الرسم العثمانيلَّقَدْ كَانَ فِى يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِۦٓ ءَايٰتٌ لِّلسَّآئِلِينَ
الـرسـم الإمـلائـيلَقَدۡ كَانَ فِىۡ يُوۡسُفَ وَاِخۡوَتِهٖۤ اٰيٰتٌ لِّـلسَّآٮِٕلِيۡنَ
تفسير ميسر:
لقد كان في قصة يوسف وإخوته عبر وأدلة تدل على قدرة الله وحكمته لمن يسأل عن أخبارهم، ويرغب في معرفتها.
يقول تعالى لقد كان في قصة يوسف وخبره مع إخوته آيات أي عبرة ومواعظ للسائلين عن ذلك المستخبرين عنه فإنه خبر عجيب يستحق أن يخر عنه " إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا" أي حلفوا فيما يظنون والله ليوسف وأخوه يعنون بنيامين وكان شقيقه لأمه "أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة " أي جماعة فكيف أحب ذينك الاثنين أكثر من الجماعة " إن أبانا لفي ضلال مبين " يعنون في تقديمها علينا ومحبته إياهما أكثر منا. واعلم أنه لم يقم دليل على نبوة أخوه يوسف وظاهر هذا السياق يدل على خلاف ذلك ومن الناس من يزعم أنه أوحي إليهم بعد ذلك وفي هذا نظر ويحتاج مدعي ذلك إلى دليل ولم يذكروا سوى قوله تعالى " قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط " وهذا فيه احتمال لأن بطون بني إسرائيل يقال لهم الأسباط كما يقال للعرب قبائل وللعجم شعوب يذكر تعالى أنه أوحى إلى الأنبياء من أسباط بني إسرائيل فذكرهم إجمالا لأنهم كثيرون ولكن كل سبط من نسل رجل من اخوة يوسف ولم يقم دليل علي أعيان هؤلاء أنهم أوحى إليهم والله أعلم.
قوله تعالى ; لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين يعني ، من سأل عن حديثهم . وقرأ أهل مكة " آية " على التوحيد ; واختار أبو عبيد " آيات " على الجمع ; قال ; لأنها خير كثير . قال النحاس ; و " آية " هنا قراءة حسنة ، أي لقد كان للذين سألوا عن خبر يوسف آية فيما خبروا به ، لأنهم سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكة فقالوا ; أخبرنا عن رجل من الأنبياء كان بالشام أخرج ابنه إلى مصر ، فبكى عليه حتى عمي ؟ ولم يكن بمكة أحد من أهل الكتاب ، ولا من يعرف خبر الأنبياء ; وإنما وجه اليهود إليهم من المدينة يسألونه عن هذا - فأنزل الله - عز وجل - سورة [ يوسف ] جملة واحدة ; فيها كل ما في التوراة من خبر وزيادة ، فكان ذلك آية للنبي - صلى الله عليه وسلم - بمنزلة إحياء عيسى ابن مريم - عليه السلام - الميت . آيات موعظة ; وقيل ; عبرة . وروي أنها [ ص; 116 ] في بعض المصاحف " عبرة " . وقيل ; بصيرة . وقيل ; عجب ; تقول فلان آية في العلم والحسن أي عجب . قال الثعلبي في تفسيره ; لما بلغت الرؤيا إخوة يوسف حسدوه ; وقال ابن زيد ; كانوا أنبياء ، وقالوا ; ما يرضى أن يسجد له إخوته حتى يسجد له أبواه ! فبغوه بالعداوة ، وقد تقدم رد هذا القول . قال الله تعالى ; لقد كان في يوسف وإخوته وأسماؤهم ; روبيل وهو أكبرهم ، وشمعون ولاوي ويهوذا وزيالون ويشجر ، وأمهم ليا بنت ليان ، وهي بنت خال يعقوب ، وولد له من سريتين أربعة نفر ; دان ونفتالي وجاد وآشر ، ثم توفيت ليا فتزوج يعقوب أختها راحيل ، فولدت له يوسف وبنيامين ، فكان بنو يعقوب اثني عشر رجلا . قال السهيلي ; وأم يعقوب اسمها رفقا ، وراحيل ماتت في نفاس بنيامين ، وليان بن ناهر بن آزر هو خال يعقوب . وقيل ; في اسم الأمتين ليا وتلتا ، كانت إحداهما لراحيل ، والأخرى لأختها ليا ، وكانتا قد وهبتاهما ليعقوب ، وكان يعقوب قد جمع بينهما ، ولم يحل لأحد بعده ; لقول الله تعالى ; وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف . وقد تقدم الرد على ما قاله ابن زيد ، والحمد لله .
