الرسم العثمانيوَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ۚ وَيُجٰدِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبٰطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ۖ وَاتَّخَذُوٓا ءَايٰتِى وَمَآ أُنذِرُوا هُزُوًا
الـرسـم الإمـلائـيوَمَا نُرۡسِلُ الۡمُرۡسَلِيۡنَ اِلَّا مُبَشِّرِيۡنَ وَمُنۡذِرِيۡنَ ۚ وَيُجَادِلُ الَّذِيۡنَ كَفَرُوۡا بِالۡبَاطِلِ لِـيُدۡحِضُوۡا بِهِ الۡحَـقَّ وَاتَّخَذُوۡۤا اٰيٰتِىۡ وَمَاۤ اُنۡذِرُوۡا هُزُوًا
تفسير ميسر:
وما نبعث الرسل إلى الناس إلا ليكونوا مبشرين بالجنة لأهل الإيمان والعمل الصالح، ومخوِّفين بالنار لأهل الكفر والعصيان، ومع وضوح الحق يخاصم الذين كفروا رسلهم بالباطل تعنتًا؛ ليزيلوا بباطلهم الحق الذي جاءهم به الرسول، واتخذوا كتابي وحججي وما خُوّفوا به من العذاب سخرية واستهزاء.
ثم قال تعالى " وما نرسـل المرسلين إلا مبشربن ومنذرين " أي قبل العذاب مبشرين من صدقهم وآمن بهم ومنذرين لمن كذبهم وخالفهم ثم أخبر عن الكفار بأنهم " يجادلون بالباطل ليدحضوا به " أي ليضعفوا به الحق الذي جاءتهم به الرسل وليس ذلك بحاصل لهم " واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا " أي اتخذوا الحجج والبراهين وخوارق العادات التي بعث بها الرسل وما أنذروهم وخوفوهم به من العذاب " هزوا " أي سخروا منهم في ذلك وهو أشد التكذيب.
قوله تعالى ; وما نرسل المرسلين إلا مبشرين أي بالجنة لمن آمن .ومنذرين أي مخوفين بالعذاب من الكفر . وقد تقدم .ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق قيل ; نزلت في المقتسمين كانوا يجادلون في الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيقولون ; ساحر ومجنون وشاعر وكاهن كما تقدم . ومعنى يدحضوا يزيلوا ويبطلوا وأصل الدحض الزلق يقال ; دحضت رجله أي زلقت ، تدحض دحضا ودحضت الشمس عن كبد السماء زالت ودحضت حجته دحوضا بطلت ، وأدحضها الله والإدحاض الإزلاق . وفي وصف الصراط ; ويضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة فيقولون اللهم سلم سلم قيل ; يا رسول الله وما الجسر ؟ قال ; دحض مزلقة أي تزلق فيه القدم قال طرفة ;أبا منذر رمت الوفاء فهبته وحدت كما حاد البعير عن الدحضواتخذوا آياتي يعني القرآن .وما أنذروا من الوعيد . هزوا و " ما " بمعنى المصدر أي والإنذار وقيل ; بمعنى الذي ; أي اتخذوا القرآن والذي أنذروا به من الوعيد هزوا أي لعبا وباطلا .; وقد تقدم في " البقرة " بيانه . وقيل ; هو قول أبي جهل في الزبد والتمر هذا هو الزقوم وقيل ; هو قولهم في القرآن هو سحر وأضغاث أحلام وأساطير الأولين ، وقالوا [ ص; 383 ] للرسول ; هل هذا إلا بشر مثلكم وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم و ماذا أراد الله بهذا مثلا .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا (56)يقول عزّ ذكره; وما نرسل رسلنا إلا ليبشروا أهل الإيمان والتصديق بالله بجزيل ثوابه في الآخرة، ولينذروا أهل الكفر به والتكذيب، عظيم عقابه، وأليم عذابه، فينتهوا عن الشرك بالله، وينـزجروا عن الكفر به ومعاصيه ( وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ) يقول; ويخاصم الذين كذّبوا بالله ورسوله بالباطل، ذلك كقولهم للنبيّ صلى الله عليه وسلم; أخبرنا عن حديث فتية ذهبوا في أوّل الدهر لم يدر ما شأنهم، وعن الرجل الذي بلغ مشارق الأرض ومغاربها، وعن الروح، وما أشبه ذلك مما كانوا يخاصمونه به، يبتغون إسقاطه، تعنيتا له صلى الله عليه وسلم، فقال الله لهم; إنا لسنا نبعث إليكم رسلنا للجدال والخصومات، وإنما نبعثهم مبشرين أهل الإيمان بالجنة، ومنذرين أهل الكفر بالنار، وأنتم تجادلونهم بالباطل طلبا منكم بذلك أن تبطلوا الحقّ الذي جاءكم به رسولي ، وعنى بقوله; ( لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ) ليبطلوا به الحقّ ويزيلوه ويذهبوا به. يقال منه; دحض الشيء; إذا زال وذهب، ويقال; هذا مكان دَحْض; أي مُزِل مُزْلِق لا يثبت فيه خفّ ولا حافر ولا قدم ، ومنه قوله الشاعر;رَدِيــتُ ونجَّـى اليَشْـكُرِيّ حِـذَارُهُوحـادَ كمـا حـادَ البَعيرُ عَن الدَّحْضِ (1)ويروى; ونحَّى، وأدحضته أنا; إذا أذهبته وأبطلته.وقوله; ( وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا ) يقول; واتخذوا الكافرون بالله حججه التي احتج بها عليهم، وكتابه الذي أنـزله إليهم، والنذر التي أنذرهم بها سخريا يسخرون بها، يقولون; إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا .
أي: لم نرسل الرسل عبثا، ولا ليتخذهم الناس أربابا، ولا ليدعوا إلى أنفسهم، بل أرسلناهم يدعون الناس إلى كل خير، وينهون عن كل شر، ويبشرونهم على امتثال ذلك بالثواب العاجل والأجل، وينذرونهم على معصية ذلك بالعقاب العاجل والآجل، فقامت بذلك حجة الله على العباد، ومع ذلك يأبى الظالمون الكافرون، إلا المجادلة بالباطل، ليدحضوا به الحق، فسعوا في نصر الباطل مهما أمكنهم، وفي دحض الحق وإبطاله، واستهزءوا برسل الله وآياته، وفرحوا بما عندهم من العلم، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، ويظهر الحق على الباطل { بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق } ومن حكمة الله ورحمته، أن تقييضه المبطلين المجادلين الحق بالباطل، من أعظم الأسباب إلى وضوح الحق وتبين شواهده وأدلته، وتبين الباطل وفساده، فبضدها تتبين الأشياء.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الكهف١٨ :٥٦
Al-Kahf18:56