إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا
اِنَّ الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ اِنَّا لَا نُضِيۡعُ اَجۡرَ مَنۡ اَحۡسَنَ عَمَلًا
تفسير ميسر:
إن الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الأعمال الصالحات لهم أعظم المثوبة، إنا لا نضيع أجورهم، ولا ننقصها على ما أحسنوه من العمل.
لما ذكر تعالى حال الأشقياء ثنى بذكر السعداء الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين فيما جاءوا به وعملوا بما أمروهم به من الأعمال الصالحة فلهم جنات عدن والعدن الإقامة.
لما ذكر ما أعد للكافرين من الهوان ذكر أيضا ما للمؤمنين من الثواب . وفي الكلام إضمار ; أي لا نضيع أجر من أحسن منهم عملا ، فأما من أحسن عملا من غير المؤمنين فعمله محبط . وروى البراء بن عازب أن أعرابيا قام إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - واقف بعرفات على ناقته العضباء فقال ; إني رجل مسلم فأخبرني عن هذه الآية إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات الآية ; فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; ما أنت منهم ببعيد ولا هم ببعيد منك هم هؤلاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي فأعلم قومك أن هذه الآية نزلت فيهم ذكره الماوردي ، وأسنده النحاس في كتاب معاني القرآن ، قال ; حدثنا أبو عبد الله أحمد بن علي بن سهل قال حدثنا محمد بن حميد قال حدثنا يحيى بن الضريس عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال ; قام أعرابي . . . ; فذكره . وأسنده السهيلي في كتاب الأعلام . وقد روينا جميع ذلك بالإجازة ، والحمد لله . وعملا نصب على التمييز ، وإن شئت بإيقاع أحسن عليه . وقيل ; إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا كلام معترض ، والخبر قوله أولئك لهم جنات عدن .
القول في تأويل قوله تعالى ; إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا (30)يقول تعالى ذكره; إن الذين صدقوا الله ورسوله، وعملوا بطاعة الله، وانتهوا إلى أمره ونهيه، إنا لا نضيع ثواب من أحسن عملا فأطاع الله، واتبع أمره ونهيه، بل نجازيه بطاعته وعمله الحسن جنات عدن تجري من تحتها الأنهار.فإن قال قائل; وأين خَبَر " إن " الأولى؟ قيل; جائز أن يكون خبرها قوله; ( إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا ) فيكون معنى الكلام;إنا لا نضيع أجر من عمل صالحا، فترك الكلام الأوّل، واعتمد على الثاني بنية التكرير، كما قيل ; يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ بمعنى; عن قتال فيه على التكرير، وكما قال الشاعر;إنَّ الخَلِيفَـــةَ إنَّ اللـــهَ سَــرْبَلَهُسِـرْبالَ مُلْـك بِـهِ تُرْجَـى الخَـواتِيمُ (8)ويروى; تُرْخَى ، وجائز أن يكون; (إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) جزاء ، فيكون معنى الكلام; إن من عمل صالحا فإنا لا نضيع أجره، فتضمر الفاء في قوله " إنا " ، وجائز أن يكون خبرها; أولئك لهم جنات عدن، فيكون معنى الكلام; إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، أولئك لهم جنات عدن.------------------------الهوامش;(8) في ( اللسان ; سربل ) السربال ; القميص والدرع . وفي حديث عثمان ; " لا أخلع سربالا سربلنيه الله " كنى به عن الخلافة . واستشهد به المؤلف على أن التكرار في قوله تعالى ; إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ ..... الآية ، له نظير في قول الشاعر ; " إن الخليفة إن الله سربله . . . " البيت . وقد بين وجهي الإعراب في المكرر . والبيت من شواهد الفراء في ( معاني القرآن ; الورقة 185 من مصورة الجامعة ) قال ; خبر الذين آمنوا في قوله ; إنا لا نضيع وهو مثل قول الشاعر ; إن الخليفة . . . البيت ، فإنه في المعنى ; إنا لا نضيع أجر من عمل صالحا . فترك الكلام الأول ، واعتمد على الثاني ، بنية التكرير . كما قال ; " يسئلونك عن الشهر الحرام " ، ثم قال ; قتال فيه " يريد ; عن قتال فيه ، بالتكرير ويكون أن تجعل " إن الذين آمنوا وعملوا " في مذهب جزاء ، كقولك ; إن من عمل صالحا فإنا لا نضيع أجره ، فتضمر الفاء في قوله " فإنا " ، وإلقاؤها جائز ، وهو أحب الوجوه إلي .
