الرسم العثمانيإِلَّآ أَن يَشَآءَ اللَّهُ ۚ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسٰىٓ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّى لِأَقْرَبَ مِنْ هٰذَا رَشَدًا
الـرسـم الإمـلائـياِلَّاۤ اَنۡ يَّشَآءَ اللّٰهُ ۚ وَاذۡكُرْ رَّبَّكَ اِذَا نَسِيۡتَ وَقُلۡ عَسٰٓى اَنۡ يَّهۡدِيَنِ رَبِّىۡ لِاَقۡرَبَ مِنۡ هٰذَا رَشَدًا
تفسير ميسر:
ولا تقولنَّ لشيء تعزم على فعله; إني فاعل ذلك الشيء غدًا إلا أن تُعَلِّق قولك بالمشيئة، فتقول; إن شاء الله. واذكر ربك عند النسيان بقول; إن شاء الله، وكلما نسيت فاذكر الله؛ فإن ذِكْرَ الله يُذهِب النسيان، وقل; عسى أن يهديني ربي لأقرب الطرق الموصلة إلى الهدى والرشاد.
وقوله " واذكر ربك إذا نسيت " قيل معناه إذا نسيت الاستثناء فاستثن عند ذكرك له قاله أبو العالية والحسن البصري وقال هشيم عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس في الرجل يحلف قال له أن يستثني ولو إلى سنة وكان يقول " واذكر ربك إذا نسيت "; ذلك قيل للأعمش سمعته عن مجاهد فقال حدثني به ليث بن أبي سليم يرى ذهب كسائي هذا ورواه الطبراني من حديث أبي معاوية عن الأعمش به. ومعنى قول ابن عباس أنه يستثني ولو بعد سنة أي إذا نسي أن يقول في حلفه وفي كلامه إن شاء الله وذكر ولو بعد سنة فالسنة له أن يقول ذلك ليكون آتيًا بسنة الاستثناء حتى ولو كان بعد الحنث قال ابن جرير رحمه الله; ونص على ذلك لا أن يكون رافعا لحنث اليمين ومسقطًا للكفارة وهذا الذي قاله ابن جرير رحمه الله هو الصحيح وهو الأليق بحمل كلام ابن عباس عليه والله أعلم وقال عكرمة " واذكر ربك إذا نسيت " إذا غضبت وقال الطبراني; حدثنا محمد بن الحارث الجبلي حدثنا صفوان بن صالح حدثنا الوليد بن مسلم عن عبد العزيز بن حصين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس في قوله "و لا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدًا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت " أن تقول إن شاء الله وروى الطبراني أيضا عن ابن عباس في قوله " واذكر ربك إذا نسيت " الاستثناء فاستثن إذا ذكرت وقال هي خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لأحد منا أن يستثني إلا في صلة من يمينه ثم قال انفرد به الوليد عن عبد العزيز بن الحصين ويحتمل في الآية وجه آخر وهو أن يكون الله تعالى قد أرشد من نسي الشيء في كلامه إلى ذكر الله تعالى لأن النسيان منشؤه من الشيطان كما قال فتى موسى وما " أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره " وذكر الله تعالى يطرد الشيطان فإذا ذهب الشيطان ذهب النسيان فذكر الله سبب للذكر ولهذا قال " واذكر ربك إذا نسيت " وقوله " وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدًا " أي إذا سئلت عن شيء لا تعلمه فاسأل الله تعالى فيه وتوجه إليه في أن يوفقك للصواب والرشد في ذلك وقيل في تفسيره غير ذلك والله أعلم.
