وَكَانَ لَهُۥ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصٰحِبِهِۦ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَنَا۠ أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا
وَكَانَ لَهٗ ثَمَرٌ ۚ فَقَالَ لِصَاحِبِهٖ وَهُوَ يُحَاوِرُهٗۤ اَنَا اَكۡثَرُ مِنۡكَ مَالًا وَّاَعَزُّ نَفَرًا
تفسير ميسر:
وكان لصاحب الحديقتين ثمر وأموال أخرى، فقال لصاحبه المؤمن، وهو يحاوره في الحديث، والغرور يملؤه; أنا أكثر منك مالا وأعز أنصارًا وأعوانًا.
"وكان له ثمر " قيل المراد به المال روي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وقيل الثمار وهو أظهر ههنا ويؤيده القراءة الأخرى وكان له ثمر بضم الثاء وتسكين الميم فيكون جمع ثمرة كخشبة وخشب.وقرأ آخرون ثمر بفتح الثاء والميم فقال أي صاحب هاتين الجنتين لصاحبه وهو يحاوره أي يجادله ويخاصمه يفتخر عليه ويترأس " أنا أكثر منك مالا وأعز نفرًا " أي أكثر خدمًا وحشمًا وولدًا قال قتادة تلك والله أمنية الفاجر كثرة المال وعزة النفر.
وكان له ثمر قرأ أبو جعفر وشيبة وعاصم ويعقوب وابن أبي إسحاق ثمر بفتح الثاء والميم ، وكذلك قوله وأحيط بثمره جمع ثمرة . قاله الجوهري ; الثمرة واحدة الثمر والثمرات ، وجمع الثمر ثمار ; مثل جبل وجبال . قال الفراء ; وجمع الثمار ثمر ; مثل كتاب وكتب ، وجمع الثمر أثمار ; مثل أعناق وعنق . والثمر أيضا المال المثمر ; يخفف ويثقل . وقرأ أبو عمرو " وكان له ثمر " بضم الثاء وإسكان الميم ، وفسره بأنواع المال . والباقون بضمها في الحرفين . قال ابن عباس ; ذهب وفضة وأموال . وقد مضى في " الأنعام " نحو هذا مبينا . ذكر النحاس ; حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرني عمران بن بكار قال حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي قال حدثنا شعيب بن إسحاق قال هارون قال حدثني أبان عن ثعلب عن الأعمش أن الحجاج قال ; لو سمعت أحدا يقرأ " وكان له ثمر " لقطعت لسانه ; فقلت للأعمش ; أتأخذ بذلك ؟ فقال ; لا ! ولا نعمة عين . فكان يقرأ " ثمر " ويأخذه من جمع الثمر . قال النحاس ; فالتقدير على هذا القول أنه جمع ثمرة على ثمار ، ثم جمع ثمارا على ثمر ; وهو حسن في العربية إلا أن القول الأول أشبه والله أعلم ; لأن قوله كلتا الجنتين آتت أكلها يدل على أن له ثمرا .قوله تعالى ; فقال لصاحبه وهو يحاوره أي يراجعه في الكلام ويجاوبه . والمحاورة المجاوبة ، والتحاور التجاوب . ويقال ; كلمته فما أحار إلي جوابا ، وما رجع إلي حويرا ولا حويرة ولا محورة ولا حوارا ; أي ما رد جوابا .أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا النفر ; الرهط وهو ما دون العشرة . وأراد هاهنا الأتباع والخدم والولد ، حسبما تقدم بيانه .
القول في تأويل قوله تعالى; ( وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الحجاز والعراق; " وَكَانَ لَهُ ثُمُرٌ" بضم الثاء والميم. واختلف قارئو ذلك كذلك، فقال بعضهم; كان له ذهب وفضة، وقالوا; ذلك هو الثمر، لأنها أموال مثمرة ، يعني مكثرة.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عزّ وجلّ; (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ) قال; ذهب وفضة، وفي قول الله عزّ وجل; (بِثُمُرِهِ) قال; هي أيضا ذهب وفضة.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، في قوله (ثَمَرٌ) قال; ذهب وفضة. قال; وقوله; وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ هي هي أيضا.وقال آخرون; بل عُنِي به; المال الكثير من صنوف الأموال.* ذكر من قال ذلك;حدثنا أحمد بن يوسف، قال; ثنا القاسم، قال; ثني حجاج ، عن هارون، عن سعيد بن أبي عِروبة، عن قتادة، قال; قرأها ابن عباس; " وكَانَ لَهُ ثُمُرٌ" بالضمّ، وقال; يعني أنواع المال.حدثنا عليّ، قال; ثنا عبد الله، قال; ثني معاوية، عن علي ، عن ابن عباس; " وكانَ لَهُ ثُمُرٌ" يقول; مال.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد ، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ، في قوله; " وَكَانَ لَهُ ثُمُرٌ" يقول; من كلّ المال.حدثنا الحسن بن يحيى، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ قال; الثمر من المال كله يعني الثمر، وغيره من المال كله.