إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِىَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصٰحِبِهِۦ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلٰى ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
اِلَّا تَـنۡصُرُوۡهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ اللّٰهُ اِذۡ اَخۡرَجَهُ الَّذِيۡنَ كَفَرُوۡا ثَانِىَ اثۡنَيۡنِ اِذۡ هُمَا فِى الۡغَارِ اِذۡ يَقُوۡلُ لِصَاحِبِهٖ لَا تَحۡزَنۡ اِنَّ اللّٰهَ مَعَنَا ۚ فَاَنۡزَلَ اللّٰهُ سَكِيۡنَـتَهٗ عَلَيۡهِ وَاَ يَّدَهٗ بِجُنُوۡدٍ لَّمۡ تَرَوۡهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِيۡنَ كَفَرُوا السُّفۡلٰى ؕ وَكَلِمَةُ اللّٰهِ هِىَ الۡعُلۡيَا ؕ وَاللّٰهُ عَزِيۡزٌ حَكِيۡمٌ
تفسير ميسر:
يا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لا تنفروا معه أيها المؤمنون إذا استَنْفَركم، وإن لا تنصروه؛ فقد أيده الله ونصره يوم أخرجه الكفار من قريش من بلده (مكة)، وهو ثاني اثنين (هو وأبو بكر الصديق رضي الله عنه) وألجؤوهما إلى نقب في جبل ثور "بمكة"، فمكثا فيه ثلاث ليال، إذ يقول لصاحبه (أبي بكر) لما رأى منه الخوف عليه; لا تحزن إن الله معنا بنصره وتأييده، فأنزل الله الطمأنينة في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعانه بجنود لم يرها أحد من البشر وهم الملائكة، فأنجاه الله من عدوه وأذل الله أعداءه، وجعل كلمة الذين كفروا السفلى. وكلمةُ الله هي العليا،، ذلك بإعلاء شأن الإسلام. والله عزيز في ملكه، حكيم في تدبير شؤون عباده. وفي هذه الآية منقبة عظيمة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه.
يقول تعالى " إلا تنصروه " أي تنصروا رسوله فإن الله ناصره ومؤيده وكافيه وحافظه كما تولى نصره " إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين " أي عام الهجرة لما هم المشركين بقتله أو حبسه أو نفيه فخرج منهم هاربا صحبه صديقه وصاحبه أبو بكر بن أبي قحافة فلجأ إلى غار ثور ثلاثة أيام ليرجع الطلب الذين خرجوا في آثارهم ثم يسيروا نحو المدينة فجعل أبو بكر رضي الله عنه يجزع أن يطلع عليهم فيخلص إلى الرسول عليه الصلاة والسلام منهم أذي فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يسكنه ويثبته ويقول " يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما "كما قال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا همام أنبأنا ثابت عن أنس أن أبا بكر حدثه قال; قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ونحن في الغار لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه قال; فقال " يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما " أخرجاه في الصحيحين ولهذا قال تعالى " فأنزل الله سكينته عليه " أي تأييده ونصره عليه أي على الرسول صلى الله عليه وسلم في أشهر القولين وقيل على أبي بكر وروي عن ابن عباس وغيره قالوا; لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم تزل معه سكينة وهذا لا ينافي تجدد سكينة خاصة بتلك الحال ولهذا قال " وأيده بجنود لم تروها " أي الملائكة " وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا " قال ابن عباس; يعني بكلمة الذين كفروا الشرك وكلمة الله هي لا إله إلا الله. وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال; سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله؟ فقال " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " وقوله " والله عزيز " أي في انتقامه وانتصاره منيع الجناب لا يضام من لاذ ببابه واحتمى بالتمسك بخطابه " حكيم " في أقواله وأفعاله.
