لَهُۥ دَعْوَةُ الْحَقِّ ۖ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَىْءٍ إِلَّا كَبٰسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَآءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبٰلِغِهِۦ ۚ وَمَا دُعَآءُ الْكٰفِرِينَ إِلَّا فِى ضَلٰلٍ
لَهٗ دَعۡوَةُ الۡحَـقِّؕ وَالَّذِيۡنَ يَدۡعُوۡنَ مِنۡ دُوۡنِهٖ لَا يَسۡتَجِيۡبُوۡنَ لَهُمۡ بِشَىۡءٍ اِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيۡهِ اِلَى الۡمَآءِ لِيَبۡلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِـغِهٖؕ وَمَا دُعَآءُ الۡكٰفِرِيۡنَ اِلَّا فِىۡ ضَلٰلٍ
تفسير ميسر:
لله سبحانه وتعالى وحده دعوة التوحيد (لا إله إلا الله)، فلا يُعبد ولا يُدعى إلا هو، والآلهة التي يعبدونها من دون الله لا تجيب دعاء مَن دعاها، وحالهم معها كحال عطشان يمد يده إلى الماء من بعيد؛ ليصل إلى فمه فلا يصل إليه، وما سؤال الكافرين لها إلا غاية في البعد عن الصواب لإشراكهم بالله غيره.
قال علي بن أبى طالب رضي الله عنه " له دعوة الحق " قال التوحيد رواه ابن جرير وقال ابن عباس وقتادة ومالك عن محمد بن المنكدر " له دعوة الحق " لا إله إلا الله " والذين يدعون من دونه " الآية أي ومثل الذين يعبدون آلهة غير الله " كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه " قال علي بن أبي طالب كمثل الذي يتناول الماء من طرف البئر بيده وهو لا يناله أبدا بيده فكيف يبلغ فاه ؟ وقال مجاهد " كباسط كفيه " يدعو الماء بلسانه ويشير إليه فلا يأتيه أبدا وقيل المراد كقابض يده على الماء فإنه لا يحكم منه على شيء كما قال الشاعر; فإني وإياكم وشوقا إليكم كقابض ماء لم تسقه أنامله وقال الآخر; فأصبحت مما كان بيني وبينها من الود مثل القابض الماء باليد ومعنى هذا الكلام أن الذي يبسط يده إلى الماء إما قابضا وإما متناولا له من بعد كما أنه لا ينتفع بالماء الذي لم يصل إلى فيه الذي جعله محلا للشرب فكذلك هؤلاء المشركون الذين يعبدون مع الله إلها غيره لا ينتفعون بهم أبدا في الدنيا ولا في الآخرة ولهذا قال " وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ".
قوله تعالى ; له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلالقوله تعالى ; له دعوة الحق أي لله دعوة الصدق . قال ابن عباس وقتادة وغيرهما ; لا إله إلا الله . وقال الحسن ; إن الله هو الحق ، فدعاؤه دعوة الحق . وقيل ; إن الإخلاص في الدعاء هو دعوة الحق ; قال بعض المتأخرين . وقيل ; دعوة الحق دعاؤه عند الخوف ; فإنه لا يدعى فيه إلا إياه . كما قال ; ضل من تدعون إلا إياه ; قال الماوردي ; وهو أشبه بسياق الآية ; لأنه قال ; والذين يدعون من دونهوالذين يدعون من دونه يعني الأصنام والأوثان .لا يستجيبون لهم بشيء أي لا يستجيبون لهم دعاء ، ولا يسمعون لهم نداء .إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه ضرب الله - عز وجل - الماء مثلا ليأسهم من الإجابة لدعائهم ; لأن العرب تضرب لمن سعى فيما لا يدركه مثلا بالقابض الماء باليد ; قال ;فأصبحت فيما كان بيني وبينها من الود مثل القابض الماء باليدوفي معنى هذا المثل ثلاثة أوجه أن الذي يدعو إلها من دون الله كالظمآن الذي يدعو الماء إلى فيه من بعيد يريد تناوله ولا يقدر عليه بلسانه ، ويشير إليه بيده فلا يأتيه أبدا ، لأن الماء لا يستجيب ، وما الماء ببالغ إليه ; قاله مجاهد .