الرسم العثمانيإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا
الـرسـم الإمـلائـياِنَّ مَعَ الۡعُسۡرِ يُسۡرًا ؕ
تفسير ميسر:
فلا يثنك أذى أعدائك عن نشر الرسالة؛ فإن مع الضيق فرجًا، إن مع الضيق فرجًا.
إن مع العسر يسراوقوله تعالى " فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا " أخبر تعالى أن مع العسر يوجد اليسر ثم أكد هذا الخبر . قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا محمود بن غيلان حدثنا حميد بن حماد بن أبي خوار أبو الجهم حدثنا عائذ بن شريح قال سمعت أنس بن مالك يقول ; كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا وحياله حجر فقال " لو جاء العسر فدخل هذا الحجر لجاء اليسر حتى يدخل عليه فيخرجه " فأنزل الله عز وجل " فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا" ورواه أبو بكر البزار في مسنده عن محمد بن معمر عن حميد بن حماد به ولفظه " لو جاء العسر حتى يدخل هذا الحجر لجاء اليسر حتى يخرجه ثم قال " فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا" ثم قال البزار لا نعلم رواه عن أنس إلا عائذ بن شريح " قلت " وقد قال فيه أبو حاتم الرازي في حديثه ضعف ولكن رواه شعبة عن معاوية بن قرة عن رجل عن عبد الله بن مسعود موقوفا وقال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا أبو قطن حدثنا المبارك بن فضالة عن الحسن قال كانوا يقولون لا يغلب عسر واحد يسرين اثنين. وقال ابن جرير حدثنا ابن عبد الأعلى حدثنا ابن ثور عن معمر عن الحسن قال ; خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوما مسرورا فرحا وهو يضحك وهو يقول " لن يغلب عسر يسرين لن يغلب عسر يسرين" فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا " وكذا رواه من حديث عوف الأعرابي ويونس بن عبيد عن الحسن مرسلا وقال سعيد عن قتادة ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر أصحابه بهذه الآية . فقال " لن يغلب عسر يسرين " ومعنى هذا أن العسر معرف في الحالين فهو مفرد واليسر منكر فتعدد ولهذا قال " لن يغلب عسر يسرين" يعني قوله " فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا " فالعسر الأول عين الثاني واليسر تعدد. وقال الحسن بن سفيان حدثنا يزيد بن صالح حدثنا خارجة عن عباد بن كثير عن أبي الزناد عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أنزل المعونة من السماء على قدر المؤنة ونزل الصبر على قدر المصيبة " ومما يروى عن الشافعي أنه قال ; صبرا جميلا ما أقرب الفرجا من راقب الله في الأمور نجا من صدق الله لم ينله أذى ومن رجاه يكون حيث رجا وقال ابن دريد أنشدني أبو حاتم السجستاني ; إذا اشتملت على اليأس القلوب وضاق لما به الصدر الرحيب وأوطأت المكاره واطمأنت وأرست في أماكنها الخطوب ولم تر لانكشاف الضر وجها ولا أغنى بحيلته الأريب أتاك على قنوط منك غوث يمن به اللطيف المستجيب وكل الحادثات إذا تناهت فموصول بها الفرج القريب وقال آخر ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعا وعند الله منها المخرج كملت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكان يظنها لا تفرج .
قوله تعالى ; إن مع العسر يسرا[ ص; 95 ] أي إن مع الضيقة والشدة يسرا ، أي سعة وغنى . ثم كرر فقال ; إن مع العسر يسرا ، فقال قوم ; هذا التكرير تأكيد للكلام كما يقال ; ارم ارم ، اعجل اعجل قال الله تعالى ; كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون . ونظيره في تكرار الجواب ; بلى بلى ، لا لا . وذلك للإطناب والمبالغة قاله الفراء . ومنه قول الشاعر [ الخنساء ] ;هممت بنفسي بعض الهموم فأولى لنفسي أولى لهاوقال قوم ; إن من عادة العرب إذا ذكروا اسما معرفا ثم كرروه ، فهو هو . وإذا نكروه ثم كرروه فهو غيره . وهما اثنان ، ليكون أقوى للأمل ، وأبعث على الصبر قاله ثعلب . وقال ابن عباس ; يقول الله تعالى خلقت عسرا واحدا ، وخلقت يسرين ، ولن يغلب عسر يسرين . وجاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه السورة ; أنه قال ; " لن يغلب عسر يسرين " .