الرسم العثمانيإِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمٰنِهِمْ ۖ تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهٰرُ فِى جَنّٰتِ النَّعِيمِ
الـرسـم الإمـلائـياِنَّ الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا وَ عَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ يَهۡدِيۡهِمۡ رَبُّهُمۡ بِاِيۡمَانِهِمۡۚ تَجۡرِىۡ مِنۡ تَحۡتِهِمُ الۡاَنۡهٰرُ فِىۡ جَنّٰتِ النَّعِيۡمِ
تفسير ميسر:
إن الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات يدلهم ربهم إلى طريق الجنة ويوفقهم إلى العمل الموصل إليه؛ بسبب إيمانهم، ثم يثيبهم بدخول الجنة وإحلال رضوانه عليهم، تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم.
هذا إخبار عن حال السعداء الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين وامتثلوا ما أمروا به فعملوا الصالحات بأنه سيهديهم بإيمانهم يحتمل أن تكون الباء ههنا سببية فتقديره أي بسبب إيمانهم في الدنيا يهديهم الله يوم القيامة على الصراط المستقيم حتى يجوزوه ويخلصوا إلى الجنة. ويحتمل أن تكون للإستعانة كما قال مجاهد في قوله "يهديهم ربهم بإيمانهم" قال يكون لهم نورا يمشون به; وقال ابن جريج في الآية يمثل له عمله في صورة حسنة وريح طيبة إذا قام من قبره يعارض صاحبه ويبشره بكل خير فيقول له من أنت؟ فيقول أنا عملك فيجعل له نوره من بين يديه حتى يدخله الجنة فذلك قوله تعالى "يهديهم ربهم بإيمانهم" والكافر يمثل له عمله في صورة سيئة وريح منتنة فيلزم صاحبه ويلاده حتى يقذفه في النار وروي نحوه عن قتادة مرسلا فالله أعلم.
قوله تعالى إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيمقوله تعالى إن الذين آمنوا أي صدقوا .وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم أي يزيدهم هداية ; كقوله ; والذين اهتدوا زادهم هدى . وقيل ; يهديهم ربهم بإيمانهم إلى مكان تجري من تحتهم الأنهار . وقال أبو روق ; يهديهم ربهم بإيمانهم إلى الجنة . وقال عطية ; يهديهم يثيبهم ويجزيهم . وقال مجاهد ; يهديهم ربهم بالنور على الصراط إلى الجنة ، يجعل لهم نورا يمشون به . ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يقوي هذا أنه قال ; يتلقى المؤمن عمله في أحسن صورة فيؤنسه ويهديه ويتلقى الكافر عمله في أقبح صورة فيوحشه ويضله . هذا معنى الحديث . وقال ابن جريج ; يجعل عملهم هاديا لهم . الحسن ; يهديهم يرحمهم .[ ص; 228 ] قوله تعالى تجري من تحتهم الأنهار قيل ; في الكلام واو محذوفة ، أي وتجري من تحتهم ، أي من تحت بساتينهم . وقيل ; من تحت أسرتهم ; وهذا أحسن في النزهة والفرجة .
القول في تأويل قوله تعالى ; إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) ، إن الذين صدَّقوا الله ورسوله ، (وعملوا الصالحات)، وذلك العمل بطاعة الله والانتهاء إلى أمره (7) ، (يهديهم ربهم بإيمانهم) ، يقول; يرشدهم ربهم بإيمانهم به إلى الجنة، كما;-17558- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله; (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم) بلغنا أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال; إن المؤمن إذا خرج من قبره صُوِّر له عمله في صورة حَسَنة فيقول له; ما أنت؟ فوالله إني لأراك امرأ صِدْقٍ! فيقول; أنا عملك! فيكون له نورًا وقائدًا إلى الجنة. وأما الكافر إذا خرج من قبره صُوِّر له عمله في صورة سيئة وشارة سيئة (8) فيقول; ما أنت ؟ فوالله إني لأراك امرأ سَوْء! فيقول; أنا عملك! فينطلق به حتى يدخله النار.17559- حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله; (يهديهم ربهم بإيمانهم) ، قال; يكون لهم نورًا يمشون به.17560- حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح. عن مجاهد، مثله.17561- . . . . قال، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا ابن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.17562- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله ، وقال ابن جريج; (يهديهم ربهم بإيمانهم) ، قال; يَمْثُل له عمله في صورة حسنة وريحٍ طيبة، يعارِض صاحبه ويبشره بكل خير، فيقول له; من أنت؟ فيقول; أنا عملك! فيجعل له نورًا من بين يديه حتى يدخله الجنة، فذلك قوله; (يهديهم ربهم بإيمانهم). والكافر يَمْثل له عمله في صورة سيئة وريح منتنة، فيلازم صاحبه ويُلازُّهُ حتى يقذفه في النار. (9)* * *وقال آخرون; معنى ذلك; بإيمانهم ، يهديهم ربهم لدينه. يقول; بتصديقهم هَدَاهم.* ذكر من قال ذلك;. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . (10)* * *وقوله; (تجري من تحتهم الأنهار) ، يقول; تجري من تحت هؤلاء المؤمنين الذين وصف جل ثناؤه صفتهم ، أنهار الجنة ، ( في جنات النعيم) ، يقول في بساتين النعيم ، الذي نعَّم الله به أهل طاعته والإيمان به. (11)* * *فإن قال قائل; وكيف قيل ; ( تجري من تحتهم الأنهار) ، وإنما وصف جل ثناؤه أنهار الجنة في سائر القرآن أنها تجري تحت الجنات؟ وكيف يمكن الأنهار أن تجري من تحتهم ، إلا أن يكونوا فوق أرضها والأنهار تجري من تحت أرضها؟ وليس ذلك من صفة أنهار الجنة، لأن صفتها أنها تجري على وجه الأرض في غير أخاديد؟قيل; إن معنى ذلك بخلاف ما إليه ذهبتَ، وإنما معنى ذلك; تجري من دونهم الأنهار إلى ما بين أيديهم في بساتين النعيم، وذلك نظير قول الله; قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا [سورة مريم; 24]. ومعلوم أنه لم يجعل " السري" تحتها وهي عليه قاعدة ، إذ كان " السري" هو الجدول ، وإنما عني به ; جعل دونها; بين يديها، وكما قال جل ثناؤه مخبرًا عن قيل فرعون، أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ، [سورة الزخرف; 51] ، بمعنى; من دوني، بين يديّ.-------------------الهوامش ;(7) انظر تفسير " الصالحات " فيما سلف من فهارس اللغة ( صلح ) .(8) في المطبوعة ; " وبشارة " ، والصواب ما أثبته من المخطوطة .(9) في المطبوعة ; " ويلاده" ؛ بالدال ، وأثبت في المخطوطة. " لازه يلازه ملازاة ولزازًا" قارنه ولزمه ولصق به(10) لم يذكر شيئًا بعد قوله ; " ذكر من قال ذلك " ، وفي هامش المخطوطة " كذا " ، وهو دليل على أنه سقط قديم .(11) انظر تفسير " جنات النعيم " فيما سلف 10 ; 461 ، 462 .
