الرسم العثمانيثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ
الـرسـم الإمـلائـيثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا وَتَوَاصَوۡا بِالصَّبۡرِ وَتَوَاصَوۡا بِالۡمَرۡحَمَةِ
تفسير ميسر:
ثم كان مع فِعْل ما ذُكر من أعمال الخير من الذين أخلصوا الإيمان لله، وأوصى بعضهم بعضًا بالصبر على طاعة الله وعن معاصيه، وتواصوا بالرحمة بالخلق.
وقوله تعالى "ثم كان من الذين آمنوا" أي ثم هو مع هذه الأوصاف الجميلة الطاهرة مؤمن بقلبه محتسب ثواب ذلك عند الله عز وجل كما قال تعالى "ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا" وقال تعالى "من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن" الآية وقوله تعالى "وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة" أي كان من المؤمنين العاملين صالحا المتواصين بالصبر على أذى الناس وعلى الرحمة بهم كما جاء في الحديث الشريف "الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرضى يرحمكم من في السماء" وفي الحديث الآخر "لا يرحم الله من لا يرحم الناس" وقال أبو داود حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن ابن عامر عن عبدالله بن عمرو يرويه قال; من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا.
قوله تعالى ; ثم كان من الذين آمنوا يعني ; أنه لا يقتحم العقبة من فك رقبة ، أو أطعم في يوم ذا مسغبة ، حتي يكون من الذين آمنوا أي صدقوا ، فإن شرط قبول الطاعات الإيمان بالله . فالإيمان بالله بعد الإنفاق لا ينفع ، بل يجب أن تكون الطاعة مصحوبة بالإيمان ، قال الله تعالى في المنافقين ; وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله . وقالت عائشة ; يا رسول الله ، إن ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ، ويطعم الطعام ، ويفك العاني ، ويعتق الرقاب ، ويحمل على إبله لله ، فهل ينفعه ذلك شيئا ؟ قال ; " لا ، إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين " . وقيل ; ثم كان من الذين آمنوا أي فعل هذه الأشياء وهو مؤمن ، ثم بقي على إيمانه حتى الوفاة نظيره قوله تعالى ; وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى . وقيل ; المعنى ثم كان من الذين [ ص; 64 ] يؤمنون بأن هذا نافع لهم عند الله تعالى . وقيل ; أتى بهذه القرب لوجه الله ، ثم آمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وقد قال حكيم بن حزام بعدما أسلم ، يا رسول الله ، إنا كنا نتحنث بأعمال في الجاهلية ، فهل لنا منها شيء ؟ فقال - عليه السلام - ; " أسلمت على ما أسلفت من الخير " . وقيل ; إن ثم بمعنى الواو أي وكان هذا المعتق الرقبة ، والمطعم في المسغبة ، من الذين آمنوا .وتواصوا أي أوصى بعضهم بعضا .بالصبر أي بالصبر على طاعة الله ، وعن معاصيه وعلى ما أصابهم من البلاء والمصائب .وتواصوا بالمرحمة بالرحمة على الخلق فإنهم إذا فعلوا ذلك رحموا اليتيم والمسكين .
القول في تأويل قوله تعالى ; ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17)يقول تعالى ذكره; ثم كان هذا الذي قال; أَهْلَكْتُ مَالا لُبَدًا من الذين آمنوا بالله ورسوله، فيؤمن معهم كما آمنوا( وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) يقول; وممن أوصى بعضهم بعضا بالصبر على ما نابهم في ذات الله ( وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ) يقول; وأوصى بعضهم بعضًا بالمرحمة.كما حدثنا محمد بن سنان والقزّاز، قال; ثنا أبو عاصم عن شبيب، عن عكرِمة، عن ابن عباس ( وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ) قال; مَرْحَمة الناس.
{ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا } أي: آمنوا بقلوبهم بما يجب الإيمان به، وعملوا الصالحات بجوارحهم. من كل قول وفعل واجب أو مستحب. { وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } على طاعة الله وعن معصيته، وعلى أقدار المؤلمة بأن يحث بعضهم بعضًا على الانقياد لذلك، والإتيان به كاملًا منشرحًا به الصدر، مطمئنة به النفس.{ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ } للخلق، من إعطاء محتاجهم، وتعليم جاهلهم، والقيام بما يحتاجون إليه من جميع الوجوه، ومساعدتهم على المصالح الدينية والدنيوية، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - البلد٩٠ :١٧
Al-Balad90:17