الرسم العثمانيقَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصّٰلِحٰتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا
الـرسـم الإمـلائـيقَيِّمًا لِّيُنۡذِرَ بَاۡسًا شَدِيۡدًا مِّنۡ لَّدُنۡهُ وَيُبَشِّرَ الۡمُؤۡمِنِيۡنَ الَّذِيۡنَ يَعۡمَلُوۡنَ الصّٰلِحٰتِ اَنَّ لَهُمۡ اَجۡرًا حَسَنًا
تفسير ميسر:
جعله الله كتابًا مستقيمًا، لا اختلاف فيه ولا تناقض؛ لينذر الكافرين من عذاب شديد من عنده، ويبشر المصدقين بالله ورسوله الذين يعملون الأعمال الصالحات، بأن لهم ثوابًا جزيلا هو الجنة، يقيمون في هذا النعيم لا يفارقونه أبدًا.
ولهذا قال قيما أي مستقيما لينذر بأسا شديدا من لدنه أي لمن خالفه وكذبه ولم يؤمن به ينذره بأسًا شديدًا عقوبة عاجلة في الدنيا وآجلة في الآخرة من لدنه أي من عند الله الذي لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد " ويبشر المؤمنين " أي بهذا القرآن الذين صدقوا إيمانهم بالعمل الصالح أن لهم أجرًا حسنا أي مثوبة عند الله جميلة.
قَيِّمًانصب على الحال .وقال قتادة ; الكلام على سياقه من غير تقديم ولا تأخير , ومعناه ; ولم يجعل له عوجا ولكن جعلناه قيما .وقول الضحاك فيه حسن , وأن المعنى ; مستقيم , أي مستقيم الحكمة لا خطأ فيه ولا فساد ولا تناقض .وقيل ; " قيما " على الكتب السابقة يصدقها .وقيل ; " قيما " بالحجج أبدا .لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًاأي لينذر محمد أو القرآن .وفيه إضمار , أي لينذر الكافرين عقاب الله .وهذا العذاب الشديد قد يكون في الدنيا وقد يكون في الآخرة .مِنْ لَدُنْهُأي من عنده وقرأ أبو بكر عن عاصم " من لدنه " بإسكان الدال وإشمامها الضم وكسر النون , والهاء موصولة بياء .والباقون " لدنه " بضم الدال وإسكان النون وضم الهاء .قال الجوهري ; وفي " لدن " ثلاث لغات ; لدن , ولدى , ولد .وقال ; من لد لحييه إلى منحوره المنحور لغة في المنحر .وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًاأي بأن لهم أجرا حسنا وهي الجنة .وإن حملت التبشير على البيان لم يحتج إلى الباء في " بأن " .والأجر الحسن ; الثواب العظيم الذي يؤدي إلى الجنة .
القول في تأويل قوله تعالى ; قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2)يقول تعالى ذكره; أنـزل على عبده القرآن معتدلا مستقيما لا عوج فيه لينذركم أيها الناس بأسا من الله شديدا ، وعنى بالبأس العذاب العاجل، والنكال الحاضر والسطوة ، وقوله; (مِنْ لَدُنْهُ) يعني; من عند الله.وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا أبو كريب، قال; ثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق (لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا) عاجل عقوبة في الدنيا، وعذابا في الآخرة.(مِنْ لَدُنْهُ) ; أي من عند ربك الذي بعثك رسولا.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، بنحوه.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; (مِنْ لَدُنْهُ) ; أي من عنده.فإن قال قائل; فأين مفعول قوله (لِيُنْذِرَ) فإن مفعوله محذوف اكتفى بدلالة ما ظهر من الكلام عليه من ذكره، وهو مضمر متصل بينذر قبل البأس، كأنه قيل; لينذركم بأسا، كما قيل; يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ [آل عمران; 175] إنما هو; يخوّفكم أولياءه.وقوله; (وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ) يقول; ويبشر المصدقين الله ورسوله (الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ) وهو العمل بما أمر الله بالعمل به، والانتهاء عما نهى الله عنه (أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا) يقول; ثوابا جزيلا لهم من الله على إيمانهم بالله ورسوله، وعملهم في الدنيا الصالحات من الأعمال، وذلك الثواب; هو الجنة التي وعدها المتقون.
وقوله { لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ } أي: لينذر بهذا القرآن الكريم، عقابه الذي عنده، أي: قدره وقضاه، على من خالف أمره، وهذا يشمل عقاب الدنيا وعقاب الآخرة، وهذا أيضا، من نعمه أن خوف عباده، وأنذرهم ما يضرهم ويهلكهم. كما قال تعالى -لما ذكر في هذا القرآن وصف النار- قال: { ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون } فمن رحمته بعباده، أن قيض العقوبات الغليظة على من خالف أمره، وبينها لهم، وبين لهم الأسباب الموصلة إليها. { وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا } أي: وأنزل الله على عبده الكتاب، ليبشر المؤمنين به، وبرسله وكتبه، الذين كمل إيمانهم، فأوجب لهم عمل الصالحات، وهي: الأعمال الصالحة، من واجب ومستحب، التي جمعت الإخلاص والمتابعة، { أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا } وهو الثواب الذي رتبه الله على الإيمان والعمل الصالح، وأعظمه وأجله، الفوز برضا الله ودخول الجنة، التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. وفي وصفه بالحسن، دلالة على أنه لا مكدر فيه ولا منغص بوجه من الوجوه، إذ لو وجد فيه شيء من ذلك لم يكن حسنه تاما.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الكهف١٨ :٢
Al-Kahf18:2