الرسم العثمانيوَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ حَتّٰى يَبْلُغَ أَشُدَّهُۥ ۚ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْـُٔولًا
الـرسـم الإمـلائـيوَلَا تَقۡرَبُوۡا مَالَ الۡيَتِيۡمِ اِلَّا بِالَّتِىۡ هِىَ اَحۡسَنُ حَتّٰى يَبۡلُغَ اَشُدَّهٗۖ وَاَوۡفُوۡا بِالۡعَهۡدِۚ اِنَّ الۡعَهۡدَ كَانَ مَسۡـــُٔوۡلًا
تفسير ميسر:
ولا تتصرَّفوا في أموال الأطفال الذين مات آباؤهم، وصاروا في كفالتكم، إلا بالطريقة التي هي أحسن لهم، وهي التثمير والتنمية، حتى يبلغ الطفل اليتيم سنَّ البلوغ، وحسن التصرف في المال، وأتموا الوفاء بكل عهد التزمتم به. إن العهد يسأل الله عنه صاحبه يوم القيامة، فيثيبه إذا أتمه ووفَّاه، ويعاقبه إذا خان فيه.
يقول تعالى "ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده" أي لا تتصرفوا في مال اليتيم إلا بالغبطة "ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف" وقد جاء في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر "يا أبا ذر إني أراك ضعيفا وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم" وقوله "وأوفوا بالعهد" أي الذي تعاهدون عليه الناس والعقود التي تعاملونهم بها فإن العهد والعقد كل منهما يسأل صاحبه عنه "إن العهد كان مسئولا" أي عنه.
قوله تعالى ; ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولافيه مسألتان ;الأولى ; قوله تعالى ; ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده قد مضى الكلام فيه في الأنعام . [ ص; 231 ] الثانية ; قوله تعالى ; وأوفوا بالعهد قد مضى الكلام فيه في غير موضع . قال الزجاج ; كل ما أمر الله به ونهى عنه فهو من العهد .إن العهد كان مسئولا عنه ، فحذف ; كقوله ; ويفعلون ما يؤمرون به وقيل ; إن العهد يسأل تبكيتا لناقضه فيقال ; نقضت ، كما تسأل الموءودة تبكيتا لوائدها .
يقول تعالى ذكره; وقضى أيضا أن لا تقربوا مال اليتيم بأكل، إسرافا وبدارا أن يَكْبَروا، ولكن اقرَبوه بالفَعْلة التي هي أحسن، والخَلَّة التي هي أجمل، وذلك أن تتصرّفوا فيه له بالتثمير والإصلاح والحيطة.وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) لما نـزلت هذه الآية، اشتدّ ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا لا يخالطونهم في طعام أو أكل ولا غيره، فأنـزل الله تبارك وتعالى وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ فكانت هذه لهم فيها رُخْصة.حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال; ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) قال; كانوا لا يخالطونهم في مال ولا مأكل ولا مركب، حتى نـزلت وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ .وقال ابن زيد في ذلك ما حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله ( وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) قال; الأكل بالمعروف، أن تأكل معه إذا احتجت إليه، كان أُبيّ يقول ذلك.وقوله (حتى يَبْلُغَ أشُدَّهُ) يقول; حتى يبلغ وقت اشتداده في العقل، وتدبير ماله، وصلاح حاله في دينه (وأوْفُوا بالعَهْدِ) يقول; وأوفوا بالعقد الذي تعاقدون الناس في الصلح بين أهل الحرب والإسلام، وفيما بينكم أيضا، والبيوع والأشربة والإجارات، وغير ذلك من العقود ( إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا ) يقول; إن الله جلّ ثناؤه سائل ناقض العهد عن نقضه إياه، يقول; فلا تنقضوا العهود الجائزة بينكم، وبين من عاهدتموه أيها الناس فتخفروه، وتغدروا بمن أعطيتموه ذلك. وإنما عنى بذلك أن العهد كان مطلوبا، يقال في الكلام; ليسئلنّ فلان عهد فلان.
وهذا من لطفه ورحمته تعالى باليتيم الذي فقد والده وهو صغير غير عارف بمصلحة نفسه ولا قائم بها أن أمر أولياءه بحفظه وحفظ ماله وإصلاحه وأن لا يقربوه { إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } من التجارة فيه وعدم تعريضه للأخطار، والحرص على تنميته، وذلك ممتد إلى أن { يَبْلُغَ } اليتيم { أَشُدَّهُ } أي: بلوغه وعقله ورشده، فإذا بلغ أشده زالت عنه الولاية وصار ولي نفسه ودفع إليه ماله. كما قال تعالى: { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } { وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ } الذي عاهدتم الله عليه والذي عاهدتم الخلق عليه. { إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا } أي: مسئولين عن الوفاء به وعدمه، فإن وفيتم فلكم الثواب الجزيل وإن لم تفوا فعليكم الإثم العظيم.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الإسراء١٧ :٣٤
Al-Isra'17:34