وقال ابن مسعود ; والذي نفسي بيده ، لو كان العسر في حجر ، لطلبه اليسر حتى يدخل عليه ولن يغلب عسر يسرين . وكتب أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر بن الخطاب يذكر له جموعا من الروم ، وما يتخوف منهم فكتب إليه عمر - رضي الله عنه - ; أما بعد ، فإنهم مهما ينزل بعبد مؤمن من منزل شدة ، يجعل الله بعده فرجا ، وإنه لن يغلب عسر يسرين ، وإن الله تعالى يقول في كتابه ; يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون . وقال قوم منهم الجرجاني ; هذا قول مدخول ; لأنه يجب على هذا التدريج إذا قال الرجل ; إن مع الفارس سيفا ، إن مع الفارس سيفا ، أن يكون الفارس واحدا ، والسيف اثنين . والصحيح أن يقال ; إن الله بعث نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - مقلا مخفا ، فعيره المشركون بفقره ، حتى قالوا له ; نجمع لك مالا فاغتم وظن أنهم كذبوه لفقره فعزاه الله ، وعدد نعمه عليه ، ووعده الغنى بقوله ; فإن مع العسر يسرا أي لا يحزنك ما عيروك به من الفقر فإن مع ذلك العسر يسرا عاجلا أي في الدنيا . فأنجز له ما وعده فلم يمت حتى فتح عليه الحجاز واليمن ، ووسع ذات يده ، حتى كان يعطي الرجل المائتين من الإبل ، ويهب الهبات السنية ، ويعد لأهله قوت سنة . فهذا الفضل كله من أمر الدنيا وإن كان خاصا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقد يدخل فيه بعض أمته إن شاء الله تعالى . ثم ابتدأ فضلا آخرا من الآخرة وفيه تأسية وتعزية له - صلى الله عليه وسلم - فقال مبتدئا ; إن مع العسر يسرا فهو شيء آخر . والدليل على ابتدائه ، تعريه من فاء أو واو أو غيرها من حروف النسق التي تدل على العطف . فهذا وعد عام لجميع المؤمنين ، لا يخرج أحد منه أي إن مع العسر في الدنيا للمؤمنين يسرا في الآخرة لا محالة . وربما اجتمع يسر الدنيا ويسر الآخرة .والذي [ ص; 96 ] في الخبر ; " لن يغلب عسر يسرين " يعني العسر الواحد لن يغلبهما ، وإنما يغلب أحدهما إن غلب ، وهو يسر الدنيا فأما يسر الآخرة فكائن لا محالة ، ولن يغلبه شيء . أو يقال ; إن مع العسر وهو إخراج أهل مكة النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة يسرا ، وهو دخوله يوم فتح مكة مع عشرة آلاف رجل ، مع عز وشرف .
وقوله; ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; فإنّ مع الشدّة التي أنت فيها من جهاد هؤلاء المشركين، ومن أوّله ما أنت بسبيله رجاء وفرجا بأن يُظْفِرَكَ بهم، حتى ينقادوا للحقّ الذي جئتهم به طوعا وكَرها.ورُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أن هذه الآية لما نـزلت، بَشَّر بها أصحابه وقال; " لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ".* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا المعتمر بن سليمان، قال; سمعت يونس، قال; قال الحسن; لما نـزلت هذه الآية ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم; " أبْشِرُوا أتاكُمُ اليُسْرُ، لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ".حدثني يعقوب، قال; ثنا ابن عُلَية، عن يونس، عن الحسن، مثله، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.حدثنا محمد بن المثنى، قال; ثنا محمد بن جعفر، قال; ثنا عوف، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن، قال; خرج النبيّ صلى الله عليه وسلم يوما مسرورا فَرِحا وهو يضحك، وهو يقول; " لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنَ، لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) ".حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) ذُكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشَّر أصحابه بهذه الآية، فقال; " لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ".حدثنا ابن المثنى، قال; ثنا محمد بن جعفر، قال; ثنا سعيد، عن معاوية بن قرة أبي إياس، عن رجل، عن عبد الله بن مسعود، قال; لو دخل العسر في جُحْر، لجاء اليسر حتى يدخل عليه، لأن الله يقول; ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) .حدثنا أبو كُرَيب، قال; ثنا وكيع، عن شعبة، عن رجل، عن عبد الله، بنحوه.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم; قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله; ( إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) قال; يتبع اليسرُ العُسَر.
{ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا } بشارة عظيمة، أنه كلما وجد عسر وصعوبة، فإن اليسر يقارنه ويصاحبه، حتى لو دخل العسر جحر ضب لدخل عليه اليسر، فأخرجه كما قال تعالى: { سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا } وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: \" وإن الفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا \" .وتعريف \" العسر \" في الآيتين، يدل على أنه واحد، وتنكير \" اليسر \" يدل على تكراره، فلن يغلب عسر يسرين.وفي تعريفه بالألف واللام، الدالة على الاستغراق والعموم يدل على أن كل عسر -وإن بلغ من الصعوبة ما بلغ- فإنه في آخره التيسير ملازم له
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الشرح٩٤ :٦
Asy-Syarh94:6