الرسم العثمانيثُمَّ يَوْمَ الْقِيٰمَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآءِىَ الَّذِينَ كُنتُمْ تُشٰٓقُّونَ فِيهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْىَ الْيَوْمَ وَالسُّوٓءَ عَلَى الْكٰفِرِينَ
الـرسـم الإمـلائـيثُمَّ يَوۡمَ الۡقِيٰمَةِ يُخۡزِيۡهِمۡ وَيَقُوۡلُ اَيۡنَ شُرَكَآءِىَ الَّذِيۡنَ كُنۡتُمۡ تُشَآقُّوۡنَ فِيۡهِمۡؕ قَالَ الَّذِيۡنَ اُوۡتُوا الۡعِلۡمَ اِنَّ الۡخِزۡىَ الۡيَوۡمَ وَالسُّوۡۤءَ عَلَى الۡكٰفِرِيۡنَۙ
تفسير ميسر:
ثم يوم القيامة يفضحهم الله بالعذاب ويذلُّهم به، ويقول; أين شركائي من الآلهة التي عبدتموها من دوني؛ ليدفعوا عنكم العذاب، وقد كنتم تحاربون الأنبياء والمؤمنين وتعادونهم لأجلهم؟ قال العلماء الربانيون; إن الذل في هذا اليوم والعذاب على الكافرين بالله ورسله، الذين تقبض الملائكة أرواحهم في حال ظلمهم لأنفسهم بالكفر، فاستسْلَموا لأمر الله حين رأوا الموت، وأنكروا ما كانوا يعبدون من دون الله، وقالوا; ما كنا نعمل شيئًا من المعاصي، فيقال لهم; كَذَبْتم، قد كنتم تعملونها، إن الله عليم بأعمالكم كلها، وسيجازيكم عليها.
يظهر فضائحهم وما كانت تجنه ضمائرهم فجعله علانية كقوله تعالى "يوم تبلى السرائر" أي تظهر وتشتهر كما في الصحيحين عن ابن عمر قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة عند استه بقدر غدرته فيقال هذه غدرة فلان بن فلان" وهكذا هؤلاء يظهر للناس ما كانوا يسرونه من المكر ويخزيهم الله على رءوس الخلائق ويقول لهم الرب تبارك وتعالى مقرعا لهم وموبخا "أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم" تحاربون وتعادون في سبيلهم أين هم عن نصركم وخلاصكم ههنا؟ "هل ينصرونكم أو ينتصرون" "فما له من قوة ولا ناصر" فإذا توجهت عليهم الحجة وقامت عليهم الدلالة وحقت عليهم الكلمة وسكتوا عن الاعتذار حين لا فرار "قال الذين أوتوا العلم" وهم السادة في الدنيا والآخرة والمخبرون عن الحق في الدنيا والآخرة فيقولون حينئذ "إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين" أي الفضيحة والعذاب محيط اليوم بمن كفر بالله وأشرك به ما لا يضره وما لا ينفعه.
قوله تعالى ; ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرينقوله تعالى ; ثم يوم القيامة يخزيهم أي يفضحهم بالعذاب ويذلهم به ويهينهمويقول أين شركائي أي بزعمكم وفي دعواكم ، أي الآلهة التي عبدتم دوني ، وهو سؤال توبيخ . وقرأ ابن كثير " شركاي " بياء مفتوحة من غير همز ، والباقون بالهمز .الذين كنتم تشاقون فيهم أي تعادون أنبيائي بسببهم ، فليدفعوا عنكم هذا العذاب . وقرأ نافع " تشاقون " بكسر النون على الإضافة ، أي تعادونني فيهم . وفتحها الباقون .قال الذين أوتوا العلم قال ابن عباس ; أي الملائكة . وقيل المؤمنون .إن الخزي اليوم أي الهوان والذل يوم القيامة .والسوء على الكافرين أي العذاب . على الكافرين .
يقول تعالى ذكره; فعل الله بهؤلاء الذين مكروا الذين وصف الله جلّ ثناؤه أمرهم ما فعل بهم في الدنيا ، من تعجيل العذاب لهم ، والانتقام بكفرهم ، وجحودهم وحدانيته، ثم هو مع ذلك يوم القيامة مخزيهم ، فمذلهم بعذاب أليم ، وقائل لهم عند ورودهم عليه ( أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ ) أصله; من شاققت فلانا فهو يشاقُّني، وذلك إذا فعل كلّ واحد منهما بصاحبه ما يشقّ عليه . يقول تعالى ذكره يوم القيامة تقريعا للمشركين بعبادتهم الأصنام; أين شركائي؟ يقول; أين الذين كنتم تزعمون في الدنيا أنهم شركائي اليوم ، ما لهم لا يحضرونكم ، فيدفعوا عنكم ما أنا مُحلّ بكم من العذاب ، فقد كنتم تعبدونهم في الدنيا ، وتتولونهم ، والوليّ ينصر وليه ، وكانت مشاقتهم الله في أوثانهم مخالفتهم إياه في عبادتهم.كما حدثني المثنى، قال; ثنا عبد الله بن صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ ) يقول; تخالفوني.وقوله ( إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ ) يعني; الذلة والهوان والسوء ، يعني; عذاب الله على الكافرين.
فإنهم فكروا وقدروا فيما جاءت به الرسل لما كذبوهم وجعلوا لهم أصولا وقواعد من الباطل يرجعون إليها، ويردون بها ما جاءت [به] الرسل، واحتالوا أيضا على إيقاع المكروه والضرر بالرسل ومن تبعهم، فصار مكرهم وبالا عليهم، فصار تدبيرهم فيه تدميرهم، وذلك لأن مكرهم سيئ { ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ْ} هذا في الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى، ولهذا قال: { ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ ْ} أي: يفضحهم على رءوس الخلائق ويبين لهم كذبهم وافتراءهم على الله.{ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ ْ} أي: تحاربون وتعادون الله وحزبه لأجلهم وتزعمون أنهم شركاء لله، فإذا سألهم هذا السؤال لم يكن لهم جواب إلا الإقرار بضلالهم، والاعتراف بعنادهم فيقولون { ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ْ} { قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ْ} أي: العلماء الربانيون { إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ ْ} أي: يوم القيامة { وَالسُّوءَ ْ} أي: العذاب { عَلَى الْكَافِرِينَ ْ} وفي هذا فضيلة أهل العلم، وأنهم الناطقون بالحق في هذه الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، وأن لقولهم اعتبارا عند الله وعند خلقه، ثم ذكر ما يفعل بهم عند الوفاة وفي القيامة
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - النحل١٦ :٢٧
An-Nahl16:27