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة، قال; " الثُّمُر " المال كله، قال; وكلّ مال إذا اجتمع فهو ثُمُر إذا كان من لون الثمرة وغيرها من المال كله.وقال آخرون; بل عُنِي به الأصل.* ذكر من قال ذلك;حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد ، في قوله; " وَكَانَ لَهُ ثُمُرٌ" الثمر الأصل ، قال وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ قال ; بأصله ، وكأنّ الذين وجَّهوا معناها إلى أنها أنواع من المال، أرادوا أنها جمع ثمار جمع ثمر، كما يجمع الكتاب كتبا، والحمار حمرا ، وقد قرأ بعض من وافق هؤلاء في هذه القراءة " ثُمُرٌ" بضم الثاء وسكون الميم، وهو يريد الضمّ فيها، غير أنه سكنها طلب التخفيف ، وقد يحتمل أن يكون أراد بها جمع ثمرة، كما تجمع الخَشبة خَشَبا. وقرأ ذلك بعض المدنيين ; ( وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ ) بفتح الثاء والميم، بمعنى جمع الثمرة، كما تجمع الخشبة خشبا ، والقصبة قَصبا.وأولى القراءات في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأ " وَكَانَ لَهُ ثُمُرٌ " بضمّ الثاء والميم لإجماع الحجة من القرّاء عليه وإن كانت جمع ثمار ، كما الكتب جمع كتاب.ومعنى الكلام; ( وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَرًا وَكَانَ لَهُ ) منهما " ثُمُرٌ " بمعنى من جنتيه أنواع من الثمار وقد بين ذلك لمن وفق لفهمه، قوله; ( جَعَلْنَا لأحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا ) ثم قال; وكان له من هذه الكروم والنخل والزرع ثمر.------------------------الهوامش;(12) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة 186 من مصورة الجامعة رقم 24059 ) قال ; وقد تفرد العرب إحدى " كلي " ( كتبها بالياء للإمالة ) . وهو من شواهد النحويين على أن " كلت " أصلها " كلتا " ، حذفت ألفها للضرورة ، وفتحة التاء دليل عليها ( خزانة الأدب للبغدادي 1 ; 62 ) وقال ; رأيت في حاشية الصحاح أن هذا البيت من رجز يصف به نعامة ، فضمير رجليها عائد على النعامة . والسلامي ; على وزن حباري عظم في فرسن البعير ، وعظام صغار طول إصبع أو أقل في اليد والرجل . والجمع ; سلاميات والفرسن ; بمنزلة الحافر للفرس . والضمير في كلتاهما للرجلين . ثم قال ; استدلالهم بهذا البيت على الإفراد يرده معناه ، فإن المعنى على التثنية ، بدليل تأكيده بالمصراع الثاني ، فتأمل . وقال أبو حبان في تذكرته ; هذا البيت من اضطرار الشعراء ، وكلت ليس بواحد كلتا ، بل هو جاء بمعنى كلا ، غير أنه أسقط الألف اعتمادا على الكسرة التي قبلها على أنها تكفي من الألف الممالة إلى الياء ؛ وما من الكوفيين أحد يقول ; كلت واحدة كلتا ، ولا يدعي أن لكلا وكلتا واحدا منفردا في النطق مستعملا ، فإن ادعاه عليه مدع فهو تشنيع وتفحيش من الخصوم على قول خصومهم . انتهى .(13) البيت من أبيات تسعة لفرعون بن الأعراف في ابنه منازل ( الحماسة بشرح التبريزي 4 ; 9 ) وأوله " تغمد حقي ظالما ولوى يدي " . وتغمد حقي ؛ ستره . وهو في معنى ; " تظلمني مالي " ولوى يدي ; أي فتلها وأزالها عن حالها وهيئتها . وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن ( 1 ; 402 ) قال ; " ولم تظلم منه شيئا " ; ولم تنقص . ويقال ; ظلمني فلان حقي ، أي نقصني وقال رجل لابنه ; " تظلمني مالي كذا . . . إلخ " .ورواية البيت في اللسان ; " تظلم مالي هكذا . . . " البيت . ولم ينسبه . وقال قبله ; وظلمه حقه ، وتظلمه إياه . يريد أنهما بمعنى .; ( فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ ) يقول عزّ وجلّ; فقال هذا الذي جعلنا له جنتين من أعناب، لصاحبه الذي لا مال له وهو يخاطبه;( أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالا وَأَعَزُّ نَفَرًا ) يقول; وأعزّ عشيرة ورَهْطا، كما قال عُيينة والأقرع لرسول الله صلى الله عليه وسلم; نحن سادات العرب، وأرباب الأموال، فنحّ عنا سلمان وخبَّابا وصُهيبا، احتقارا لهم، وتكبرا عليهم.كما حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ، قوله; ( فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالا وَأَعَزُّ نَفَرًا ) وتلك والله أمنية الفاجر; كثرة المال، وعزّة النفر.