قوله تعالى إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيمفيه إحدى عشرة مسألة ;الأولى ; قوله تعالى إلا تنصروه يقول ; تعينوه بالنفر معه في غزوة تبوك . عاتبهم الله بعد انصراف نبيه عليه السلام من تبوك . قال النقاش ; هذه أول آية نزلت من سورة ( براءة ) والمعنى ; إن تركتم نصره فالله يتكفل به ، إذ قد نصره الله في مواطن القلة وأظهره على عدوه بالغلبة والعزة . وقيل ; فقد نصره الله بصاحبه في الغار بتأنيسه له وحمله على عنقه ، وبوفائه ووقايته له بنفسه ومواساته له بماله . قال الليث بن سعد ; ما صحب الأنبياء عليهم السلام مثل أبي بكر الصديق . وقال سفيان بن عيينة . خرج أبو بكر بهذه الآية من المعاتبة التي في قوله ; إلا تنصروهالثانية ; قوله تعالى إذ أخرجه الذين كفروا وهو خرج بنفسه فارا ، لكن بإلجائهم إلى ذلك حتى فعله ، فنسب الفعل إليهم ورتب الحكم فيه عليهم ، فلهذا يقتل المكره على القتل ويضمن المال المتلف بالإكراه ، لإلجائه القاتل والمتلف إلى القتل والإتلاف .الثالثة ; قوله تعالى ثاني اثنين أي أحد اثنين . وهذا كثالث ثلاثة ورابع أربعة . فإذا اختلف اللفظ فقلت ; رابع ثلاثة وخامس أربعة ، فالمعنى صير الثلاثة أربعة بنفسه والأربعة خمسة . وهو منصوب على الحال ، أي أخرجوه منفردا من جميع الناس إلا من أبي بكر . [ ص; 75 ] والعامل فيها نصره الله أي نصره منفردا ونصره أحد اثنين . وقال علي بن سليمان ; التقدير فخرج ثاني اثنين ، مثل والله أنبتكم من الأرض نباتا . وقرأ جمهور الناس ثاني بنصب الياء . قال أبو حاتم ; لا يعرف غير هذا . وقرأت فرقة " ثاني " بسكون الياء . قال ابن جني ; حكاها أبو عمرو بن العلاء ووجهه أنه سكن الياء تشبيها لها بالألف . قال ابن عطية ; فهي كقراءة الحسن ما بقي من الربا وكقول جرير ;هو الخليفة فارضوا ما رضي لكم ماضي العزيمة ما في حكمه جنفالرابعة ; قوله تعالى إذ هما في الغار الغار ; ثقب في الجبل ، يعني غار ثور . ولما رأت قريش أن المسلمين قد صاروا إلى المدينة قالوا ; هذا شر شاغل لا يطاق ، فأجمعوا أمرهم على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبيتوه ورصدوه على باب منزله طول ليلتهم ليقتلوه إذا خرج ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب أن ينام على فراشه ، ودعا الله أن يعمي عليهم أثره ، فطمس الله على أبصارهم فخرج وقد غشيهم النوم ، فوضع على رءوسهم ترابا ونهض فلما أصبحوا خرج عليهم علي رضي الله عنه وأخبرهم أن ليس في الدار أحد فعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فات ونجا وتواعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر الصديق للهجرة ، فدفعا راحلتيهما إلى عبد الله بن أرقط . ويقال ابن أريقط ، وكان كافرا لكنهما وثقا به ، وكان دليلا بالطرق فاستأجراه ليدل بهما إلى المدينة ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من خوخة في ظهر دار أبي بكر التي في بني جمح ونهضا نحو الغار في جبل ثور ، وأمر أبو بكر ابنه عبد الله أن يستمع ما يقول الناس ، وأمر مولاه عامر بن فهيرة أن يرعى غنمه ويريحها عليهما ليلا فيأخذ منها حاجتهما . ثم نهضا فدخلا الغار . وكانت أسماء بنت أبي بكر الصديق تأتيهما بالطعام ويأتيهما عبد الله بن أبي بكر بالأخبار ، ثم يتلوهما عامر بن فهيرة بالغنم فيعفي آثارهما . فلما فقدته قريش جعلت تطلبه بقائف معروف بقفاء الأثر ، حتى وقف على الغار فقال ; هنا انقطع الأثر . فنظروا فإذا بالعنكبوت قد نسج على فم الغار من ساعته ، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتله ، فلما رأوا نسج العنكبوت أيقنوا أن لا أحد فيه فرجعوا وجعلوا في النبي صلى الله عليه وسلم مائة ناقة لمن رده عليهم ، الخبر مشهور ، وقصة سراقة بن مالك بن جعشم في ذلك مذكورة . وقد روي من حديث أبي الدرداء وثوبان [ ص; 76 ] رضي الله عنهما ; أن الله عز وجل أمر حمامة فباضت على نسج العنكبوت ، وجعلت ترقد على بيضها ، فلما نظر الكفار إليها ردهم ذلك عن الغار .