أنه كالظمآن الذي يرى خياله في الماء وقد بسط كفه فيه ليبلغ فاه وما هو ببالغه ، لكذب ظنه ، وفساد توهمه ; قاله ابن عباس . الثالث ; أنه كباسط كفه إلى الماء ليقبض عليه فلا يجمد في كفه شيء منه . وزعم الفراء أن المراد بالماء هاهنا البئر ; لأنها معدن للماء ، وأن المثل كمن مد يده إلى البئر بغير رشاء ; وشاهده قول الشاعر ;[ ص; 263 ]فإن الماء ماء أبي وجدي وبئري ذو حفرت وذو طويتقال علي - رضي الله عنه - ; هو كالعطشان على شفة البئر ، فلا يبلغ قعر البئر ، ولا الماء يرتفع إليه ، ومعنى إلا كباسط إلا كاستجابة باسط كفيه إلى الماء فالمصدر مضاف إلى الباسط ، ثم حذف المضاف ; وفاعل المصدر المضاف مراد في المعنى وهو الماء ; والمعنى ; إلا كإجابة باسط كفيه إلى الماء ; واللام في قوله ; ليبلغ فاه متعلقة بالبسط ، وقوله ; وما هو ببالغه كناية عن الماء ; أي وما الماء ببالغ فاه . ويجوز أن يكون هو كناية عن الفم ; أي ما الفم ببالغ الماء .وما دعاء الكافرين إلا في ضلال أي ليست عبادة الكافرين الأصنام إلا في ضلال ، لأنها شرك ، وقيل ; إلا في ضلال أي يضل عنهم ذلك الدعاء ، فلا يجدون منه سبيلا ; كما قال ; أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وقال ابن عباس ; أي أصوات الكافرين محجوبة عن الله فلا يسمع دعاءهم .
قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; لله من خلقه الدعوة الحق, و " الدعوة " هي" الحق " كما أضيفت الدار إلى الآخرة في قوله; وَلَدَارُ الآخِرَةِ [سورة يوسف; 109]، وقد بينا ذلك فيما مضى. (1)وإنما عنى بالدعوة الحق، توحيد الله وشهادةَ أن لا إله إلا الله .* * *وبنحو الذي قلنا تأوله أهل التأويل .*ذكر من قال ذلك;20280- حدثنا أحمد بن إسحاق قال حدثنا أبو أحمد قال; حدثنا إسرائيل, عن سماك, عن عكرمة, عن ابن عباس; (دعوة الحق) ، قال; لا إله إلا الله .20281- حدثني المثنى قال; حدثنا عبد الله قال; حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, قوله; (له دعوة الحق) قال; شهادة أن لا إله إلا الله .20282- ... قال; حدثنا إسحاق قال; حدثنا عبد الله بن هاشم قال; حدثنا سيف, عن أبي روق, عن أبي أيوب, عن علي رضي الله عنه; (له دعوة الحق) قال; التوحيد . (2)20283- حدثنا بشر قال; حدثنا يزيد قال; حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله; (له دعوة الحق) قال; لا إله إلا الله .20284- حدثنا القاسم قال; حدثنا الحسين قال; ثني حجاج, عن ابن جريج قال; قال ابن عباس, في قوله; (له دعوة الحق) قال; لا إله إلا الله .20285- حدثني يونس قال; أخبرنا ابن وهب قال; قال ابن زيد, في قوله; (له دعوة الحق) ; لا إله إلا الله ليست تنبغي لأحد غيره, لا ينبغي أن يقال; فلان إله بني فلان .* * *وقوله; (والذين يدعون من دونه) يقول تعالى ذكره; والآلهة التي يَدْعونها المشركون أربابًا وآلهة .* * *وقوله (من دونه) يقول; من دون الله.* * *وإنما عنى بقوله; (من دونه) الآلهة أنها مقصِّرة عنه, وأنَّها لا تكون إلهًا, ولا يجوز أن يكون إلهًا إلا الله الواحد القهار، (3) ومنه قول الشاعر; (4)أتُوعِـــدُنِي وَرَاء بَنِــي رِيَــاحٍ?كَــذَبْتَ لَتَقْصُــرَنّ يَــدَاكَ دُونِـي (5)يعني; لتقصرنَّ يداك عني .