الرسم العثمانيكَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًۢا بِالنَّاصِيَةِ
الـرسـم الإمـلائـيكَلَّا لَٮِٕنۡ لَّمۡ يَنۡتَهِ ۙ لَنَسۡفَعًۢا بِالنَّاصِيَةِۙ
تفسير ميسر:
أرأيت أعجب مِن طغيان هذا الرجل (وهو أبو جهل) الذي ينهى عبدًا لنا إذا صلَّى لربه (وهو محمد صلى الله عليه وسلم)؟ أرأيت إن كان المنهي عن الصلاة على الهدى فكيف ينهاه؟ أو إن كان آمرًا غيره بالتقوى أينهاه عن ذلك؟ أرأيت إن كذَّب هذا الناهي بما يُدعى إليه، وأعرض عنه، ألم يعلم بأن الله يرى كل ما يفعل؟ ليس الأمر كما يزعم أبو جهل، لئن لم يرجع هذا عن شقاقه وأذاه لنأخذنَّ بمقدَّم رأسه أخذًا عنيفًا، ويُطرح في النار، ناصيته ناصية كاذبة في مقالها، خاطئة في أفعالها. فليُحْضِر هذا الطاغية أهل ناديه الذين يستنصر بهم، سندعو ملائكة العذاب. ليس الأمر على ما يظن أبو جهل، إنه لن ينالك -أيها الرسول- بسوء، فلا تطعه فيما دعاك إليه مِن تَرْك الصلاة، واسجد لربك واقترب منه بالتحبب إليه بطاعته.
ثم قال تعالى متوعدا ومتهددا "كلا لئن لم ينته" أي لئن لم يرجع عما هو فيه من الشقاق والعناد "لنسفعا بالناصية" أي لنسمنها سوادا يوم القيامة.
قوله تعالى ; كلا لئن لم ينته أي أبو جهل عن أذاك يا محمد .لنسفعا أي لنأخذن بالناصية فلنذلنه . وقيل ; لنأخذن بناصيته يوم القيامة ، وتطوى مع قدميه ، ويطرح في النار ، كما قال تعالى ; فيؤخذ بالنواصي والأقدام . فالآية - وإن كانت في أبي جهل - فهي عظة للناس ، وتهديد لمن يمتنع أو يمنع غيره عن الطاعة . وأهل اللغة يقولون ; سفعت بالشيء ; إذا قبضت عليه وجذبته جذبا شديدا . ويقال ; سفع بناصية فرسه . قال [ حميد بن ثور الهلالي الصحابي ] ;قوم إذا كثر الصياح رأيتهم من بين ملجم مهره أو سافعوقيل ; هو مأخوذ من سفعته النار والشمس ; إذا غيرت وجهه إلى حال تسويد ; كما قال ;أثافي سفعا في معرس مرجل ونأي كجذم الحوض أثلم خاشعوالناصية ; شعر مقدم الرأس . وقد يعبر بها عن جملة الإنسان ; كما يقال ; هذه ناصية مباركة ; إشارة إلى جميع الإنسان . وخص الناصية بالذكر على عادة العرب فيمن أرادوا إذلاله وإهانته أخذوا بناصيته . وقال المبرد ; السفع ; الجذب بشدة ; أي لنجرن بناصيته إلى النار . وقيل ; السفع الضرب ; أي لنلطمن وجهه . وكله متقارب المعنى . أي يجمع عليه الضرب عند [ ص; 112 ] الأخذ ; ثم يجر إلى جهنم .
وقوله; ( كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ ) يقول; ليس كما قال; إنه يطأ عنق محمد، يقول; لا يقدر على ذلك، ولا يصل إليه.قوله; ( لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ ) يقول; لئن لم ينته أبو جهل عن محمد .( لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ) يقول; لنأخذنّ بمقدم رأسه، فلنضمنه ولنُذلنه؛ يقال منه; سفعت بيده; إذا أخذت بيده. وقيل; إنما قيل ( لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ) والمعنى; لنسوّدنّ وجهه، فاكتفى بذكر الناصية من الوجه كله، إذ كانت الناصية في مقدم الوجه. وقيل; معنى ذلك; لنأخذنّ بناصيته إلى النار، كما قال; فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ .
ثم توعده إن استمر على حاله، فقال: { كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ } عما يقول ويفعل { لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ } أي: لنأخذن بناصيته، أخذًا عنيفًا، وهي حقيقة بذلك.
(كلّا) حرف ردع وزجر
(اللام) موّطئة للقسم
(إن) حرف شرط جازم
(اللام) لام القسم
(نسفعن) مضارع مبني على الفتح في محلّ رفع، و (النون) نون التوكيد الخفيفة
(بالناصية) متعلّق بـ (نسفعن) ، و (الباء) للاستعانة
(ناصية) بدل من الناصية المعرفة
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر
(اللام) لام الأمر
(السين) للاستقبالـ (ندع) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الواو المحذوفة رسما لمناسبة قراءة الوصل، والفاعل نحن للتعظيم.
جملة: «إن لم ينته ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «نسفعن ... » لا محلّ لها جواب القسم.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه جواب القسم.
وجملة: «ليدع ... » في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي: إن كان قادرا على دفع العذاب فليدع ناديه.
وجملة: «سندع الزبانية ... » لا محلّ لها تعليليّة.
- القرآن الكريم - العلق٩٦ :١٥
Al-'Alaq96:15