الخامسة ; روى البخاري عن عائشة قالت ; استأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من بني الديل هاديا خريتا وهو على دين كفار قريش فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال فأتاهما براحلتيهما صبيحة ثلاث فارتحلا وارتحل معهما عامر بن فهيرة والدليل الديلي فأخذ بهم طريق الساحل . قال المهلب ; فيه من الفقه ائتمان أهل الشرك على السر والمال إذا علم منهم وفاء ومروءة كما ائتمن النبي صلى الله عليه وسلم هذا المشرك على سره في الخروج من مكة وعلى الناقتين . وقال ابن المنذر ; فيه استئجار المسلمين الكفار على هداية الطريق . وقال البخاري في ترجمته ; [ باب استئجار المشركين عند الضرورة أو إذا لم يوجد أهل الإسلام ] قال ابن بطال ; إنما قال البخاري في ترجمته [ أو إذا لم يوجد أهل الإسلام ] من أجل أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما عامل أهل خيبر على العمل في أرضها إذ لم يوجد من المسلمين من ينوب منابهم في عمل الأرض ، حتى قوي الإسلام واستغني عنهم أجلاهم عمر . وعامة الفقهاء يجيزون استئجارهم عند الضرورة وغيرها . وفيه ; استئجار الرجلين الرجل الواحد على عمل واحد لهما . وفيه ; دليل على جواز الفرار بالدين خوفا من العدو ، والاستخفاء في الغيران وغيرها ألا يلقي الإنسان بيده إلى العدو توكلا على الله واستسلاما له . ولو شاء ربكم لعصمه مع كونه معهم ولكنها سنة الله في الأنبياء وغيرهم ، ولن تجد لسنة الله تبديلا . وهذا أدل دليل على فساد من منع ذلك وقال ; من خاف مع الله سواه كان ذلك نقصا في توكله ، ولم يؤمن بالقدر . وهذا كله في معنى الآية ، ولله الحمد والهدايةالسادسة ; قوله تعالى إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا هذه الآية تضمنت فضائل الصديق رضي الله عنه . روى أصبغ وأبو زيد عن ابن القاسم عن مالك ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا هو الصديق . فحقق الله تعالى قوله له بكلامه ووصف الصحبة في كتابه . قال بعض العلماء ; من أنكر أن يكون عمر وعثمان أو أحد [ ص; 77 ] من الصحابة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كذاب مبتدع . ومن أنكر أن يكون أبو بكر رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كافر ؛ لأنه رد نص القرآن . ومعنى إن الله معنا أي بالنصر والرعاية والحفظ والكلاءة . روى الترمذي والحارث بن أبي أسامة قالا ; حدثنا عفان قال حدثنا همام قال أخبرنا ثابت عن أنس أن أبا بكر حدثه قال ; قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ونحن في الغار ; لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه ، فقال ; يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما . قال المحاسبي ; يعني معهما بالنصر والدفاع ، لا على معنى ما عم به الخلائق فقال ; ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم . فمعناه العموم أنه يسمع ويرى من الكفار والمؤمنين .السابعة ; قال ابن العربي ; قالت الإمامية قبحها الله ; حزن أبي بكر في الغار دليل على جهله ونقصه وضعف قلبه وخرقه . وأجاب علماؤنا عن ذلك بأن إضافة الحزن إليه ليس بنقص ، كما لم ينقص إبراهيم حين قال عنه ; نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف . ولم ينقص موسى قوله ; فأوجس في نفسه خيفة موسى . قلنا لا تخف . وفي لوط ; ولا تحزن إنا منجوك وأهلك . فهؤلاء العظماء صلوات الله عليهم قد وجدت عندهم التقية نصا ولم يكن ذلك طعنا عليهم ووصفا لهم بالنقص ، وكذلك في أبي بكر . ثم هي عند الصديق احتمال ، فإنه قال ; لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا .جواب ثان ; إن حزن الصديق إنما كان خوفا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يصل إليه ضرر ، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت معصوما وإنما نزل عليه والله يعصمك من الناس بالمدينة .الثامنة ; قال ابن العربي ; قال لنا أبو الفضائل العدل قال لنا جمال الإسلام أبو القاسم قال موسى صلى الله عليه وسلم ; كلا إن معي ربي سيهدين وقال في محمد صلى الله عليه وسلم ; لا تحزن إن الله معنا لا جرم لما كان الله مع موسى وحده ارتد أصحابه بعده ، فرجع من عند ربه ووجدهم يعبدون العجل . ولما قال في محمد صلى الله عليه وسلم لا تحزن إن الله معنا بقي أبو بكر مهتديا موحدا عالما جازما قائما بالأمر ولم يتطرق إليه اختلال .