قَالُوا جَزٰٓؤُهُۥ مَن وُجِدَ فِى رَحْلِهِۦ فَهُوَ جَزٰٓؤُهُۥ ۚ كَذٰلِكَ نَجْزِى الظّٰلِمِينَ
قَالُوۡا جَزَاۤؤُهٗ مَنۡ وُّجِدَ فِىۡ رَحۡلِهٖ فَهُوَ جَزَاۤؤُهٗؕ كَذٰلِكَ نَجۡزِى الظّٰلِمِيۡنَ
تفسير ميسر:
قال إخوة يوسف; جزاء السارق مَن وُجِد المسروق في رحله فهو جزاؤه. أي يسلَّم بسرقته إلى مَن سرق منه حتى يكون عبدًا عنده، مثل هذا الجزاء -وهو الاسترقاق- نجزي الظالمين بالسرقة، وهذا ديننا وسنتنا في أهل السرقة.
وهكذا كانت شريعة إبراهيم عليه السلام أن السارق يدفع إلى المسروق منه.1
فأجاب إخوة يوسف ; جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه أي يستعبد ويسترق . فجزاؤه مبتدأ ، و من وجد في رحله خبره ; والتقدير ; جزاؤه استعباد من وجد في رحله ; فهو كناية عن الاستعباد ; وفي الجملة معنى التوكيد ، كما تقول ; جزاء من سرق القطع فهذا جزاؤه .كذلك نجزي الظالمين أي كذلك نفعل في الظالمين إذا سرقوا أن يسترقوا ، وكان هذا من دين يعقوب - عليه السلام - وحكمه . وقولهم هذا قول من لم يسترب نفسه ; لأنهم التزموا استرقاق من وجد في رحله ، وكان حكم السارق عند أهل مصر أن يغرم ضعفي ما أخذ ; قاله الحسن والسدي وغيرهما . مسألة ; قد تقدم في سورة " المائدة " أن القطع في السرقة ناسخ لما تقدم من الشرائع ، أو لما كان في شرع يعقوب من استرقاق السارق ، والله أعلم .
(قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه) . ، يقول جل ثناؤه; وقال إخوة يوسف; ثواب السرق من وجد في متاعه السرق (فهو جزاؤه) , (14) يقول; فالذي وجد ذلك في رحله ثوابه بأن يسلم بسَرِقته إلى من سرق منه حتى يستَرِقّه ، (كذلك نجزي الظالمين) ، يقول; كذلك نفعل بمن ظلم ففعل ما ليس له فعله من أخذه مال غيره سَرَقًا .* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .*ذكر من قال ذلك;19556- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق; (فهو جزاؤه) ، أي; سُلِّم به ، (كذلك نجزي الظالمين) ، أي; كذلك نصنع بمن سرقَ منَّا.19557- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرزاق , عن معمر قال، بلغنا في قوله; (قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين) ، أخبروا يوسف بما يحكم في بلادهم أنه من سرق أخذ عبدًا , فقالوا; (جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه).19558- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي; (قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه) ، تأخذونه فهو لكم.* * *قال أبو جعفر; ومعنى الكلام; قالوا; ثوابُ السَّرَق الموجودُ في رحله ، كأنه قيل; " ثوابه استرقاق الموجود في رحله "، ثم حذف " استرقاق ", إذ كان معروفًا معناه. ثم ابتدئ الكلام فقيل; ( هو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين) .* * *وقد يحتمل وجهًا آخر; أن يكون معناه; قالوا ثوابُ السَّرق، الذي يوجدُ السَّرق في رحله , فالسارق جزاؤه ، فيكون " جزاؤه " الأول مرفوعًا بجملة الخبر بعده , ويكون مرفوعًا بالعائد من ذكره في" هو ", و " هو " مرافع " جزاؤه " الثاني . (15)* * *ويحتمل وجهًا ثالثًا; وهو أن تكون " مَنْ" جزاءً (16) وتكون مرفوعة بالعائد من ذكره في" الهاء " التي في" رحله ", و " الجزاء " الأول مرفوعًا بالعائد من ذكره في" وجد ", ويكون جواب الجزاء " الفاء " في" فهو ". و " الجزاء " الثاني مرفوع ب " هو ", فيكون معنى الكلام حينئذ; قالوا; جزاء السَّرق، من وجد السرق في رحله فهو ثوابه، يُستَرَقُّ ويُستعبَد . (17)* * *----------------------الهوامش;(14) " السرق" ( بفتحتين ) ، ومصدره فعل السارق . وسوف يسمى" المسروق"" سرقًا" ، بعد قليل ، وهو صحيح في العربية جيد . وهكذا كان يقوله أئمة الفقهاء القدماء .(15) في المطبوعة ;" رافع" ، وأثبت ما في المخطوطة . وهذا الوجه الثاني مكرر في المخطوطة ، كتب مرتين .(16) في المطبوعة ;" جزائية" ، وهو تصرف معيب .(17) انظر معاني القرآن للفراء في تفسير هذه الآية ، فقد ذكر هذه الوجوه بغير هذا اللفظ .
{ قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ } أي: الموجود في رحله { جَزَاؤُهُ } بأن يتملكه صاحب السرقة، وكان هذا في دينهم أن السارق إذا ثبتت عليه السرقة كان ملكا لصاحب المال المسروق، ولهذا قالوا: { كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ }
«قالوا جزاؤه» مبتدأ خبره «من وجد في رحله» يُسْتَرق ثم أكد بقوله «فهو» أي السارق «جزاؤه» أي المسروق لا غير وكانت سنة آل يعقوب «كذلك» الجزاء «نجزي الظالمين» بالسرقة فصرحوا ليوسف بتفتيش أوعيتهم.
(قالوا) فعل وفاعلـ (جزاؤه) مبتدأ مرفوع.. و (الهاء) مضاف إليه.. والخبر محذوف تقديره بيّن أو واضح أو معروف.. إلخ ،
(من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(وجد) فعل ماض مبنيّ للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الصواع
(في رحله) جارّ ومجرور متعلّق بـ (وجد) ، و (الهاء) مضاف إليه
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(هو) ضمير منفصل مبتدأ في محلّ رفع- أي السجن أو الاسترقاق-
(جزاؤه) خبر مرفوع و (الهاء) مضاف إليه
(الكاف) حرف جرّ وتشبيه ،
(ذلك) اسم إشارة مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف مفعول مطلق عامله نجزي ...و (اللام) للبعد، و (الكاف) للخطابـ (نجزي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء والفاعل نحن
(الظّالمين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: «قالوا ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «جزاؤه
(بيّن) ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «من وجد ... » لا محلّ لها تفسير لما سبق .
وجملة: «وجد ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة: «هو جزاؤه ... » في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «نجزي ... » لا محلّ لها استئناف في حيّز القول.
الصرف لهذه الآية غير متوفّر