الرسم العثمانيفَلَعَلَّكَ تَارِكٌۢ بَعْضَ مَا يُوحٰىٓ إِلَيْكَ وَضَآئِقٌۢ بِهِۦ صَدْرُكَ أَن يَقُولُوا لَوْلَآ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَآءَ مَعَهُۥ مَلَكٌ ۚ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ ۚ وَاللَّهُ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ وَكِيلٌ
الـرسـم الإمـلائـيفَلَعَلَّكَ تَارِكٌۢ بَعۡضَ مَا يُوۡحٰٓى اِلَيۡكَ وَضَآٮِٕقٌ ۢ بِهٖ صَدۡرُكَ اَنۡ يَّقُوۡلُوۡا لَوۡلَاۤ اُنۡزِلَ عَلَيۡهِ كَنۡزٌ اَوۡ جَآءَ مَعَهٗ مَلَكٌ ؕ اِنَّمَاۤ اَنۡتَ نَذِيۡرٌ ؕ وَاللّٰهُ عَلٰى كُلِّ شَىۡءٍ وَّكِيۡلٌ
تفسير ميسر:
فلعلك -أيها الرسول لعظم ما تراه منهم من الكفر والتكذيب- تارك بعض ما يوحى إليك مما أنزله الله عليك وأمرك بتبليغه، وضائق به صدرك؛ خشية أن يطلبوا منك بعض المطالب على وجه التعنت، كأن يقولوا; لولا أُنزل عليه مال كثير، أو جاء معه ملك يصدقه في رسالته، فبلغهم ما أوحيته إليك؛ فإنه ليس عليك إلا الإنذار بما أُوحي إليك. والله على كل شيء حفيظ يدَبِّر جميع شؤون خلقه.
يقول تعالى مسليا لرسوله الله صلي الله عليه وسلم عما كان يتعنت به المشركون فيما كانوا يقولونه عن الرسول كما أخبر تعالى عنهم في قوله "وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ". فأمر الله تعالى رسوله صلوات الله تعالى وسلامه عليه وأرشده إلى أن لا يضيق بذلك منهم صدره ولا يصدنه ذلك ولا يثنينه عن دعائهم إلى الله عز وجل آناء الليل وأطراف النهار كما قال تعالى "ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون" الآية وقال ههنا "فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا" أي لقولهم ذلك فإنما أنت نذير ولك أسوة بإخوانك من الرسل قبلك فإنهم كذبوا وأوذوا فصبروا حتى أتاهم نصر الله عز وجل.
قوله ; فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيلقوله تعالى ; فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك أي فلعلك لعظيم ما تراه منهم من الكفر والتكذيب تتوهم أنهم يزيلونك عن بعض ما أنت عليه . وقيل ; إنهم لما قالوا ; لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك هم أن يدع سب آلهتهم فنزلت هذه الآية ; فالكلام معناه الاستفهام ; أي هل أنت تارك ما فيه سب آلهتهم كما سألوك ؟ وتأكد عليه الأمر في الإبلاغ ; كقوله ; يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك . وقيل ; معنى الكلام النفي مع [ ص; 13 ] استبعاد ; أي لا يكون منك ذلك ، بل تبلغهم كل ما أنزل إليك ; وذلك أن مشركي مكة قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - لو أتيتنا بكتاب ليس فيه سب آلهتنا لاتبعناك ، فهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدع سب آلهتهم ; فنزلت .قوله تعالى وضائق به صدرك عطف على " تارك " و " صدرك " مرفوع به ، والهاء في " به " تعود على " ما " أو على " بعض " ، أو على التبليغ ، أو التكذيب . وقال ; " ضائق " ولم يقل ضيق ليشاكل " تارك " الذي قبله ; ولأن الضائق عارض ، والضيق ألزم منه ." أن يقولوا " في موضع نصب ; أي كراهية أن يقولوا ، أو لئلا يقولوا كقوله ; يبين الله لكم أن تضلوا أي لئلا تضلوا . أو لأن يقولوا ." لولا " أي هلاأنزل عليه كنز أو جاء معه ملك يصدقه ، قاله عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة المخزومي ;إنما أنت نذير فقال الله تعالى ; يا محمد إنما عليك أن تنذرهم ، لا بأن تأتيهم بما يقترحونه من الآيات .والله على كل شيء وكيل أي حافظ وشهيد .