[ ص; 78 ] التاسعة ; خرج الترمذي من حديث نبيط بن شريط عن سالم بن عبيد - له صحبة - قال ; أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . ، الحديث . وفيه ; واجتمع المهاجرون يتشاورون فقالوا ; انطلقوا بنا إلى إخواننا من الأنصار ندخلهم معنا في هذا الأمر . فقالت الأنصار ; منا أمير ومنكم أمير . فقال عمر رضي الله عنه ; من له مثل هذه الثلاث ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا من هما ؟ قال ; ثم بسط يده فبايعه وبايعه الناس بيعة حسنة جميلة .قلت ; ولهذا قال بعض العلماء ; في قوله تعالى ; ثاني اثنين إذ هما في الغار ما يدل على أن الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه ؛ لأن الخليفة لا يكون أبدا إلا ثانيا . وسمعت شيخنا الإمام أبا العباس أحمد بن عمر يقول ; إنما استحق الصديق أن يقال له ثاني اثنين لقيامه بعد النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر ، كقيام النبي صلى الله عليه وسلم به أولا . وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات ارتدت العرب كلها ، ولم يبق الإسلام إلا بالمدينة ومكة وجواثا ، فقام أبو بكر يدعو الناس إلى الإسلام ويقاتلهم على الدخول في الدين كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فاستحق من هذه الجهة أن يقال في حقه " ثاني اثنين " .قلت ; وقد جاء في السنة أحاديث صحيحة ، يدل ظاهرها على أنه الخليفة بعده ، وقد انعقد الإجماع على ذلك ولم يبق منهم مخالف . والقادح في خلافته مقطوع بخطئه وتفسيقه . وهل يكفر أم لا ، يختلف فيه ، والأظهر تكفيره . وسيأتي لهذا المعنى مزيد بيان في سورة ( الفتح ) إن شاء الله . والذي يقطع به من الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة ويجب أن تؤمن به القلوب والأفئدة فضل الصديق على جميع الصحابة . ولا مبالاة بأقوال أهل الشيع ولا أهل البدع ، فإنهم بين مكفر تضرب رقبته ، وبين مبتدع مفسق لا تقبل كلمته . ثم بعد الصديق ، عمر الفاروق ، ثم بعده عثمان . روى البخاري عن ابن عمر قال ; كنا نخير بين الناس في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر ثم عمر ثم عثمان . واختلف أئمة أهل السلف في عثمان وعلي ، فالجمهور منهم على تقديم عثمان . وروي عن مالك أنه توقف في ذلك . وروي عنه أيضا أنه رجع إلى ما عليه الجمهور . وهو الأصح إن شاء الله .[ ص; 79 ] العاشرة ; قوله تعالى فأنزل الله سكينته عليه فيه قولان ; أحدهما ; على النبي صلى الله عليه وسلم . والثاني ; على أبي بكر . ابن العربي ; قال علماؤنا ; وهو الأقوى ؛ لأنه خاف على النبي صلى الله عليه وسلم من القوم فأنزل الله سكينته عليه بتأمين النبي صلى الله عليه وسلم ، فسكن جأشه وذهب روعه وحصل الأمن وأنبت الله سبحانه ثمامة ، وألهم الوكر هناك حمامة وأرسل العنكبوت فنسجت بيتا عليه . فما أضعف هذه الجنود في ظاهر الحس وما أقواها في باطن المعنى ولهذا المعنى قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر حين تغامر مع الصديق ; هل أنتم تاركو لي صاحبي إن الناس كلهم قالوا كذبت وقال أبو بكر صدقت رواه أبو الدرداء .الحادية عشرة ; قوله تعالى وأيده بجنود لم تروها أي من الملائكة . والكناية في قوله وأيده ترجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم . والضميران يختلفان ، وهذا كثير في القرآن وفي كلام العرب .وجعل كلمة الذين كفروا السفلى أي كلمة الشرك . وكلمة الله هي العليا قيل ; لا إله إلا الله . وقيل ; وعد النصر . وقرأ الأعمش ويعقوب " وكلمة الله " بالنصب حملا على ( جعل ) والباقون بالرفع على الاستئناف . وزعم الفراء أن قراءة النصب بعيدة ، قال ; لأنك تقول أعتق فلان غلام أبيه ، ولا تقول غلام أبي فلان . وقال أبو حاتم نحوا من هذا . قال ; كان يجب أن يقال وكلمته هي العليا . قال النحاس ; الذي ذكره الفراء لا يشبه الآية ، ولكن يشبهها ما أنشد سيبويه ;لا أرى الموت يسبق الموت شيء نغص الموت ذا الغنى والفقيرافهذا حسن جيد لا إشكال فيه ، بل يقول النحويون الحذاق ; في إعادة الذكر في مثل هذا فائدة وهي أن فيه معنى التعظيم ، قال الله تعالى ; إذا زلزلت الأرض زلزالها . وأخرجت الأرض أثقالها فهذا لا إشكال فيه . وجمع الكلمة كلم . وتميم تقول ; هي كلمة بكسر الكاف . وحكى الفراء فيها ثلاث لغات ; كلمة وكلمة وكلمة مثل كبد وكبد وكبد ، وورق وورق وورق . والكلمة أيضا القصيدة بطولها ، قاله الجوهري .