تفسير الآيات من 34 حتى 36 :ـ أي: فقال صاحب الجنتين لصاحبه المؤمن، وهما يتحاوران، أي: يتراجعان بينهما في بعض الماجريات المعتادة، مفتخرا عليه: { أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا } فخر بكثرة ماله، وعزة أنصاره من عبيد، وخدم، وأقارب، وهذا جهل منه، وإلا فأي: افتخار بأمر خارجي ليس فيه فضيلة نفسية، ولا صفة معنوية، وإنما هو بمنزله فخر الصبي بالأماني، التي لا حقائق تحتها، ثم لم يكفه هذا الافتخار على صاحبه، حتى حكم، بجهله وظلمه، وظن لما دخل جنته، فـ { قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ } أي: تنقطع وتضمحل { هَذِهِ أَبَدًا } فاطمأن إلى هذه الدنيا، ورضى بها، وأنكر البعث، فقال: { وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي } على ضرب المثل { لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا } أي ليعطيني خيرا من هاتين الجنتين، وهذا لا يخلو من أمرين: إما أن يكون عالما بحقيقة الحال، فيكون كلامه هذا على وجه التهكم والاستهزاء فيكون زيادة كفر إلى كفره، وإما أن يكون هذا ظنه في الحقيقة، فيكون من أجهل الناس، وأبخسهم حظا من العقل، فأي: تلازم بين عطاء الدنيا وعطاء الآخرة، حتى يظن بجهله أن من أعطي في الدنيا أعطي في الآخرة، بل الغالب، أن الله تعالى يزوي الدنيا عن أوليائه وأصفيائه، ويوسعها على أعدائه الذين ليس لهم في الآخرة نصيب، والظاهر أنه يعلم حقيقة الحال، ولكنه قال هذا الكلام، على وجه التهكم والاستهزاء، بدليل قوله: { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ } فإثبات أن وصفه الظلم، في حال دخوله، الذي جرى منه، من القول ما جرى، يدل على تمرده وعناده.
(الواو) استئنافيّة
(كان) فعل ماض ناقص- ناسخ-
(اللام) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بخبر كان
(ثمر) اسم كان مؤخّر مرفوع
(الفاء) عاطفة
(قال) فعل ماض، والفاعل هو (لصاحبه) جارّ ومجرور متعلّق بـ (قال) ، و (الهاء) مضاف إليه
(الواو) حاليّة
(هو) ضمير منفصل مبتدأ
(يحاوره) مضارع مرفوع، و (الهاء) مفعول به والفاعل هو (أنا) ضمير منفصل مبتدأ
(أكثر) خبر مرفوع
(من) حرف جرّ و (الكاف) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (أكثر)
(مالا) تمييز منصوبـ (الواو) عاطفة
(أعزّ نفرا) مثل أكثر مالا ومعطوف عليه.
جملة: «كان له ثمر ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «قال ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «هو يحاوره ... » في محلّ نصب حال.
وجملة: «يحاوره ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(هو) .
وجملة: «أنا أكثر ... » في محلّ نصب مقول القول.
35-
(الواو) عاطفة
(دخل) مثل قالـ (جنّته) مفعول به منصوب، و (الهاء) مضاف إليه
(الواو) حاليّة
(هو) ضمير منفصل مبتدأ
(ظالم) خبر مرفوع
(اللام)زائدة للتقوية ،
(نفسه) مجرور لفظا منصوب محلّا مفعول به لاسم الفاعل ظالم.. و (الهاء) مضاف إليه
(قال) مثل الأولـ (ما) نافية
(أظنّ) مضارع مرفوع، والفاعل أنا
(أن) حرف مصدريّ ونصبـ (تبيد) مضارع منصوب،
(ها) للتنبيه
(ذه) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع فاعلـ (أبدا) ظرف زمان منصوب متعلّق بفعل تبيد.
والمصدر المؤوّلـ (أن تبيد) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي ظنّ .
وجملة: «دخل جنّته ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة كان له ثمر.
وجملة: «هو ظالم ... » في محلّ نصب حال من فاعل دخل.
وجملة: «قال ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «ما أظنّ ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «تبيد ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (أن) .
36-
(الواو) عاطفة
(ما أظنّ) مثل الأولى
(الساعة) مفعول به أوّل منصوبـ (قائمة) مفعول به ثان منصوبـ (الواو) عاطفة
(اللام) موّطئة للقسم
(إن) حرف شرط جازم
(رددت) فعل ماض مبنيّ للمجهول مبنيّ على السكون في محلّ جزم فعل الشرط.. و (التاء) ضمير نائب الفاعلـ (إلى ربّي) جارّ ومجرور متعلّق بـ (رددت) ، وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على ما قبل الياء.. و (الياء) مضاف إليه
(اللام) لام القسم
(أجدنّ) مضارع مبنيّ على الفتح.. و (النون) للتوكيد، والفاعل أنا
(خيرا) مفعول به منصوبـ (من) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (خيرا) ،
(منقلبا) تمييز منصوب.وجملة: «ما أظنّ الساعة ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
وجملة: «رددت ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة ما أظنّ الساعة.
وجملة: «أجدنّ» لا محلّ لها جواب القسم.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه جواب الشرط.