قال ابن عطية ; وتكلم الناس في هذه الآية في الاستثناء في اليمين ، والآية ليست في الأيمان وإنما هي في سنة الاستثناء في غير اليمين . وقوله ; إلا أن يشاء الله في الكلام حذف يقتضيه الظاهر ويحسنه الإيجاز ; تقديره ; إلا أن تقول إلا أن يشاء الله ; أو إلا أن تقول إن شاء الله . فالمعنى ; إلا أن تذكر مشيئة الله ; فليس إلا أن يشاء الله من القول الذي نهي عنه .قلت ; ما اختاره ابن عطية وارتضاه هو قول الكسائي والفراء والأخفش . وقال البصريون ; المعنى إلا بمشيئة الله . فإذا قال الإنسان أنا أفعل هذا إن شاء الله فمعناه بمشيئة الله . قال ابن عطية ; وقالت فرقة إلا أن يشاء الله استثناء من قوله ولا تقولن . قال ; وهذا قول حكاه الطبري ورد عليه ، وهو من الفساد بحيث كان الواجب ألا يحكى . وقد تقدم القول في الاستثناء في اليمين وحكمه في " المائدة " .قوله تعالى ; واذكر ربك إذا نسيت وفيه الأمر بالذكر بعد النسيان واختلف في الذكر المأمور به ; فقيل ; هو قوله وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا قال محمد الكوفي المفسر ; إنها بألفاظها مما أمر أن يقولها كل من لم يستثن ، وإنها كفارة لنسيان الاستثناء . وقال الجمهور ; هو دعاء مأمور به دون هذا التخصيص . وقيل ; هو قوله إن شاء الله الذي كان نسيه عند يمينه . حكي عن ابن عباس أنه إن نسي الاستثناء ثم [ ص; 346 ] ذكر ولو بعد سنة لم يحنث إن كان حالفا . وهو قول مجاهد . وحكى إسماعيل بن إسحاق ذلك عن أبي العالية في قوله - تعالى - ; واذكر ربك إذا نسيت قال ; يستثني إذا ذكره . الحسن ; ما دام في مجلس الذكر . ابن عباس ; سنتين ; ذكره الغزنوي قال ; فيحمل على تدارك التبرك بالاستثناء للتخلص عن الإثم . فأما الاستثناء المفيد حكما فلا يصح إلا متصلا . السدي ; أي كل صلاة نسيها إذا ذكرها . وقيل ; استثن باسمه لئلا تنسى . وقيل ; اذكره متى ما نسيته . وقيل ; إذا نسيت شيئا فاذكره يذكركه . وقيل ; اذكره إذا نسيت غيره أو نسيت نفسك ; فذلك حقيقة الذكر . وهذه الآية مخاطبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهي استفتاح كلام على الأصح ، وليست من الاستثناء في اليمين بشيء ، وهي بعد تعم جميع أمته ; لأنه حكم يتردد في الناس لكثرة وقوعه . والله الموفق .
القول في تأويل قوله تعالى ; إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24)وهذا تأديب من الله عز ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم عهد إليه أن لا يجزم على ما يحدث من الأمور أنه كائن لا محالة، إلا أن يصله بمشيئة الله، لأنه لا يكون شيء إلا بمشيئة الله.وإنما قيل له ذلك فيما بلغنا من أجل أنه وعد سائليه عن المسائل الثلاث اللواتي قد ذكرناها فيما مضى اللواتي، إحداهنّ المسألة عن أمر الفتية من أصحاب الكهف أن يجيبهم عنهنّ غد يومهم، ولم يستثن، فاحتبس الوحي عنه فيما قيل من أجل ذلك خمس عشرة، حتى حزنه إبطاؤه ، ثم أنـزل الله عليه الجواب عنهنّ، وعرف نبيه سبب احتباس الوحي عنه ، وعلَّمه ما الذي ينبغي أن يستعمل في عداته وخبره عما يحدث من الأمور التي لم يأته من الله بها تنـزيل، فقال; وَلا تَقُولَنَّ يا محمد لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا كما قلت لهؤلاء الذين سألوك عن أمر أصحاب الكهف، والمسائل التي سألوك عنها، سأخبركم عنها غدا( إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ). ومعنى الكلام; إلا أن تقول معه; إن شاء الله، فترك ذكر تقول اكتفاء بما ذكر منه، إذ كان في الكلام دلالة عليه ، وكان بعض أهل العربية يقول; جائز أن يكون معنى قوله; ( إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) استثناء من القول، لا من الفعل كأن معناه عنده; لا تقولنّ قولا إلا أن يشاء الله ذلك القول، وهذا وجه بعيد من المفهوم بالظاهر من التنـزيل مع خلافه تأويل أهل التأويل.