الرسم العثمانيوَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هٰذَا حَلٰلٌ وَهٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ
الـرسـم الإمـلائـيوَلَا تَقُوۡلُوۡا لِمَا تَصِفُ اَلۡسِنَـتُكُمُ الۡكَذِبَ هٰذَا حَلٰلٌ وَّهٰذَا حَرَامٌ لِّـتَفۡتَرُوۡا عَلَى اللّٰهِ الۡكَذِبَؕ اِنَّ الَّذِيۡنَ يَفۡتَرُوۡنَ عَلَى اللّٰهِ الۡكَذِبَ لَا يُفۡلِحُوۡنَؕ
تفسير ميسر:
ولا تقولوا -أيها المشركون- للكذب الذي تصفه ألسنتكم; هذا حلال لِما حرَّمه الله، وهذا حرام لِما أحَلَّه الله؛ لتختلقوا على الله الكذب بنسبة التحليل والتحريم إليه، إن الذين يختلقون على الله الكذب لا يفوزون بخير في الدنيا ولا في الآخرة.
ثم نهى تعالى عن سلوك سبيل المشركين الذين حللوا وحرموا بمجرد ما وصفوه واصطلحوا عليه من الأسماء بأراءهم من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام وغير ذلك مما كان شرعا لهم ابتدعوه في جاهليتهم فقال "ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب" ويدخل في هذا كل من ابتدع بدعة ليس له فيها مستند شرعي أو حلل شيئا مما حرم الله أو حرم شيئا مما أباح الله بمجرد رأيه وتشهيه وما في قوله "لما تصف" مصدرية أى ولا تقولوا الكذب لوصف ألسنتكم ثم توعد على ذلك فقال "إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون" أي في الدنيا ولا في الآخرة.
قوله تعالى ; ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون[ ص; 178 ] فيه مسألتان ;الأولى ; قوله تعالى ; لما تصف ما هنا مصدرية ، أي لوصف . وقيل ; اللام لام سبب وأجل ، أي لا تقول لأجل وصفكم الكذب بنزع الخافض ، أي لما تصف ألسنتكم من الكذب . وقرئ الكذب بضم الكاف والذال والباء ، نعتا للألسنة . وقد تقدم وقرأ الحسن هنا خاصة الكذب بفتح الكاف وخفض الذال والباء ، نعتا " لما " ; التقدير ; ولا تقولوا لوصف ألسنتكم الكذب . وقيل على البدل من ما ; أي ولا تقولوا للكذب الذي تصفه ألسنتكم هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب . الآية خطاب للكفار الذين حرموا البحائر والسوائب وأحلوا ما في بطون الأنعام وإن كان ميتة .هذا حلال إشارة إلى ميتة بطون الأنعام ، وكل ما أحلوه .وهذا حرام إشارة إلى البحائر والسوائب وكل ما حرموه .إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحونالثانية ; أسند الدارمي أبو محمد في مسنده أخبرنا هارون عن حفص عن الأعمش قال ; ما سمعت إبراهيم قط يقول حلال ولا حرام ، ولكن كان يقول ; كانوا يكرهون وكانوا يستحبون . وقال ابن وهب قال مالك ; لم يكن من فتيا الناس أن يقولوا هذا حلال وهذا حرام ، ولكن يقولوا إياكم كذا وكذا ، ولم أكن لأصنع هذا . ومعنى هذا ; أن التحليل والتحريم إنما هو لله - عز وجل - ، وليس لأحد أن يقول أو يصرح بهذا في عين من الأعيان ، إلا أن يكون البارئ - تعالى - يخبر بذلك عنه . وما يؤدي إليه الاجتهاد في أنه حرام يقول ; إني أكره كذا . وكذلك كان مالك يفعل اقتداء بمن تقدم من أهل الفتوى . فإن قيل ; فقد قال فيمن قال لزوجته أنت علي حرام إنها حرام ويكون ثلاثا . فالجواب أن مالكا لما سمع علي بن أبي طالب يقول إنها حرام اقتدى به . وقد يقوى الدليل على التحريم عند المجتهد فلا بأس عند ذلك أن يقول ذلك ، كما يقول إن الربا حرام في غير الأعيان الستة ، وكثيرا ما يطلق مالك - رحمه الله - ; فذلك حرام لا يصلح في الأموال الربوية وفيما خالف المصالح وخرج عن طريق المقاصد لقوة الأدلة في ذلك .
اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامَّة قرّاء الحجاز والعراق ( وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ ) فتكون تصف الكذب، بمعنى; ولا تقولوا لوصف ألسنتكم الكذب، فتكون " ما " بمعنى المصدر. وذُكر عن الحسن البصري أنه قرأ (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبِ) هذا بخفض الكذب، بمعنى; ولا تقولوا للكذب الذي تصفه ألسنتكم ( هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ ) فيجعل الكذب ترجمة عن " ما " التي في لمَا، فتخفضه بما تخفض به " ما ". وقد حُكي عن بعضهم; (لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكُذُبُ) يرفع الكُذُب، فيجعل الكُذُب من صفة الألسنة، ويخرج على فُعُل على أنه جمع كُذُوب وكذب، مثل شُكُور وشُكُر.والصواب عندي من القراءة في ذلك نصب الكَذِب لإجماع الحجة من القرّاء عليه ، فتأويل الكلام إذ كان ذلك كذلك لما ذكرنا; ولا تقولوا لوصف ألسنتكم الكذبَ فيما رزق الله عباده من المطاعم; هذا حلال، وهذا حرام، كي تفتروا على الله بقيلكم ذلك الكذبَ، فإن الله لم يحرم من ذلك ما تُحرِّمون، ولا أحلّ كثيًرا مما تُحِلون ، ثم تقدّم إليهم بالوعيد على كذبهم عليه، فقال ( إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ) يقول; إن الذين يتخرّصون على الله الكذب ويختلقونه، لا يخلَّدون في الدنيا ، ولا يبقون فيها، إنما يتمتعون فيها قليلا.
تفسير الآيتين 116 و 117 :ـ { وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ } أي: لا تحرموا وتحللوا من تلقاء أنفسكم، كذبا وافتراء على الله وتقولا عليه. { لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ } لا في الدنيا ولا في الآخرة، ولا بد أن يظهر الله خزيهم وإن تمتعوا في الدنيا فإنه { مَتَاعٌ قَلِيلٌ } ومصيرهم إلى النار { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
(الواو) استئنافيّة
(لا) ناهية جازمة
(تقولوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. و (الواو) فاعلـ (اللام) حرف جرّ
(ما) حرف مصدريّ ،
(تصف) مضارع مرفوع
(ألسنتكم) فاعل مرفوع.. و (كم) ضمير مضاف إليه
(الكذب) مفعول به عامله تصف منصوب .
والمصدر المؤوّلـ (ما تصف ألسنتكم..) في محلّ جرّ باللام متعلّق بـ (تقولوا) ، و (اللام) للتعليل.
(ها) حرف تنبيه
(ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(حلال) خبر مرفوع
(الواو) عاطفة
(هذا حرام) مثل هذا حلالـ (اللام) للتعليلـ (تفتروا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة النصب حذف النون و (الواو) فاعلـ (على الله) جارّ ومجرور متعلّق بـ (تفتروا) ،
(الكذب) مفعول به منصوب.
والمصدر المؤوّلـ (أن تفتروا) في محلّ جرّ باللام وهو بدل من المصدر المؤوّل الأوّل بإعادة الجارّ.
(إنّ) حرف مشبّه بالفعل- ناسخ-
(الّذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب اسم إنّ
(يفترون) مضارع مرفوع.. و (الواو) فاعلـ (على الله الكذب) مثل الأولى
(لا) نافية
(يفلحون) مثل يفترون.
جملة: «لا تقولوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تصف ألسنتكم ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(ما) .
وجملة: «هذا حلال ... » في محلّ نصب مقول القول .
وجملة: «هذا حرام ... » في محلّ نصب معطوف على جملة مقول القول.
وجملة: «تفتروا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر.
وجملة: «إنّ الّذين ... » لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «لا يفلحون» في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «يفترون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الّذين) .
(متاع) مبتدأ مرفوع خبره محذوف مقدّم أي لهم متاع ،
(قليل) نعت لمتاع مرفوع
(الواو) عاطفة
(اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ متعلّق بخبر مقدّم
(عذاب) مبتدأ مؤخّر مرفوع
(أليم) نعت لعذاب مرفوع.
وجملة: «
(لهم) متاع ... » لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «لهم عذاب ... » لا محلّ لها معطوفة على التعليليّة.
- القرآن الكريم - النحل١٦ :١١٦
An-Nahl16:116