* * *وقوله; (لا يستجيبون لهم بشيء ) يقول; لا تجيب هذه الآلهة التي يدعوها هؤلاء المشركون آلهةً بشيء يريدونه من نفع أو دفع ضرٍّ (إلا كباسط كفيه إلى الماء) ، يقول; لا ينفع داعي الآلهة دعاؤه إياها إلا كما ينفع باسط كفيه إلى الماء بسطُه إياهما إليه من غير أن يرفعه إليه في إناء, ولكن ليرتفع إليه بدعائه إياه وإشارته إليه وقبضه عليه .* * *والعرب تضرب لمن سعى فيما لا يدركه مثلا بالقابض على الماء، (6) قال بعضهم; (7)فــإنِّي وإيَّــاكُمْ وَشَــوْقًا إلَيْكُــمُكَقَــابِضِ مَــاءٍ لَـمْ تَسِـقْهُ أَنَامِلُـه (8)يعني بذلك; أنه ليس في يده من ذلك إلا كما في يد القابض على الماء, لأن القابض على الماء لا شيء في يده . وقال آخر; (9)فَـأَصْبَحْتُ مِمَّـا كـانَ بَيْنِـي وبَيْنهَـامِـنَ الـوُدِّ مِثْـلَ القَـابِضِ المَاءَ بِاليَد (10)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .*ذكر من قال ذلك;20286- حدثني المثنى قال; حدثنا إسحاق قال; حدثنا سيف, عن أبي روق, عن أبي أيوب, عن علي رضي الله عنه, في قوله; (إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه) قال; كالرجل العطشان يمد يده إلى البئر ليرتفع الماء إليه وما هو ببالغه . (11)20287- حدثنا الحسن بن محمد قال; حدثنا شبابة قال; حدثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله; (كباسط كفيه إلى الماء) يدعو الماء بلسانه ويشير إليه بيده, ولا يأتيه أبدًا .20288- ... قال; حدثنا حجاج, عن ابن جريج قال; أخبرني الأعرج, عن مجاهد; (ليبلغ فاه) يدعوه ليأتيه وما هو بآتيه, كذلك لا يستجيب من هو دونه .20289- حدثني محمد بن عمرو قال; حدثنا أبو عاصم قال; حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد; (كباسط كفيه إلى الماء) يدعو الماء بلسانه ويشير إليه بيده, فلا يأتيه أبدًا .20290- حدثني المثنى قال; حدثنا أبو حذيفة قال; حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد20291- ... قال; وحدثنا إسحاق قال; حدثنا عبد الله قال; حدثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله .20292- حدثنا القاسم قال; حدثنا الحسين قال; حدثني حجاج. عن ابن جريج, عن مجاهد مثل حديث الحسن عن حجاج قال ابن جريج; وقال الأعرج عن مجاهد; (ليبلغ فاه) قال; يدعوه لأن يأتيه وما هو بآتيه, فكذلك لا يستجيب مَنْ دونه .20293- حدثنا بشر قال; حدثنا يزيد قال; حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله; (والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه) وليس ببالغه حتى يتمزَّع عنقه ويهلك عطشًا قال الله تعالى; (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) هذا مثل ضربه الله ; أي هذا الذي يدعو من دون الله هذا الوثنَ وهذا الحجر لا يستجيب له بشيء أبدًا ولا يسُوق إليه خيرًا ولا يدفع عنه سوءًا حتى يأتيه الموت, كمثل هذا الذي بسط ذارعيه إلى الماء ليبلغ فاه ولا يبلغ فاه ولا يصل إليه ذلك حتى يموت عطشًا .* * *وقال آخرون; معنى ذلك; والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليتناول خياله فيه, وما هو ببالغ ذلك .*ذكر من قال ذلك;20294- حدثني المثنى قال; حدثنا عبد الله بن صالح قال; حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله; (كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه) ، فقال; هذا مثل المشرك مع الله غيرَهُ, فمثله كمثل الرَّجل العطشان الذي ينظر إلى خياله في الماء من بعيد, فهو يريد أن يتناوله ولا يقدر عليه .