القول في تأويل قوله ; إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَاقال أبو جعفر; وهذا إعلامٌ من الله أصحابَ رسوله صلى الله عليه وسلم أنّه المتوكّل بنصر رسوله على أعداء دينه وإظهاره عليهم دونهم, أعانوه أو لم يعينوه, = وتذكيرٌ منه لهم فعلَ ذلك به, وهو من العدد في قلة، والعدوُّ في كثرة, فكيف به وهو من العدد في كثرة، والعدو في قلة؟يقول لهم جل ثناؤه; إلا تنفروا، أيها المؤمنون، مع رسولي إذا استنفركم فتنصروه, فالله ناصره ومعينه على عدوّه ومغنيه عنكم وعن معونتكم ونصرتكم; كما نصره =(إذ أخرجه الذين كفروا)، بالله من قريش من وطنه وداره =(ثاني اثنين)، يقول; أخرجوه وهو أحد الاثنين، أي; واحد من الاثنين.* * *وكذلك تقول العرب; " هو ثاني اثنين " يعني; أحد الاثنين, و " ثالث ثلاثة, ورابع أربعة ", يعني; أحد الثلاثة, وأحد الأربعة. وذلك خلاف قولهم; " هو أخو ستة، وغلام سبعة ", لأن " الأخ "، و " الغلام " غير الستة والسبعة, " وثالث الثلاثة "، أحد الثلاثة.* * *وإنما عنى جل ثناؤه بقوله; (ثاني اثنين)، رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه, لأنهما كانا اللذين خرجَا هاربين من قريش إذ همُّوا بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم واختفيا في الغار.* * *وقوله; (إذ هما في الغار)، يقول; إذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رحمة الله عليه، في الغار.* * *و " الغار "، النقب العظيم يكون في الجبل.* * *=(إذ يقول لصاحبه)، يقول; إذ يقول رسول الله لصاحبه أبي بكر، (لا تحزن)، وذلك أنه خافَ من الطَّلَب أن يعلموا بمكانهما, فجزع من ذلك, فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم; " لا تحزن "، لأن الله معنا والله ناصرنا, (33)فلن يعلم المشركون بنا ولن يصلوا إلينا.يقول جل ثناؤه; فقد نصره الله على عدوه وهو بهذه الحال من الخوف وقلة العدد, فكيف يخذله ويُحْوِجه إليكم، وقد كثَّر الله أنصاره, وعدد جنودِه؟* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;16725- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد; (إلا تنصروه)، ذكر ما كان في أول شأنه حين بعثَه. يقول الله; فأنا فاعلٌ ذلك به وناصره، كما نصرته إذ ذاك وهو ثاني اثنين.16726- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد قوله; (إلا تنصروه فقد نصره الله)، قال; ذكر ما كان في أول شأنه حين بُعثَ, فالله فاعلٌ به كذلك، ناصره كما نصره إذ ذاك (ثانيَ اثنين إذ هما في الغار).16727- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله; (إلا تنصروه فقد نصره الله)، الآية, قال; فكان صاحبَه أبو بكر، وأما " الغار "، فجبل بمكة يقال له; " ثَوْر ".16728- حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد قال، حدثني أبي قال، حدثنا أبان العطار قال، حدثنا هشام بن عروة, عن عروة قال; لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه, وكان لأبي بكر مَنِيحةٌ من غَنَم تروح على أهله, (34) فأرسل أبو بكر عامر بن فهيرة في الغنم إلى ثور. وكان عامر بن فهيرةَ يروح بتلك الغنم على النبي صلى الله عليه وسلم بالغار في ثور, وهو " الغار " الذي سماه الله في القرآن. (35)16729- حدثني يعقوب بن إبراهيم بن جبير الواسطي قال، حدثنا عفان وحَبَّان قالا حدثنا همام, عن ثابت، عن أنس, أن أبا بكر رضي الله عنه حدَّثهم قال; بينا أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار وأقدامُ المشركين فوق رؤوسنا, فقلت; يا رسول الله, لو أن أحدهم رفع قَدَمَه أبصرنا! فقال; يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ (36)16730- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, عن شريك, عن إبراهيم بن مهاجر, عن مجاهد قال; مكث أبو بكر مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاثًا.16731- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن الزهري; (إذ هما في الغار)، قال; في الجبل الذي يسمَّى ثورًا, مكث فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ثلاث ليالٍ.16732- حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب, قال; أخبرني عمرو بن الحارث, عن أبيه; أن أبا بكر الصديق رحمة الله تعالى عليه حين خطب قال; أيُّكم يقرأ " سورة التوبة "؟ (37) قال رجل; أنا. قال; اقرأ. فلما بلغ; (إذ يقول لصاحبه لا تحزن)، بكى أبو بكر وقال; أنا والله صاحبُه. (38)* * *القول في تأويل قوله تعالى; فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌقال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; فأنـزل الله طمأنينته وسكونه على رسوله (39) = وقد قيل; على أبي بكر =(وأيده بجنود لم تروها)، يقول; وقوّاه بجنودٍ من عنده من الملائكة، لم تروها أنتم (40) =(وجعل كلمة الذين كفروا)، وهي كلمة الشرك =(السُّفْلى)، لأنها قُهِرَت وأذِلَّت، وأبطلها الله تعالى، ومحق أهلها, وكل مقهور ومغلوب فهو أسفل من الغالب، والغالب هو الأعلى =(وكلمة الله هي العليا)، يقول; ودين الله وتوحيده وقولُ لا إله إلا الله, وهي كلمتُه =(العليا)، على الشرك وأهله, الغالبةُ، (41) كما;-16733- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله; (وجعل كلمة الذين كفروا السفلى)، وهي; الشرك بالله =(وكلمة الله هي العليا)، وهي; لا إله إلا الله.* * *وقوله; (وكلمة الله هي العليا)، خبر مبتدأ، غيرُ مردودٍ على قوله; (وجعل كلمة الذين كفروا السفلى)، لأن ذلك لو كان معطوفًا على " الكلمة " الأولى، لكان نصبًا. (42)* * *وأما قوله; (والله عزيز حكيم)، فإنه يعني; (والله عزيز)، في انتقامه من أهل الكفر به, لا يقهره قاهر، ولا يغلبه غالب، ولا ينصر من عاقبه ناصر =(حكيم)، في تدبيره خلقَه، وتصريفه إياهم في مشيئته. (43)------------------------الهوامش;(33) انظر تفسير "مع" فيما سلف ص ; 240 ، تعليق ; 2، والمراجع هناك.(34) " المنيحة" ، شاة أو ناقة يعيرها الرجل أخاه، يحتلبها وينتفع بلبنها سنة، ثم يردها إليه.(35) الأثر; 16728 - هذا جزء من كتاب عروة بن الزبير إلى عبد الملك بن مروان، والذي خرجته فيما سلف برقم ; 16083 ، ومواضع أخرى كثيرة. وهذا الجزء من الكتاب في تاريخ الطبري 2 ; 246.(36) الأثر ; 16729 - " يعقوب بن إبراهيم بن جبير الواسطي" ، شيخ الطبري ، لم أجد له ترجمة في غير الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 4 2 302 .و "عفان" هو "عفان بن مسلم بن عبد الله الصفار"، ثقة، من شيوخ أحمد والبخاري، مضى برقم ; 5392 .و "حبان"، هو "حبان بن هلال الباهلي" ، ثقة، روى له الجماعة. مضى برقم ; 5472 . " حبان " بفتح الحاء لا بكسرها.و "همام" هو "همام بن يحيى بن دينار الأزدي" ، ثقة روى له الجماعة ، مضى مرارًا، آخرها; 16306.و "ثابت" هو "ثابت بن أسلم البناني" ، ثقة روى له الجماعة، مضى برقم ; 2942 ، 7030 .وهذا الخبر رواه من طريق عفان بن مسلم، ابن سعد في الطبقات 3 1 123 ، وأحمد في مسنده رقم ; 11، والترمذي في تفسير الآية.ورواه من طريق حبان بن هلال، البخاري في صحيحه ( الفتح 8 ; 245 ) ، ومسلم في صحيحه 15 ; 149 .ورواه البخاري من طريق محمد بن سنان ، عن هلال في صحيحه (الفتح 7 ; 9) .وقال الترمذي; "هذا حديث صحيح غريب، إنما يروى من حديث همام . وقد روى هذا الحديث حبان بن هلال ، وغير واحد ، عن همام ، نحو هذا " .وخرجه السيوطي في الدر 3 ; 242 ، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة ، وأبي عوانة ، وابن حبان ، وابن المنذر ، وابن مردويه.(37) في المخطوطة; "سورة البقرة" ، وهو خطأ أبين من أن يدل على تصحيحه.(38) الأثر ; 16732 - " عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري المصري"، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم ; 5973 .