان في الآية لمن عمر المساجد بالصلاة فيها ، وتنظيفها وإصلاح ما وهى منها ، وآمن بالله . ولم يذكر الإيمان بالرسول فيها ولا إيمان لمن لم يؤمن بالرسول . قيل له ; دل على الرسول ما ذكر من إقامة الصلاة وغيرها لأنه مما جاء به ، فإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة إنما يصح من المؤمن بالرسول ، فلهذا لم يفرده بالذكر .و ( عسى ) من الله واجبة ، عن ابن عباس وغيره . وقيل ; ( عسى ) ; بمعنى ( خليق ) ; أي فخليق أن يكونوا من المهتدين .
القول في تأويل قوله ; إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; (إنما يعمر مساجد الله)، المصدِّق بوحدانية الله, المخلص له العبادة =(واليوم الآخر), يقول; الذي يصدق ببعث الله الموتى أحياءً من قبورهم يوم القيامة (20) =(وأقام الصلاة)، المكتوبة، بحدودها = وأدَّى الزكاة الواجبة عليه في ماله إلى من أوجبها الله له (21) =(ولم يخش إلا الله)، يقول; ولم يرهب عقوبة شيء على معصيته إياه، سوى الله (22) =(فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين)، يقول; فخليق بأولئك الذين هذه صفتهم، أن يكونوا عند الله ممن قد هداه الله للحق وإصابة الصواب. (23)16555- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثنا معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله; (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر)، يقول; من وحَّد الله، وآمن باليوم الآخر. يقول; أقرّ بما أنـزل الله =(وأقام الصلاة)، يعني الصلوات الخمس =(ولم يخش إلا الله)، يقول; ثم لم يعبد إلا الله = قال; (فعسى أولئك)، يقول; إن أولئك هم المفلحون, كقوله لنبيه; عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ، [سورة الإسراء; 79]; يقول; إن ربك سيبعثك مقامًا محمودًا، وهي الشفاعة, وكل " عسى "، في القرآن فهي واجبة.16556- حدثنا ابن حميد قال; حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال; ثم ذكر قول قريش; إنَّا أهلُ الحرم, وسُقاة الحاج, وعُمَّار هذا البيت, ولا أحد أفضل منا! فقال; (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر)، أي; إن عمارتكم ليست على ذلك,(إنما يعمر مساجد الله)، أي; من عمرها بحقها =(من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله) = فأولئك عمارها =(فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين)، و " عسى " من الله حق. (24)-------------------------الهوامش ;(20) انظر تفسير " اليوم الآخر " فيما سلف من فهارس اللغة ( آخر ) .(21) انظر تفسير " إقامة الصلاة " و " إيتاء الزكاة " فيما سلف من فهارس اللغة ( قوم ) ، ( أتى ) .(22) انظر تفسير " الخشية " فيما سلف ص ; 158 ، تعليق ; 3 ، والمراجع هناك .(23) انظر تفسير " عسى " فيما سلف 13 ; 45 ، تعليق 1 ، والمراجع هناك .= وتفسير " الاهتداء " فيما سلف من فهارس اللغة ( هدى ) .(24) الأثر ; 16556 - سيرة ابن هشام 4 ; 192 ، وهو تابع الأثر السالف رقم ; 16539 .
ثم ذكر من هم عمار مساجد اللّه فقال: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ} الواجبة والمستحبة، بالقيام بالظاهر منها والباطن. {وَآتَى الزَّكَاةَ} لأهلها {وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ} أي قصر خشيته على ربه، فكف عما حرم اللّه، ولم يقصر بحقوق اللّه الواجبة. فوصفهم بالإيمان النافع، وبالقيام بالأعمال الصالحة التي أُمُّها الصلاة والزكاة، وبخشية اللّه التي هي أصل كل خير، فهؤلاء عمار المساجد على الحقيقة وأهلها، الذين هم أهلها. {فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} و{عسى} من اللّه واجبة. وأما من لم يؤمن باللّه ولا باليوم الآخر، ولا عنده خشية للّه، فهذا ليس من عمار مساجد اللّه، ولا من أهلها الذين هم أهلها، وإن زعم ذلك وادعاه.
(إنّما) كافّة ومكفوفة
(يعمر) مضارع مرفوع
(مساجد الله) مرّ إعرابها ،
(من) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع فاعلـ (آمن) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد
(بالله) جارّ ومجرور متعلّق بـ (آمن) ،
(الواو) عاطفة
(اليوم) معطوفة على لفظ الجلالة مجرور
(الآخر) نعت لليوم مجرور
(الواو) عاطفة
(أقام) مثل آمن،
(الصلاة) مفعول به منصوبـ (الواو) عاطفة
(آتى الزكاة) مثل أقام الصلاة
(الواو)عاطفة
(لم) حرف نفي وجزم
(يخش) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف حرف العلّة، والفاعل هو (إلّا) أداة حصر
(الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب،
(الفاء) عاطفة
(عسى) فعل ماض ناقص جامد
(أولئك) إشارة في محلّ رفع اسم عسى، و (الكاف) للخطابـ (أن) حرف مصدريّ ونصبـ (يكونوا) مضارع ناقص منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو اسم يكون
(من المهتدين) جارّ ومجرور خبر يكون.
والمصدر المؤوّلـ (أن يكونوا) في محلّ نصب خبر عسى.
جملة: «يعمر ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «آمن ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
وجملة: «أقام ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «آتى ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «لم يخش إلّا الله» لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «عسى أولئك ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يعمر.
وجملة: «يكونوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
- القرآن الكريم - التوبة٩ :١٨
At-Taubah9:18