وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمٰنِهِمْ ۙ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ ۚ بَلٰى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
وَ اَقۡسَمُوۡا بِاللّٰهِ جَهۡدَ اَيۡمَانِهِمۡۙ لَا يَبۡعَثُ اللّٰهُ مَنۡ يَّمُوۡتُؕ بَلٰى وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقًّا وَّلٰـكِنَّ اَكۡثَرَ النَّاسِ لَا يَعۡلَمُوۡنَۙ
تفسير ميسر:
وحلف هؤلاء المشركون بالله أيمانًا مغلَّظة أن الله لا يبعث مَن يموت بعدما بَلِيَ وتفرَّق، بلى سيبعثهم الله حتمًا، وعدًا عليه حقًا، ولكن أكثر الناس لا يعلمون قدرة الله على البعث، فينكرونه.
يقول تعالى مخبرا عن المشركين أنهم حلفوا فأقسموا بالله جهد أيمانهم أي اجتهدوا في الحلف وغلظوا الأيمان على أنه لا يبعث الله من يموت أي استبعدوا ذلك وكذبوا الرسل في إخبارهم لهم بذلك وحلفوا على نقيضه فقال تعالى مكذبا لهم وردا عليهم "بلى" أي بلى سيكون ذلك "وعدا عليه حقا" أي لا بد منه "ولكن أكثر الناس لا يعلمون" أي فلجهلهم يخالفون الرسل ويقعون في الكفر.
قوله تعالى ; وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون [ ص; 95 ] قوله تعالى ; وأقسموا بالله جهد أيمانهم هذا تعجيب من صنعهم ، إذ أقسموا بالله وبالغوا في تغليظ اليمين بأن الله لا يبعث من يموت . ووجه التعجيب أنهم يظهرون تعظيم الله فيقسمون به ثم يعجزونه عن بعث الأموات . وقال أبو العالية ; كان لرجل من المسلمين على مشرك دين فتقاضاه ، وكان في بعض كلامه ; والذي أرجوه بعد الموت إنه لكذا ، فأقسم المشرك بالله ; لا يبعث الله من يموت ; فنزلت الآية . وقال قتادة ; ذكر لنا أن ابن عباس قال له رجل ; يا ابن عباس ، إن ناسا يزعمون أن عليا مبعوث بعد الموت قبل الساعة ، ويتأولون هذه الآية . فقال ابن عباس ; كذب أولئك ! إنما هذه الآية عامة للناس ، لو كان علي مبعوثا قبل القيامة ما نكحنا نساءه ولا قسمنا ميراثه .بلى هذا رد عليهم ; أي بلى ليبعثنهم .وعدا عليه حقا مصدر مؤكد ; لأن قوله يبعثهم يدل على الوعد ، أي وعد البعث وعدا حقا .ولكن أكثر الناس لا يعلمون أنهم مبعوثون . وفي البخاري عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الله - تعالى - كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك فأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد . وقد تقدم ويأتي
يقول تعالى ذكره; وحلف هؤلاء المشركون من قريش بالله جَهْد أيمانِهِمْ حلفهم، لا يبعث الله من يموت بعد مماته، وكذبوا وأبطلوا في أيمانهم التي حلفوا بها كذلك، بل سيبعثه الله بعد مماته، وعدا عليه أن يبعثهم وعد عباده، والله لا يخلف الميعاد ( وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) يقول; ولكن أكثر قريش لا يعلمون وعد الله عباده ، أنه باعثهم يوم القيامة بعد مماتهم أحياء.وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر بن معاذ، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ ) تكذيبا بأمر الله أو بأمرنا، فإن الناس صاروا في البعث فريقين; مكذّب ومصدّق ، ذُكر لنا أن رجلا قال لابن عباس; إن ناسا بهذا العراق يزعمون أن عليا مبعوث قبل يوم القيامة، ويتأوّلون هذه الآية ، فقال ابن عباس; كذب أولئك، إنما هذه الآية للناس عامَّة، ولعمري لو كان عليّ مبعوثا قبل يوم القيامة ما أنكحنا نساءه ، ولا قسمنا ميراثه.حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال; ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال; قال ابن عباس; إن رجالا يقولون; إن عليا مبعوث قبل يوم القيامة، ويتأوّلون ( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) قال; لو كنا نعلم أن عليا مبعوث، ما تزوّجنا نساءه ولا قسمنا ميراثه، ولكن هذه للناس عامة.حدثني المثنى، قال; ثنا إسحاق، قال; ثنا عبد الله، عن أبيه، عن الربيع، في قوله ( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ ) قال; حلف رجل من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم عند رجل من المكذّبين، فقال; والذي يرسل الروح من بعد الموت ، فقال; وإنك لتزعم أنك مبعوث من بعد الموت ، وأقسم بالله جهد يمينه; لا يبعث الله من يموت.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، قال; كان لرجل من المسلمين على رجل من المشركين دين، فأتاه يتقاضاه، فكان فيما تكلم به; والذي أرجوه بعد الموت إنه لكذا ، فقال المشرك; إنك تزعم أنك تُبعث بعد الموت ، فأقسم بالله جهد يمينه; لا يبعث الله من يموت ، فأنـزل الله ( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ).حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن عطاء بن أبي رباح أنه أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول; " قال الله; سبني ابن آدم، ولم يكن ينبغي له أن يسبني، وكذّبني ولم يكن ينبغي له أن يكذّبني فأما تكذيبه إياي ، فقال ( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ ) قال; قلت ( بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا ) وأما سبه إياي ، فقال; إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وقلت قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ .
يخبر تعالى عن المشركين المكذبين لرسوله أنهم { أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ْ} أي: حلفوا أيمانا مؤكدة مغلظة على تكذيب الله، وأن الله لا يبعث الأموات، ولا يقدر على إحيائهم بعد أن كانوا ترابا، قال تعالى مكذبا لهم: { بَلَى ْ} سيبعثهم ويجمعهم ليوم لا ريب فيه { وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا ْ} لا يخلفه ولا يغيره { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ْ} ومن جهلهم العظيم إنكارهم للبعث والجزاء،
(الواو) استئنافيّة ،
(أقسموا) فعل ماض وفاعله
(بالله) جارّ ومجرور متعلّق بـ (أقسموا) ،
(جهد) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو مبيّن لنوعه
(أيمانهم) مضاف إليه مجرور، و (هم) ضمير مضاف إليه
(لا) نافية
(يبعث) مضارع مرفوع
(الله) فاعل مرفوع
(من) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به
(يموت) مثل يبعث، والفاعل هو وهو العائد
(بلى) حرف جواب لإيجاب المنفيّ أي بلى يبعثهم
(وعدا) مفعول مطلق لفعل محذوف أي وعد ذلك وعدا
(على) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (وعدا) ،
(حقّا) مفعول مطلق لفعل محذوف أي: حقّ حقّا ،
(الواو) عاطفة
(لكنّ) حرف استدراك ونصبـ (أكثر) اسم لكنّ منصوبـ (الناس) مضاف إليه مجرور
(لا) نافية
(يعلمون) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون.. و (الواو) فاعل.
جملة: «أقسموا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لا يبعث الله..» لا محلّ لها جواب القسم.
وجملة: «يموت ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .وجملة: «لكنّ أكثر الناس ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يبعثهم المقدّرة.
وجملة: «لا يعلمون» في محلّ رفع خبر لكنّ.. وجملة:
(وعد) وعدا والجملة المبدلة منها حقّ حقّا.. من نوع الاعتراض لا محلّ لها.
(اللام) للتعليلـ (يبيّن) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام، والفاعل هو أي الله
(اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (يبيّن) ،
(الّذي) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به
(يختلفون) مضارع مثل يعلمون
(في) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (يختلفون) .
والمصدر المؤوّلـ (أن يبيّن) في محلّ جرّ باللام متعلّق بفعل يبعثهم المقدّر.
(الواو) عاطفة
(ليعلم) مثل ليبيّن
(الذين) موصول فاعلـ (كفروا) مثل أقسموا
(أنّهم) حرف توكيد ونصب.. و (هم) ضمير في محلّ اسم أنّ
(كانوا) فعل ماض ناقص- ناسخ-.. و (الواو) اسم كان
(كاذبين) خبر كانوا منصوب وعلامة النصب الياء.
والمصدر المؤوّلـ (أن يعلم..) في محلّ جرّ باللام متعلّق بفعل يبعثهم المقدّر فهو معطوف على المصدر المؤوّل الأول.
والمصدر المؤوّلـ (أنّهم كانوا ... ) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي يعلم.
وجملة: «يبيّن ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر.
وجملة: «يختلفون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الّذي) .
وجملة: «يعلم الذين ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر.وجملة: «كفروا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الّذين) .
وجملة: «كانوا ... » في محلّ رفع خبر أنّ.