فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ
فَاَمَّا الۡيَتِيۡمَ فَلَا تَقۡهَرۡؕ
تفسير ميسر:
فأما اليتيم فلا تُسِئْ معاملته، وأما السائل فلا تزجره، بل أطعمه، واقض حاجته، وأما بنعمة ربك التي أسبغها عليك فتحدث بها.
ثم قال تعالى "فأما اليتيم فلا تقهر" أي كما كنت يتيما فآواك الله فلا تقهر اليتيم أي لا تذله وتنهره وتهنه ولكن أحسن إليه وتلطف به قال قتادة كن لليتيم كالأب الرحيم.
قوله تعالى ; فأما اليتيم فلا تقهر أي لا تسلط عليه بالظلم ، ادفع إليه حقه ، واذكر يتمك قال الأخفش . وقيل ; هما لغتان ; بمعنى . وعن مجاهد فلا تقهر فلا تحتقر . وقرأ النخعي والأشهب العقيلي ( تكهر ) بالكاف ، وكذا هو في مصحف ابن مسعود . فعلى هذا يحتمل أن يكون نهيا عن قهره ، بظلمه وأخذ ماله . وخص اليتيم ; لأنه لا ناصر له غير الله تعالى فغلظ في أمره ، بتغليظ العقوبة على ظالمه . والعرب تعاقب بين الكاف والقاف . النحاس ; وهذا غلط ، إنما يقال كهره ; إذا اشتد عليه وغلظ . وفي صحيح مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي ، حين تكلم في الصلاة برد السلام ، قال ; فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه - يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوالله ما كهرني ، ولا ضربني ، ولا شتمني . . . الحديث . وقيل ; القهر الغلبة . والكهر ; الزجر .ودلت الآية على اللطف باليتيم ، وبره والإحسان إليه حتى قال قتادة ; كن لليتيم كالأب الرحيم . وروي عن أبي هريرة أن رجلا شكا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قسوة قلبه فقال ; " إن أردت أن يلين ، فامسح رأس اليتيم ، وأطعم المسكين " . وفي الصحيح عن أبي هريرة ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ; أنا وكافل اليتيم له أو لغيره كهاتين ، وأشار بالسبابة والوسطى .ومن [ ص; 89 ] حديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ; " إن اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن ، فيقول الله تعالى لملائكته ; يا ملائكتي ، من ذا الذي أبكى هذا اليتيم الذي غيبت أباه في التراب ، فتقول الملائكة ربنا أنت أعلم ، فيقول الله تعالى لملائكته ; يا ملائكتي ، اشهدوا أن من أسكته وأرضاه ؟ أن أرضيه يوم القيامة " . فكان ابن عمر إذا رأى يتيما مسح برأسه ، وأعطاه شيئا . وعن أنس قال ; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; من ضم يتيما فكان في نفقته ، وكفاه مؤونته ، كان له حجابا من النار يوم القيامة ، ومن مسح برأس يتيم كان له بكل شعرة حسنة . وقال أكثم بن صيفي ; الأذلاء أربعة ; النمام ، والكذاب ، والمديون ، واليتيم .
القول في تأويل قوله تعالى ; فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (9)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; ( فَأَمَّا الْيَتِيمَ ) يا محمد ( فَلا تَقْهَرْ ) يقول; فلا تظلمه، فتذهب بحقه، استضعافًا منك له.كما حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا &; 24-489 &; تَقْهَرْ ) ; أي لا تظلم.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ) قال; تُغْمِصْه وَتحْقِره . وذُكر أن ذلك في مصحف عبد الله ( فَلا تَكْهَرْ ).
{ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ } أي: لا تسيء معاملة اليتيم، ولا يضق صدرك عليه، ولا تنهره، بل أكرمه، وأعطه ما تيسر، واصنع به كما تحب أن يصنع بولدك من بعدك.
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر
(أمّا) حرف شرط وتفصيلـ (اليتيم) مفعول به مقدّم عامله
(تقهر) ،
(الفاء) رابطة لجواب أمّا
(لا) ناهية جازمة
(الواو) عاطفة في الموضعين
(أمّا السائل فلا تنهر) مثل أمّا اليتيم فلا تقهر،
(بنعمة) متعلّق بـ (حدّث) ولا تمنع الفاء ذلك ..
جملة: «جملة الشرط أمّا وجوابه» لا محلّ لها جواب شرط مقدّر أي إذاكان حالك كذلك يتما وضلالا وفقرا فمهما يكن الأمر فلا تقهر اليتيم ...وجملتا الشرط وجواباهما التاليتان معطوفتان على الجملة الأولى.
وجملة: «تقهر ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «تنهر ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «حدّث ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.