ثم ذكر الفريق الثاني فقال: { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } أي: جمعوا بين الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وعمل الصالحات من الواجبات والمستحبات { إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا } وإحسان العمل: أن يريد العبد العمل لوجه الله، متبعا في ذلك شرع الله. فهذا العمل لا يضيعه الله، ولا شيئا منه، بل يحفظه للعاملين، ويوفيهم من الأجر، بحسب عملهم وفضله وإحسانه
(إنّ) حرف مشبّهة بالفعلـ (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب اسم إنّ
(آمنوا) فعل ماض وفاعله
(الواو) عاطفة
(عملوا) مثل آمنوا
(الصالحات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة
(إنّا) مثل إنّ، و (نا) ، اسم إنّ
(لا) نافية
(نضيع) مضارع مرفوع، والفاعل نحن للتعظيم
(أجر) مفعول به منصوبـ (من) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه
(أحسن)فعل ماض، والفاعل هو وهو العائد
(عملا) مفعول به منصوب.
جملة: «إنّ الذين آمنوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) وجملة: «عملوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة آمنوا.
وجملة: «إنّا لا نضيع ... » في محلّ رفع خبر إنّ
(الأوّل) بتقدير الرابط أي لا نضيع أجرهم ... .
وجملة: «لا نضيع ... » في محلّ رفع خبر إنّ
(الثاني) .
وجملة: «أحسن عملا» لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
31-
(أولئك) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ.. و (الكاف) للخطابـ (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بخبر مقدّم
(جنّات) مبتدأ مؤخّر مرفوع
(عدن) مضاف إليه مجرور
(تجري) مضارع مرفوع، وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء
(من تحت) جارّ ومجرور متعلّق بـ (تجري) ، و (هم) ضمير متّصل في محلّ جرّ مضاف إليه
(الأنهار) فاعل مرفوع
(يحلّون) مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع.. و (الواو) نائب الفاعلـ (في) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (يحلّون) ،
(من أساور) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يحلّون) ، وعلامة الجرّ الفتحة ممنوع من الصرف فهو على صيغة منتهى الجموع
(من ذهب) جارّ ومجرور نعت لأساور
(الواو) عاطفة
(يلبسون) مضارع مرفوع..
و (الواو) فاعلـ (ثيابا) مفعول به منصوبـ (خضرا) نعت لـ (ثيابا) منصوبـ (من سندس) جارّ ومجرور نعت ثان لـ (ثيابا) ،
(الواو) عاطفة
(إستبرق)معطوف على سندس مجرور
(متّكئين) حال من فاعل يلبسون منصوبة وعلامة النصب الياء
(فيها) مثل الأول متعلّق بحالّ من الضمير في متّكئين
(على الأرائك) جارّ ومجرور متعلّق بـ (متّكئين) ،
(نعم) فعل ماض لإنشاء المدح
(الثواب) فاعل مرفوع، والمخصوص بالمدح محذوف تقديره هي أي الجنّة
(الواو) عاطفة
(حسنت مرتفقا) مثل ساءت مرتفقا .
وجملة: «أولئك لهم جنّات ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ .
وجملة: «لهم جنات ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(أولئك) .
وجملة: «تجري ... الأنهار» في محلّ رفع خبر ثان للمبتدأ
(أولئك) .
وجملة: «يحلّون ... » في محلّ رفع خبر ثالث للمبتدأ
(أولئك) .
وجملة: «يلبسون ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة يحلّون.
وجملة: «نعم الثواب ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «حسنت مرتفقا» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.