* * *وقال آخرون في ذلك ما;20295- حدثني به محمد بن سعد قال; حدثني أبي قال; حدثني عمي قال; حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله; (والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء) إلى; (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) يقول; مثل الأوثان والذين يعبدون من دون الله، (12) كمثل رجل قد بلغه العطش حتى كَرَبه الموت وكفاه في الماء قد وضعهما لا يبلغان فاه, يقول الله; لا تستجيب الآلهة ولا تنفع الذين يعبدونها حتى يبلغ كفّا هذا فاه, وما هما ببالغتين فاه أبدًا .20296- حدثني يونس قال; أخبرنا ابن وهب قال; قال ابن زيد في قوله; (والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه) قال; لا ينفعونهم بشيء إلا كما ينفع هذا بكفيه, يعني بَسْطَهما إلى ما لا ينالُ أبدًا .* * *وقال آخرون; في ذلك ما;20297- حدثنا به محمد بن عبد الأعلى قال; حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة; (إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه) وليس الماء ببالغ فاه ما قام باسطًا كفيه لا يقبضهما(وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) . قال; هذا مثلٌ ضربه الله لمن اتخذ من دون الله إلهًا أنه غير نافعه, ولا يدفع عنه سوءًا حتى يموت على ذلك .* * *وقوله; (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) يقول; وما دعاء من كفر بالله ما يدعو من الأوثان والآلهة(إلا في ضلال)، يقول; إلا في غير استقامة ولا هدًى, لأنه يشرك بالله .----------------------الهوامش ;(1) انظر ما سلف ص ; 294 ، 295 .(2) الأثر ; 20282 - مضى هذا الإسناد الهالك مرارًا آخرها رقم ; 20273 .(3) انظر تفسير" دون" في فهارس اللغة ( دون ) .(4) هو جرير .(5) ديوانه 577 ، والنقائض ; 31 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 ; 326 والأضداد لابن الأنباري ; 58 ، وسيأتي التفسير قريبًا 13 ; 130 ( بولاق ) وغيرها كثير ، يهجو فضالة من بني عرين .(6) قالوا في المثل ; كالقابض على الماء" ، انظر أمثال الميداني 2 ; 80 ، وجمهرة الأمثال ; 164 .(7) هو ضابئ بن الحارث البرجمي .(8) من قصيدته التي قالها في السجن ، وكان أعد حديدة يريد أن يغتال بها عثمان بن عفان رضي الله عنه وشعره في خزانة الأدب 4 ; 80 ، وفي طبقات فحول الشعراء ; 145 ، وتاريخ الطبري 5 ; 137 / 7 ; 213 ، والبيت في الخزانة ، وفي اللسان ( وسق ) ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 ; 327 ، وغريب القرآن لابن قتيبة ; 226 . وقوله ;" لم تسقه" ، من" وسقت الشيء أسقه وسقًا" ، إذا حملته .(9) هو الأحوص بن محمد الأنصاري .(10) الزهرة ; 183 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 ; 327 ، وقبله ;فوَانـدَمِي إذْ لـم أَعُـجْ , إذ تقـولُ لِيتقــدَّمْ فَشَـيِّعنا إلـى ضَحْـوةِ الغَـدِووراية الزهرة ;سِـوَى ذِكْرهـا , كالقـابضَ الماءَ باليدِ* وهي رواية جيدة جدًا ، خير مما روى أبو عبيدة والطبري .(11) الأثر ; 20286 - هذا أيضًا هو الإسناد الهالك الذي مضى برقم ; 20282 .(12) في المطبوعة والمخطوطة ;" مثل الأثان الذين يعبدون" ، وهو لا يستقيم إلا كما كتبته .