وقوله; ( وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) اختلف أهل التأويل في معناه، فقال بعضهم; واستثن في يمينك إذا ذكرت أنك نسيت ذلك في حال اليمين.* ذكر من قال ذلك;حدثنا محمد بن هارون الحربيّ ، قال; ثنا نعيم بن حماد، قال; ثنا هشيم، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، في الرجل يحلف، قال له; أن يستثني ولو إلى سنة، وكان يقول ( وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) في ذلك قيل للأعمش سمعته من مجاهد، فقال; ثني به ليث بن أبي سليم، يرى ذهب كسائي (3) هذا.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، في قوله وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ الاستثناء ، ثم ذكرت فاستثن.حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال; ثنا المعتمر، عن أبيه ، في قوله; ( وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) قال; بلغني أن الحسن، قال; إذا ذكر أنه لم يقل; إن شاء الله، فليقل; إن شاء الله.وقال آخرون; معناه; واذكر ربك إذا عصيت.* ذكر من قال ذلك;حدثني نصر بن عبد الرحمن، قال; ثنا حكام بن سلم، عن أبي سنان، عن ثابت، عن عكرمة، في قول الله; ( وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) قال; اذكر ربك إذا عصيت.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا حكام، عن أبي سنان، عن ثابت، عن عكرمة، مثله .وأولى القولين في ذلك بالصواب، قول من قال; معناه; واذكر ربك إذا تركت ذكره، لأن أحد معاني النسيان في كلام العرب الترك، وقد بيَّنا ذلك فيما مضى قبل.فإن قال قائل; أفجائز للرجل أن يستثني في يمينه إذ كان معنى الكلام ما ذكرت بعد مدة من حال حلفه؟ قيل; بل الصواب أن يستثني ولو بعد حِنثه في يمينه، فيقول; إن شاء الله ليخرج بقيله ذلك مما ألزمه الله في ذلك بهذه الآية، فيسقط عنه الحرج بتركه ما أمره بقيله من ذلك ، فأما الكفارة فلا تسقط عنه بحال، إلا أن يكون استثناؤه موصولا بيمينه.فإن قال; فما وجه قول من قال له; ثُنْياه ولو بعد سنة، ومن قال له ذلك ولو بعد شهر، وقول من قال ما دام في مجلسه؟ قيل; إن معناهم في ذلك نحو معنانا في أن ذلك له، ولو بعد عشر سنين، وأنه باستثنائه وقيله إن شاء الله بعد حين من حال حلفه، يسقط عنه الحرج الذي لو لم يقله كان له لازما ، فأما الكفارة فله لازمة بالحِنْث بكلّ حال، إلا أن يكون استثناؤه كان موصولا بالحلف، وذلك أنا لا نعلم قائلا قال ممن قال له الثُّنْيا بعد حين يزعم أن ذلك يضع عنه الكفارة إذا حنِث، ففي ذلك أوضح الدليل على صحة ما قلنا في ذلك، وأن معنى القول فيه، كان نحو معنانا فيه.وقوله; ( وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لأقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا ) يقول عز ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم; قل ولعل الله أن يهديني فيسدّدني لأسدَّ مما وعدتكم وأخبرتكم أنه سيكون، إن هو شاء.وقد قيل; إن ذلك مما أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يقوله إذا نسي الاستثناء في كلامه، الذي هو عنده في أمر مستقبل مع قوله; إن شاء الله، إذا ذكر.*ذكر من قال ذلك; حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا المعتمر، عن أبيه، عن محمد، رجل من أهل الكوفة، كان يفسر القرآن، وكان يجلس إليه يحيى بن عباد، قال; وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا قال فقال; وإذا نسي الإنسان أن يقول; إن شاء الله، قال; فتوبته من ذلك، أو كفارة ذلك أن يقول; ( عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لأقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا ).-------------------------الهوامش ;(3) قوله "يرى; ذهب الكسائي هذا " هكذا جاءت هذه العبارة في الجزء الخامس عشر من النسخة المخطوطة رقم 100 الورقة 411 والعبارة غامضة ، ولعل فيها تحريفا.