القول في تأويل قوله تعالى ; فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنـزلَ عَلَيْهِ كَنـز أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (12)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; فلعلك يا محمد ، تارك بعض ما يوحي إليك ربك أن تبلغه من أمرك بتبليغه ذلك، وضائقٌ بما يوحى إليك صدرُك فلا تبلغه إياهم ، مخافة (أن يقولوا لولا أنـزل عليه كنـز أو جاء معه ملك) ، له مصدّق بأنه لله رسول ! يقول تعالى ذكره; فبلغهم ما أوحيته إليك، فإنك إنما أنت نذير تُنْذرهم عقابي ، وتحذرهم بأسي على كفرهم بي، وإنما الآيات التي يسألونكها عندي وفي سلطاني ، أنـزلها إذا شئت، وليس عليك ، إلا البلاغ والإنذار ، (والله على كل شيء وكيل) ، يقول; والله القيم بكل شيء وبيده تدبيره، فانفذ لما أمرتك به، ولا تمنعك مسألتهم إياك الآيات، من تبليغهم وحيي والنفوذ لأمري. (44)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك;18007- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قال; قال الله لِنبيه; فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك أن تفعل فيه ما أمرت ، وتدعو إليه كما أرسلت. قالوا; (لولا أنـزل عليه كنـز) ، لا نرى معه مالا أين المال؟ ، (أو جاء معه ملك)، ينذر معه؟ ، (إنما أنت نذير)، فبلغ ما أمرت.--------------------------الهوامش ;(44) انظر تفسير ألفاظ هذه الآية فيما سلف من فهارس اللغة .
يقول تعالى - مسليا لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، عن تكذيب المكذبين-: { فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ } أي: لا ينبغي هذا لمثلك، أن قولهم يؤثر فيك، ويصدك عما أنت عليه، فتترك بعض ما يوحى إليك، ويضيق صدرك لتعنتهم بقولهم: { لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ } فإن هذا القول ناشئ من تعنت، وظلم، وعناد، وضلال، وجهل بمواقع الحجج والأدلة، فامض على أمرك، ولا تصدك هذه الأقوال الركيكة التي لا تصدر إلا من سفيه ولا يضق لذلك صدرك. فهل أوردوا عليك حجة لا تستطيع حلها؟ أم قدحوا ببعض ما جئت به قدحا، يؤثر فيه وينقص قدره، فيضيق صدرك لذلك؟! أم عليك حسابهم، ومطالب بهدايتهم جبرا؟ { إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } فهو الوكيل عليهم، يحفظ أعمالهم، ويجازيهم بها أتم الجزاء.
(الفاء) استئنافيّة
(لعلّ) حرف مشبّه بالفعل للترجي - ناسخ-
(الكاف) ضمير في محلّ نصب اسم لعلّ
(تارك) خبر مرفوع
(بعض) مفعول به لاسم الفاعل تارك منصوبـ (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه
(يوحى) مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو، وهو العائد
(إلى) حرف جرّ و (الكاف) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (يوحى) ،
(الواو) عاطفة
(ضائق) معطوف على تارك مرفوع ،
(الباء) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بضائق
(صدر) فاعل اسم الفاعل ضائق مرفوع و (الكاف) مضاف إليه
(أن) حرف مصدريّ ونصبـ (يقولوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعلـ (لولا) حرف تحضيض بمعنى هلّا
(أنزل) فعل ماض مبنيّ للمجهولـ (على) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (أنزل) ،
(كنز) نائب الفاعل مرفوع
(أو) حرف عطف
(جاء) فعل ماض
(مع) ظرف منصوب متعلّق بـ (جاء) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه
(ملك) فاعل مرفوع.
والمصدر المؤوّلـ (أن يقولوا) في محلّ نصب مفعول لأجله على حذف مضاف أي خشية أن يقولوا
(إنّما) كافّة ومكفوفة
(أنت) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(نذير) خبر المبتدأ مرفوع
(الواو) عاطفة
(الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع
(على كلّ) جارّ ومجرور متعلّق بوكيلـ (شيء) مضاف إليه مجرور
(وكيل)خبر مرفوع.
جملة: «لعلّك تارك ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يوحى إليك ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «يقولوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
وجملة: «أنزل عليه كنز» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «جاء معه ملك» في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
وجملة: «أنت نذير» لا محلّ لها تعليل لمقدّر أي: لا تسمع لهم لأنك نذير لهم.
وجملة: «الله.. وكيل» لا محلّ لها معطوفة على جملة أنت نذير.
- القرآن الكريم - هود١١ :١٢
Hud11:12