الرسم العثمانيوَمَآ أَظُنُّ السَّاعَةَ قَآئِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلٰى رَبِّى لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا
الـرسـم الإمـلائـيوَّمَاۤ اَظُنُّ السَّاعَةَ قَآٮِٕمَةً ۙ وَّلَٮِٕنۡ رُّدِدْتُّ اِلٰى رَبِّىۡ لَاَجِدَنَّ خَيۡرًا مِّنۡهَا مُنۡقَلَبًا
تفسير ميسر:
ودخل حديقته، وهو ظالم لنفسه بالكفر بالبعث، وشكه في قيام الساعة، فأعجبته ثمارها وقال; ما أعتقد أن تَهْلِك هذه الحديقة مدى الحياة، وما أعتقد أن القيامة واقعة، وإن فُرِضَ وقوعها -كما تزعم أيها المؤمن- ورُجعتُ إلى ربي لأجدنَّ عنده أفضل من هذه الحديقة مرجعًا ومردًا؛ لكرامتي ومنزلتي عنده.
ولهذا قال " وما أظن الساعة قائمة" أي كائنة " ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرًا منها منقلبًا " أي ولئن كان معاد ورجعة ومرد إلى الله ليكونن لي هناك أحسن من هذا الحظ عند ربي ولولا كرامتي عليه ما أعطاني هذا كما قال في الآية الأخرى " ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى " وقال " أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالاً وولدًا " أي في الدار الآخرة تألى على الله عز وجل.وكان سبب نزولها في العاص بن وائل كما سيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله وبه الثقة وعليه التكلان.
وما أظن الساعة قائمة أي لا [ ص; 361 ] أحسب البعث كائنا .ولئن رددت إلى ربي أي وإن كان بعث فكما أعطاني هذه النعم في الدنيا فسيعطيني أفضل منه لكرامتي عليه .لأجدن خيرا منها منقلبا وإنما قال ذلك لما دعاه أخوه إلى الإيمان بالحشر والنشر . وفي مصاحف مكة والمدينة والشام " منهما " . وفي مصاحف أهل البصرة والكوفة منها على التوحيد ، والتثنية أولى ; لأن الضمير أقرب إلى الجنتين .
القول في تأويل قوله ; ( وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً ) كما حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; ابن زيد ; شكّ، ثم قال; (وَلَئِنْ ) كان ذلك ثم ( رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ) ما أعطاني هذه إلا ولي عنده خير من ذلك.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ، قوله; ( وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً ) كفور لنعم ربه، مكذّب بلقائه ; متمنّ على الله.
تفسير الآيات من 34 حتى 36 :ـ أي: فقال صاحب الجنتين لصاحبه المؤمن، وهما يتحاوران، أي: يتراجعان بينهما في بعض الماجريات المعتادة، مفتخرا عليه: { أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا } فخر بكثرة ماله، وعزة أنصاره من عبيد، وخدم، وأقارب، وهذا جهل منه، وإلا فأي: افتخار بأمر خارجي ليس فيه فضيلة نفسية، ولا صفة معنوية، وإنما هو بمنزله فخر الصبي بالأماني، التي لا حقائق تحتها، ثم لم يكفه هذا الافتخار على صاحبه، حتى حكم، بجهله وظلمه، وظن لما دخل جنته، فـ { قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ } أي: تنقطع وتضمحل { هَذِهِ أَبَدًا } فاطمأن إلى هذه الدنيا، ورضى بها، وأنكر البعث، فقال: { وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي } على ضرب المثل { لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا } أي ليعطيني خيرا من هاتين الجنتين، وهذا لا يخلو من أمرين: إما أن يكون عالما بحقيقة الحال، فيكون كلامه هذا على وجه التهكم والاستهزاء فيكون زيادة كفر إلى كفره، وإما أن يكون هذا ظنه في الحقيقة، فيكون من أجهل الناس، وأبخسهم حظا من العقل، فأي: تلازم بين عطاء الدنيا وعطاء الآخرة، حتى يظن بجهله أن من أعطي في الدنيا أعطي في الآخرة، بل الغالب، أن الله تعالى يزوي الدنيا عن أوليائه وأصفيائه، ويوسعها على أعدائه الذين ليس لهم في الآخرة نصيب، والظاهر أنه يعلم حقيقة الحال، ولكنه قال هذا الكلام، على وجه التهكم والاستهزاء، بدليل قوله: { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ } فإثبات أن وصفه الظلم، في حال دخوله، الذي جرى منه، من القول ما جرى، يدل على تمرده وعناده.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الكهف١٨ :٣٦
Al-Kahf18:36