أي: لله وحده { دَعْوَةُ الْحَقِّ } وهي: عبادته وحده لا شريك له، وإخلاص دعاء العبادة ودعاء المسألة له تعالى، أي: هو الذي ينبغي أن يصرف له الدعاء، والخوف، والرجاء، والحب، والرغبة، والرهبة، والإنابة؛ لأن ألوهيته هي الحق، وألوهية غيره باطلة { وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ } من الأوثان والأنداد التي جعلوها شركاء لله. { لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ } أي: لمن يدعوها ويعبدها بشيء قليل ولا كثير لا من أمور الدنيا ولا من أمور الآخرة { إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ } الذي لا تناله كفاه لبعده، { لِيَبْلُغَ } ببسط كفيه إلى الماء { فَاهُ } فإنه عطشان ومن شدة عطشه يتناول بيده، ويبسطها إلى الماء الممتنع وصولها إليه، فلا يصل إليه. كذلك الكفار الذين يدعون معه آلهة لا يستجيبون لهم بشيء ولا ينفعونهم في أشد الأوقات إليهم حاجة لأنهم فقراء كما أن من دعوهم فقراء، لا يملكون مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير. { وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ } لبطلان ما يدعون من دون الله، فبطلت عباداتهم ودعاؤهم؛ لأن الوسيلة تبطل ببطلان غايتها، ولما كان الله تعالى هو الملك الحق المبين، كانت عبادته حقًّا متصلة النفع لصاحبها في الدنيا والآخرة. وتشبيه دعاء الكافرين لغير الله بالذي يبسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه من أحسن الأمثلة؛ فإن ذلك تشبيه بأمر محال، فكما أن هذا محال، فالمشبه به محال، والتعليق على المحال من أبلغ ما يكون في نفي الشيء كما قال تعالى: { إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط }
(له دعوة) مثل له معقّبات ،
(الحقّ) مضاف إليه مجرور
(الواو) عاطفة
(الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(يدعون) مضارع مرفوع.. و (الواو) فاعلـ (من دونه) جارّ ومجرور متعلّق بحال من مفعول يدعون المقدّر و (الهاء) مضاف إليه
(لا) نافية
(يستجيبون) مثل يدعون
(اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (يستجيبون)
(بشيء) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يستجيبون) على معنى يجيبون
(إلّا) أداة حصر
(كباسط) جارّومجرور متعلّق بمحذوف مفعول مطلق أي: إلّا استجابة كاستجابة باسط كفّيه ، فهو على حذف مضاف
(كفّيه) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء.. و (الهاء) مضاف إليه
(إلى الماء) جارّ ومجرور متعلّق بـ (باسط)
(اللام) للتعليلـ (يبلغ) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام، والفاعل هو أي الماء
(فاه) مفعول به منصوب وعلامة النصب الألف.. و (الهاء) مضاف إليه.
والمصدر المؤوّلـ (أن يبلغ..) في محلّ جرّ باللام متعلّق بـ (باسط) .
(الواو) واو الحالـ (ما) نافية عاملة عمل ليس
(هو) ضمير منفصل اسم ما في محلّ رفع
(الباء) زائدة
(بالغه) مجرور لفظا منصوب محلّا خبر ما..
و (الهاء) مثل الأخير
(الواو) استئنافيّة
(ما) نافية مهملة
(دعاء) مبتدأ مرفوع
(الكافرين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء
(إلّا) أداة حصر
(في ضلال) جارّ ومجرور خبر المبتدأ.
جملة: «له دعوة ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «الّذين يدعون ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «يدعون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «لا يستجيبون ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الذين) .
وجملة: «يبلغ ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (أن) المضمر.
وجملة: «ما هو ببالغه ... » في محلّ نصب حال.
وجملة: «ما دعاء الكافرين ... » لا محلّ لها استئنافيّة.