فلما ذكر عقابهم ذكر ثواب المطيعين فقال :ـيقول تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} أي: جمعوا بين الإيمان، والقيام بموجبه ومقتضاه من الأعمال الصالحة، المشتملة على أعمال القلوب وأعمال الجوارح، على وجه الإخلاص والمتابعة. {يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} أي: بسبب ما معهم من الإيمان، يثيبهم الله أعظم الثواب، وهو الهداية، فيعلمهم ما ينفعهم، ويمن عليهم بالأعمال الناشئة عن الهداية، ويهديهم للنظر في آياته، ويهديهم في هذه الدار إلى الصراط المستقيم وفي الصراط المستقيم، وفي دار الجزاء إلى الصراط الموصل إلى جنات النعيم،. ولهذا قال: {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ} الجارية على الدوام {فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} أضافها الله إلى النعيم، لاشتمالها على النعيم التام، نعيم القلب بالفرح والسرور، والبهجة والحبور، ورؤية الرحمن وسماع كلامه، والاغتباط برضاه وقربه، ولقاء الأحبة والإخوان، والتمتع بالاجتماع بهم، وسماع الأصوات المطربات، والنغمات المشجيات، والمناظر المفرحات. ونعيم البدن بأنواع المآكل والمشارب، والمناكح ونحو ذلك، مما لا تعلمه النفوس، ولا خطر ببال أحد، أو قدر أن يصفه الواصفون.
(إنّ الذين) مرّ إعرابها ،
(آمنوا) مثل رضوا وكذلك
(عملوا) ،
(الصالحات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة
(يهدي)مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء و (هم) ضمير مفعول به
(ربّ) فاعل مرفوع و (هم) مضاف إليه
(بإيمان) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يهدي) ، والباء للسببيّة و (هم) مثل الأخير
(تجري) مثل يهدي
(من تحت) جارّ ومجرور متعلّق بـ (تجري) ، و (هم) مثل الأخير
(الأنهار) فاعل مرفوع
(في جنّات) جارّ ومجرور متعلّق بحال من الأنهار ،
(النعيم) مضاف إليه مجرور.
جملة: «إنّ الذين آمنوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «عملوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «يهديهم ربّهم ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «تجري.. الأنهار» لا محلّ لها استئنافية .
(دعوى) مبتدأ مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف و (هم) ضمير مضاف إليه
(في) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بدعوى
(سبحان) مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره نسبّح و (الكاف) ضمير مضاف إليه
(اللهمّ) لفظ الجلالة منادى مفرد علم مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب.. و (الميم) المشدّدة عوض من(يا) المحذوفة
(الواو) عاطفة
(تحيّتهم فيها) مثل دعواهم فيها ،
(سلام) خبر المبتدأ تحيّة مرفوع ،
(الواو) عاطفة
(آخر) مبتدأ مرفوع
(دعوى) مضاف إليه مجروروعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف و (هم) مثل الأخير
(أن) هي المخفّفة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن واجب الحذف
(الحمد) مبتدأ مرفوع
(للَّه) جارّ ومجرور خبر المبتدأ الحمد
(ربّ) نعت للفظ الجلالة مجرور
(العالمين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء.
وجملة: «دعواهم فيها ... » لا محلّ لها استئنافيّة .
وجملة:
(نسبّح) سبحانك» في محلّ رفع خبر المبتدأ دعواهم .
وجملة النداء: «اللهمّ» لا محلّ لها اعتراضيّة دعائيّة.
وجملة: «تحيّتهم.. سلام» لا محلّ لها معطوفة على جملة دعواهم ...وجملة: «آخر دعواهم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة دعواهم ...وجملة: «الحمد للَّه ... » في محلّ رفع خبر أن المخفّفة.
والمصدر المؤوّل من أن المخفّفة واسمها وخبرها في محلّ رفع خبر المبتدأ
(آخر) .
- القرآن الكريم - يونس١٠ :٩
Yunus10:9