وأبوه "الحارث بن يعقوب بن ثعلبة، أو ; ابن عبد الله ، الأنصاري المصري". ثقة. مترجم في التهذيب ، والكبير 1 2 282 ، وابن أبي حاتم 1 2 93.(39) انظر تفسير "السكينة" فيما سلف ص ; 189، تعليق; 1 ، والمراجع هناك.(40) انظر تفسير " التأييد " فيما سلف ص ; 44 ، تعليق ; 3 ، والمراجع هناك.(41) انظر تفسير "الأعلى" فيما سلف 7 ; 234.(42) انظر تفصيل ذلك في معاني القرآن للفراء 1; 438 ، وهو فصل جيد واضح.(43) انظر تفسير "عزيز" و "حكيم"، فيما سلف من فهارس اللغة (عزز) ، (حكم).
أي: إلا تنصروا رسوله محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاللّه غني عنكم، لا تضرونه شيئا، فقد نصره في أقل ما يكون وأذلة {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} من مكة لما هموا بقتله، وسعوا في ذلك، وحرصوا أشد الحرص، فألجؤوه إلى أن يخرج. {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} أي: هو وأبو بكر الصديق رضي اللّه عنه. {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} أي: لما هربا من مكة، لجآ إلى غار ثور في أسفل مكة، فمكثا فيه ليبرد عنهما الطلب. فهما في تلك الحالة الحرجة الشديدة المشقة، حين انتشر الأعداء من كل جانب يطلبونهما ليقتلوهما، فأنزل اللّه عليهما من نصره ما لا يخطر على البال. {إِذْ يَقُولُ} النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ {لِصَاحِبِهِ} أبي بكر لما حزن واشتد قلقه، {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} بعونه ونصره وتأييده. {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} أي: الثبات والطمأنينة، والسكون المثبتة للفؤاد، ولهذا لما قلق صاحبه سكنه وقال {لا تحزن إن اللّه معنا} {وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا} وهي الملائكة الكرام، الذين جعلهم اللّه حرسا له، {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى} أي: الساقطة المخذولة، فإن الذين كفروا قد كانوا على حرد قادرين، في ظنهم على قتل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وأخذه، حنقين عليه، فعملوا غاية مجهودهم في ذلك، فخذلهم اللّه ولم يتم لهم مقصودهم، بل ولا أدركوا شيئا منه. ونصر اللّه رسوله بدفعه عنه، وهذا هو النصر المذكور في هذا الموضع، فإن النصر على قسمين: نصر المسلمين إذا طمعوا في عدوهم بأن يتم اللّه لهم ما طلبوا، وقصدوا، ويستولوا على عدوهم ويظهروا عليهم. والثاني نصر المستضعف الذي طمع فيه عدوه القادر، فنصر اللّه إياه، أن يرد عنه عدوه، ويدافع عنه، ولعل هذا النصر أنفع النصرين، ونصر اللّه رسوله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين من هذا النوع. وقوله {وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا} أي كلماته القدرية وكلماته الدينية، هي العالية على كلمة غيره، التي من جملتها قوله: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} فدين اللّه هو الظاهر العالي على سائر الأديان، بالحجج الواضحة، والآيات الباهرة والسلطان الناصر. {وَاللَّهُ عَزِيزٌ} لا يغالبه مغالب، ولا يفوته هارب، {حَكِيمٌ} يضع الأشياء مواضعها، وقد يؤخر نصر حزبه إلى وقت آخر، اقتضته الحكمة الإلهية. وفي هذه الآية الكريمة فضيلة أبي بكر الصديق بخصيصة لم تكن لغيره من هذه الأمة، وهي الفوز بهذه المنقبة الجليلة، والصحبة الجميلة، وقد أجمع المسلمون على أنه هو المراد بهذه الآية الكريمة، ولهذا عدوا من أنكر صحبة أبي بكر للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كافرًا، لأنه منكر للقرآن الذي صرح بها. وفيها فضيلة السكينة، وأنها من تمام نعمة اللّه على العبد في أوقات الشدائد والمخاوف التي تطيش بها الأفئدة، وأنها تكون على حسب معرفة العبد بربه، وثقته بوعده الصادق، وبحسب إيمانه وشجاعته. وفيها: أن الحزن قد يعرض لخواص عباد الله الصديقين، مع أن الأولى ـ إذا نزل بالعبد ـ أن يسعى في ذهابه عنه، فإنه مضعف للقلب، موهن للعزيمة.