تفسير الآيتين 23 و 24 :ـ هذا النهي كغيره، وإن كان لسبب خاص وموجها للرسول صل الله عليه وسلم، فإن الخطاب عام للمكلفين، فنهى الله أن يقول العبد في الأمور المستقبلة، { إني فاعل ذلك } من دون أن يقرنه بمشيئة الله، وذلك لما فيه من المحذور، وهو: الكلام على الغيب المستقبل، الذي لا يدري، هل يفعله أم لا؟ وهل تكون أم لا؟ وفيه رد الفعل إلى مشيئة العبد استقلالا، وذلك محذور محظور، لأن المشيئة كلها لله { وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين } ولما في ذكر مشيئة الله، من تيسير الأمر وتسهيله، وحصول البركة فيه، والاستعانة من العبد لربه، ولما كان العبد بشرا، لا بد أن يسهو فيترك ذكر المشيئة، أمره الله أن يستثني بعد ذلك، إذا ذكر، ليحصل المطلوب، وينفع المحذور، ويؤخذ من عموم قوله: { وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } الأمر بذكر الله عند النسيان، فإنه يزيله، ويذكر العبد ما سها عنه، وكذلك يؤمر الساهي الناسي لذكر الله، أن يذكر ربه، ولا يكونن من الغافلين، ولما كان العبد مفتقرا إلى الله في توفيقه للإصابة، وعدم الخطأ في أقواله وأفعاله، أمره الله أن يقول: { عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا } فأمره أن يدعو الله ويرجوه، ويثق به أن يهديه لأقرب الطرق الموصلة إلى الرشد. وحري بعبد، تكون هذه حاله، ثم يبذل جهده، ويستفرغ وسعه في طلب الهدى والرشد، أن يوفق لذلك، وأن تأتيه المعونة من ربه، وأن يسدده في جميع أموره.
(الواو) عاطفة
(اذكر) فعل أمر، والفاعل أنت
(ربّك) مفعول به منصوب. و (الكاف) ضمير مضاف إليه
(إذا) ظرف مجرّد من الشرط متعلّق بـ (اذكر) ،
(نسيت) فعل ماض وفاعله
(الواو) عاطفة
(قل) مثل اذكر
(عسى) فعل ماض تامّ
(أن يهدين) مثل أن يشاء.. و (النون) للوقاية، و (الياء) المحذوفة رسما مفعول به
(ربّي) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على ما قبل الياء، و (الياء) ضمير مضاف إليه.والمصدر المؤوّلـ (أن يهدين..) في محلّ رفع فاعل عسى..لأقرب) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يهدي) ، وعلامة الجرّ الفتحة للوصفيّة ووزن أفعلـ (من) حرف جرّ
(ها) للتنبيه
(ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بـ (أقرب) ،
(رشدا) تمييز منصوب . وجملة: «يشاء الله ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) وجملة: «اذكر ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة لا تقولنّ.. في الآية السابقة. وجملة: «نسيت ... » في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة: «قل ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة اذكر. وجملة: «عسى أن يهدين ... » في محلّ نصب مقول القول. وجملة: «يهدين ربّي ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
- القرآن الكريم - الكهف١٨ :٢٤
Al-Kahf18:24