الرسم العثمانيثُمَّ يَأْتِى مِنۢ بَعْدِ ذٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ
الـرسـم الإمـلائـيثُمَّ يَاۡتِىۡ مِنۡۢ بَعۡدِ ذٰلِكَ سَبۡعٌ شِدَادٌ يَّاۡكُلۡنَ مَا قَدَّمۡتُمۡ لَهُنَّ اِلَّا قَلِيۡلًا مِّمَّا تُحۡصِنُوۡنَ
تفسير ميسر:
ثم يأتي بعد هذه السنين الخِصْبة سبع سنين شديدة الجَدْب، يأكل أهلها كل ما ادَّخرتم لهن من قبل، إلا قليلا مما تحفظونه وتدَّخرونه ليكون بذورًا للزراعة.
ولهذا قال " يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون " ثم بشرهم بعد الجدب العام المتوالي بأنه يعقبهم بعد ذلك عام فيه يغاث الناس أي يأتيهم الغيث وهو المطر وتغل البلاد ويعصر الناس ما كانوا يعصرون على عادتهم من زيت ونحوه وسكر ونحوه حتى قال بعضهم; يدخل فيه حلب اللبن أيضا قال علي بن أبي طلحه عن ابن عباس " وفيه يعصرون " يحلبون.
قوله تعالى ; ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنونفيه مسألتان ; الأولى ; قوله تعالى ; سبع شداد يعني السنين المجدبات ." يأكلن " مجاز ، والمعنى يأكل أهلهن .ما قدمتم لهن أي ما ادخرتم لأجلهن ; ونحوه قول القائل ;نهارك يا مغرور سهو وغفلة وليلك نوم والردى لك لازموالنهار لا يسهو ، والليل لا ينام ; وإنما يسهى في النهار ، وينام في الليل . وحكى زيد بن أسلم عن أبيه ; أن يوسف كان يضع طعام الاثنين فيقربه إلى رجل واحد فيأكل بعضه ، حتى إذا كان يوم قربه له فأكله كله ; فقال يوسف ; هذا أول يوم من السبع الشداد ." إلا قليلا " نصب على الاستثناء .مما تحصنون أي مما تحبسون لتزرعوا ; لأن في استبقاء البذر تحصين الأقوات . وقال أبو عبيدة ; تحرزون . وقال قتادة ; " تحصنون " تدخرون ، والمعنى واحد ; وهو يدل على جواز احتكار الطعام إلى وقت الحاجة .[ ص; 179 ] الثانية ; هذه الآية أصل في صحة رؤيا الكافر ، وأنها تخرج على حسب ما رأى ، لا سيما إذا تعلقت بمؤمن ; فكيف إذا كانت آية لنبي . ومعجزة لرسول ، وتصديقا لمصطفى للتبليغ ، وحجة للواسطة بين الله - جل جلاله - وبين عباده .
القول في تأويل قوله تعالى ; ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلا قَلِيلا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48)قال أبو جعفر ; يقول; ثم يجيء من بعد السنين السبع التي تزرعون فيها دأبًا ، سنون سبع شداد، يقول; جدوب قحطة ، (يأكلن ما قدمتم لهن)، يقول; يؤكل فيهنّ ما قدمتم في إعداد ما أعددتم لهن في السنين السبعة الخصبة من الطعام والأقوات .* * *وقال جل ثناؤه; (يأكلن)، فوصف السنين بأنهن ( يأكلهن) ، وإنما المعنى; أن أهل تلك الناحية يأكلون فيهن ، كما قيل; (12)نَهَـارُكَ يَـا مَغْـرُورُ سَـهْوٌ وَغَفْلَـةٌوَلَيْلُــكَ نَــوْمٌ والـرَّدَى لَـكَ لازِمُ (13)فوصف النهار بالسهو والغفلة، والليل بالنوم ، وإنما يسهى في هذا ويغفل فيه، وينام في هذا ، لمعرفة المخاطبين بمعناه والمراد منه.* * *، ( إلا قليلا مما تحصنون) ، يقول; إلا يسيرًا مما تحرزونه .* * *والإحصان; التصيير في الحصن، وإنما المراد منه الإحراز .* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .*ذكر من قال ذلك;19371 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله; (يأكلن ما قدمتم لهن)، يقول; يأكلن ما كنتم اتخذتم فيهن من القوت ، (إلا قليلا مما تحصنون).19372- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة; (ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد)، وهنّ الجدوب المحُول ، (يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون).19373- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة; (ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد)، وهن الجدوب ، (يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون) ، مما تدَّخرون.19374 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله; (إلا قليلا مما تحصنون)، يقول; تخزنون.19375- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ،قال ابن عباس; (تحصنون) ، تحرزون.19376 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط ، عن السدي; (يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون)، قال; مما تَرْفَعون.* * *قال أبو جعفر ; وهذه الأقوال في قوله; (تحصنون)، وإن اختلفت ألفاظ قائليها فيه ، فإن معانيها متقاربة ، وأصل الكلمة وتأويلها على ما بيَّنت .----------------------الهوامش;(12) هو عبد الله بن عبد الأعلى بن أبي عمرة .(13) الأخبار الطوال ; 333 ، سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي ; 225 ، تاريخ ابن كثير 9 ; 206 ، وغيرها ، يقول ;أَيَقْظَـانُ أَنْـتَ اليَـوْمَ أَمْ أَنْـتَ حَـالِمُوكـيف يطيـق النَّـوْمَ حَـيْرَانُ هَـائِمُفَلَـوْ كُـنْتَ يَقْظَـانَ الغَـدَاةَ لَحَـرَّقَتْمَحَــاجِرَ عَيْنَيْـكَ الدُّمُـوعُ السَّـوَاجِمُبَلَ أَصْبَحْتَ فِي النَّوْمِ الطَّـوِيلِ وَقَدْ دَنَتْإلَيْــكَ أُمُــورٌ مُفْظِعَــاتٌ عَظَـائمُنَهَـارُكَ يَـا مَغْـرُورُ سَـهْوٌ وَغَفْلَـةٌولَيْلُــكَ نَــوْمٌ , وَالـرَّدَى لـك لاَزِمُتُسَـرُّ بِمَا يَبْـلَى , وَتُشْـغَلُ بِـالمُنَىكَمَـا سُـرَّ بِـالأَحْلامِ فِـي النَّـوْم نَائِمُوَسَـعْيُكَ فِيمـا سَـوْفَ تَكْـرَهُ غِبَّـهُكَــذَلِكَ فِــي الدُّنْيَـا تَعِيشُ البَهَـائِمُفَـلا أَنْـتَ فِـي النُّـوَّامِ يَوْمًـا بِسَالِمٍوَلا أَنْـتَ فِــي الأيْقَـاظِ يَقْظَانُ حَازِمُ.
{ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ } أي: بعد تلك السنين السبع المخصبات. { سَبْعٌ شِدَادٌ } أي: مجدبات جدا { يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ } أي: يأكلن جميع ما ادخرتموه ولو كان كثيرا. { إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ } أي: تمنعونه من التقديم لهن.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - يوسف١٢ :٤٨
Yusuf12:48