(إلّا تنصروا) مثل إلّا تنفروا ، و (الهاء) ضمير مفعول به
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(قد) حرف تحقيق
(نصر) فعل ماض و (الهاء) مثل الأولـ (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع
(إذ) ظرف للزمن الماضي مبنيّ في محلّ نصب متعلّق بـ (نصره) ،
(أخرجه) مثل نصره، والفاعل هو اسم الموصولـ (الذين) في محلّ رفع،
(كفروا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعلـ (ثاني) حال منصوبة من ضمير الغائب في(أخرجه) ،
(اثنين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء
(إذ) مثل الأول وبدل منه
(هما) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(في الغار) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر
(إذ) مثل الأول وبدل من الثاني
(يقول)مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي النبيّ عليه السلام
(لصاحب) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يقول) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه
(لا) ناهية جازمة
(تحزن) مضارع مجزوم، والفاعل أنت
(إنّ) حرف مشبّه بالفعل- ناسخ-
(الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوبـ (مع) ظرف منصوب متعلّق بمحذوف خبر إنّ و (نا) ضمير مضاف إليه.
(الفاء) استئنافيّة
(أنزل) مثل نصر
(الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع
(سكينة) مفعول به منصوب و (الهاء ضمير مضاف إليه
(على) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (أنزل) والضمير في(عليه) يعود على أبي بكر
(الواو) عاطفة
(أيّد) مثل نصر و (الهاء) ضمير مفعول به ويعود إلى الرسول عليه السلام
(الجنود) جارّ ومجرور متعلّق بـ (أيّد) ،
(لم) حرف نفي وجزم
(تروا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل و (ها) ضمير مفعول به
(الواو) عاطفة
(جعل) مثل نصر، والفاعل هو (كلمة) مفعول به منصوبـ (الذين) موصول في محلّ جرّ مضاف إليه
(كفروا) مثل الأولـ (السفلى) مفعول به ثان منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة.
(الواو) استئنافيّة
(كلمة) مبتدأ مرفوع
(الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور
(هي) ضمير فصل ،
(العليا) خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف
(الواو) استئنافيّة
(الله عزيز) مثل الله قدير ،
(حكيم) خبر ثان مرفوع.جملة: «إلّا تنصروه ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «قد نصره الله» لا محلّ لها تعليليّة لجملة الجواب المحذوفة، والتقدير إلّا تنصروه فسوف ينصره الله لأنّ الله قد نصره ...وجملة: «أخرجه الذين ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «كفروا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «هما في الغار» في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «يقول ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «لا تحزن» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «إنّ الله معنا» لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «أنزل الله ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أيّده ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة أنزل.
وجملة: «لم تروها» في محلّ جرّ نعت لجنود.
وجملة: «جعل ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة أنزل الله.
وجملة: «كفروا
(الثانية) » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الثاني.
وجملة: «كلمة الله ... العليا» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «الله عزيز ... » لا محلّ لها استئنافيّة.