القول في تأويل قوله تعالى ; لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7)قال أبو جعفر ; يقول تعالى ذكره; (لقد كان في يوسف وإخوته) الأحد عشر ، (آيات) يعني عبر وذكر (11) ، (للسائلين) يعني السائلين عن أخبارهم وقصصهم . وإنما أراد جل ثناؤه بذلك نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم.* * *وذلك أنه يقال; إن الله تبارك وتعالى إنما أنـزل هذه السورة على نبيه، يعلمه فيها ما لقي يوسف من أَدانيه وإخوته من الحسد ، (12) مع تكرمة الله إيَّاه ، تسليةً له بذلك مما يلقى من أدانيه وأقاربه من مشركي قريش . (13) كذلك كان ابن إسحاق يقول;18794- حدثنا ابن حميد ، قال; حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال; إنما قصّ الله تبارك وتعالى على محمد خبر يوسف، وبَغْي إخوته عليه وحسدهم إياه، حين ذكر رؤياه، لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من بغي قومه وحسده حين أكرمه الله عز وجل بنبوته، ليأتسي به. (14)* * *واختلفت القراء في قراءة قوله; (آيات للسائلين). فقرأته عامة قراء الأمصار "آياتٌ" على الجماع .* * *وروي عن مجاهد وابن كثير أنهما قرآ ذلك على التوحيد .* * *والذي هو أولى القراءتين بالصواب، قراءةُ من قرأ ذلك على الجماع ، لإجماع الحجة من القراء عليه.* * *----------------------الهوامش;(11) انظر تفسير" الآية" فيما سلف من فهارس اللغة ( أيي ) .(12) في المطبوعة ;" من إخوته وأذايته من الحسد" ، وفي المخطوطة ;" من أدانيه وإخوته من الحسد" ، ووضع فوق" أدانيه"" كذا" ، كأنه شك في صحتها ، وهي صواب لا شك فيه ، يعني أقرب الناس إليه . وانظر ما سيلي ، والتعليق عليه .(13) في المطبوعة ;" من أذايته وأقاربه" ، والصواب ما أثبت ، وإنما حمله عليه ما ورط فيه نفسه قبل أسطر . انظر التعليق السالف .(14) في المطبوعة ;" ليتأسى به" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو صواب .
يقول تعالى: { لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ ْ} أي: عبر وأدلة على كثير من المطالب الحسنة، { لِلسَّائِلِينَ ْ} أي: لكل من سأل عنها بلسان الحال أو بلسان المقال، فإن السائلين هم الذين ينتفعون بالآيات والعبر، وأما المعرضون فلا ينتفعون بالآيات، ولا في القصص والبينات.
(اللام) لام القسم لقسم مقدّر
(قد) حرف تحقيق
(كان) فعل ماض ناقص- ناسخ-
(في يوسف) جارّ ومجرور متعلّق بخبر كان مقدّم، وعلامة الجرّ الفتحة
(الواو) عاطفة
(إخوته) معطوف على يوسف مجرور.. و (الهاء) مضاف إليه
(آيات) اسم كان مؤخّر مرفوع
(للسائلين) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لآيات .
جملة: «كان في يوسف.. آيات» لا محلّ لها جواب قسم مقدّر..
وجملة القسم المقدّرة لا محلّ لها استئنافيّة.
- القرآن الكريم - يوسف١٢ :٧
Yusuf12:7