الرسم العثمانيسُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا ۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا
الـرسـم الإمـلائـيسُنَّةَ مَنۡ قَدۡ اَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ مِنۡ رُّسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحۡوِيۡلًا
تفسير ميسر:
تلك سنة الله تعالى في إهلاك الأمة التي تُخرج رسولها من بينها، ولن تجد -أيها الرسول- لسنتنا تغييرًا، فلا خلف في وعدنا.
"سنة من قد أرسلنا"أي هكذا عادتنا في الذين كفروا برسلنا وآذوهم بخروج الرسول من بين أظهرهم يأتيهم العذاب ولولا أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رسول الرحمة لجاءهم من النقم في الدنيا ما لا قبل لأحد به ولهذا قال تعالى "وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم" الآية.
قوله تعالى ; سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا قوله تعالى ; سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا أي يعذبون كسنة من قد أرسلنا ; فهو نصب بإضمار يعذبون ; فلما سقط الخافض عمل الفعل ; قاله الفراء . وقيل ; انتصب على معنى سننا سنة من قد أرسلنا . وقيل ; هو منصوب على تقدير حذف الكاف ; التقدير لا يلبثون خلفك إلا قليلا كسنة من قد أرسلنا ; فلا يوقف على هذا التقدير على قوله ; إلا قليلا ويوقف على الأول والثاني . قبلك من رسلنا وقف حسن .ولا تجد لسنتنا تحويلا أي لا خلف في وعدها .
يقول تعالى ذكره; لو أخرجوك لم يلبثوا خلافك إلا قليلا ولأهلكناهم بعذاب من عندنا، سنتنا فيمن قد أرسلنا قبلك من رسلنا، فإنا كذلك كنا نفعل بالأمم إذا أخرجت رسلها من بين أظهرهم، ونصبت السنة على الخروج من معنى قوله لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلا قَلِيلا لأن معنى ذلك; لعذّبناهم بعد قليل كسنتنا في أمم من أرسلنا قبلك من رسلنا، ولا تجد لسنتنا تحويلا عما جرت به.كما حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد ، عن قتادة، قوله ( سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلا ) ; أي سنة الأمم والرسل كانت قبلك كذلك إذا كذبوا رسلهم وأخرجوهم، لم يناظروا أن الله أنـزل عليهم عذابه.
تفسير الآيتين 76 و77 :ـ { وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا } أي: من بغضهم لمقامك بين أظهرهم، قد كادوا أن يخرجوك من الأرض، ويجلوك منها. ولو فعلوا ذلك، لم يلبثوا بعدك فيها إلا قليلا، حتى تحل بهم العقوبة، كما هي سنة الله التي لا تحول ولا تبدل في جميع الأمم، كل أمة كذبت رسولها وأخرجته، عاجلها الله بالعقوبة. ولما مكر به الذين كفروا وأخرجوه، لم يلبثوا إلا قليلا، حتى أوقع الله بهم بـ \" بدر \" وقتل صناديدهم، وفض بيضتهم، فله الحمد. وفي هذه الآيات، دليل على شدة افتقار العبد إلى تثبيت الله إياه، وأنه ينبغي له أن لا يزال متملقًا لربه، أن يثبته على الإيمان، ساعيا في كل سبب موصل إلى ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أكمل الخلق، قال الله له: { وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا } فكيف بغيره؟\" وفيها تذكير الله لرسوله منته عليه، وعصمته من الشر، فدل ذلك على أن الله يحب من عباده أن يتفطنوا لإنعامه عليهم -عند وجود أسباب الشر - بالعصمة منه، والثبات على الإيمان. وفيها: أنه بحسب علو مرتبة العبد، وتواتر النعم عليه من الله يعظم إثمه، ويتضاعف جرمه، إذا فعل ما يلام عليه، لأن الله ذكر رسوله لو فعل - وحاشاه من ذلك - بقوله: { إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا } وفيها: أن الله إذا أراد إهلاك أمة، تضاعف جرمها، وعظم وكبر، فيحق عليها القول من الله فيوقع بها العقاب، كما هي سنته في الأمم إذا أخرجوا رسولهم.
(سنّة) مفعول مطلق لفعل محذوف، والتقدير: سنّنا ذلك سنّة ،
(من) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه
(قد) حرف تحقيق
(أرسلنا) فعل ماض وفاعله
(قبلك) ظرف زمان متعلّق بـ (أرسلنا) ، و (الكاف) مضاف إليه
(من رسلنا) جارّ ومجرور متعلّق بحال من مفعول أرسلنا المحذوف أي أرسلناه من رسلنا
(الواو) عاطفة
(لا تجد.. تحويلا) مثل لا تجد.. نصيرا ،
(لسنّتنا) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف مفعول به ثان، و (نا) مضاف إليه.
جملة: «قد أرسلنا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
وجملة: «لا تجد ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة سنّنا المقدّرة.
- القرآن الكريم - الإسراء١٧ :٧٧
Al-Isra'17:77