الرسم العثمانيوَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِـَٔايٰتِ رَبِّهِۦ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِىَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ۚ إِنَّا جَعَلْنَا عَلٰى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِىٓ ءَاذَانِهِمْ وَقْرًا ۖ وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدٰى فَلَن يَهْتَدُوٓا إِذًا أَبَدًا
الـرسـم الإمـلائـيوَمَنۡ اَظۡلَمُ مِمَّنۡ ذُكِّرَ بِاٰيٰتِ رَبِّهٖ فَاَعۡرَضَ عَنۡهَا وَنَسِىَ مَا قَدَّمَتۡ يَدٰهُ ؕ اِنَّا جَعَلۡنَا عَلٰى قُلُوۡبِهِمۡ اَكِنَّةً اَنۡ يَّفۡقَهُوۡهُ وَفِىۡۤ اٰذَانِهِمۡ وَقۡرًا ؕ وَاِنۡ تَدۡعُهُمۡ اِلَى الۡهُدٰى فَلَنۡ يَّهۡتَدُوۡۤا اِذًا اَبَدًا
تفسير ميسر:
ولا أحد أشد ظلمًا ممن وُعِظ بآيات ربه الواضحة، فانصرف عنها إلى باطله، ونسي ما قدَّمته يداه من الأفعال القبيحة فلم يرجع عنها، إنَّا جعلنا على قلوبهم أغطية، فلم يفهموا القرآن، ولم يدركوا ما فيه من الخير، وجعلنا في آذانهم ما يشبه الصمم، فلم يسمعوه ولم ينتفعوا به، وإن تَدْعُهم إلى الإيمان فلن يستجيبوا لك، ولن يهتدوا إليه أبدًا.
يقول تعالى وأي عباد الله أظلم ممن ذكر بآيات الله فأعرض عنها أي تناساها وأعرض عنها ولم يصغ لها ولا ألقى إليها بالا " ونسي ما قدمت يداه " أي من الأعمال السيئة والأفعال القبيحة " إنا جعلنا على قلوبهم " أي قلوب هؤلاء " أكنة " أي أغطية وغشاوة " أن يفقهوه " أي لئلا يفهموا هذا القرآن والبيان " وفي آذانهم وقرًا " أي صممًا معنويًا عن الرشاد " وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذًا أبدا ".
قوله تعالى ; ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها أي لا أحد أظلم لنفسه ممن وعظ بآيات ربه ، فتهاون بها وأعرض عن قبولها .ونسي ما قدمت يداه أي ترك كفره ومعاصيه فلم يتب منها ، فالنسيان هنا بمعنى الترك . وقيل ; المعنى نسي ما قدم لنفسه وحصل من العذاب ; والمعنى متقارب .إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا بسبب كفرهم ; أي نحن منعنا الإيمان من أن يدخل قلوبهم وأسماعهم .وإن تدعهم إلى الهدى أي إلى الإيمان .فلن يهتدوا إذا أبدا نزل في قوم معينين ، وهو يرد على القدرية قولهم ; وقد تقدم معنى هذه الآية في سبحان وغيرها .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57)يقول عزّ ذكره; وأي الناس أوضع للإعراض والصدّ في غير موضعهما ممن ذكره بآياته وحججه، فدله بها على سبيل الرشاد، وهداه بها إلى طريق النجاة، فأعرض عن آياته وأدلته التي في استدلاله بها الوصول إلى الخلاص من الهلاك ( وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ) يقول; ونسي ما أسلف من الذنوب المهلكة فلم يتب، ولم ينب.كما حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال ; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; ( وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ) ; أي نسي ما سلف من الذنوب.وقوله; ( إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ ) يقول تعالى ذكره; إنا جعلنا على قلوب هؤلاء الذين يعرضون عن آيات الله إذا ذكروا بها أغطية لئلا يفقهوه، لأن المعنى أن يفقهوا ما ذكروا به ، وقوله; ( وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ) يقول ; في آذانهم ثقلا لئلا يسمعوه ( وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى ) يقول عزّ ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; وَإنْ تَدْعُ يا مُحَمَّد هؤلاء المعرضين عن آيات الله عند التذكير بها إلى الاستقامة على محجة الحق والإيمان بالله، وما جئتهم به من عند ربك ( فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا ) يقول; فلن يستقيموا إذا أبدا على الحقّ، ولن يؤمنوا بما دعوتهم إليه، لأن الله قد طبع على قلوبهم، وسمعهم وأبصارهم.
يخبر تعالى أنه لا أعظم ظلما، ولا أكبر جرما، من عبد ذكر بآيات الله وبين له الحق من الباطل، والهدى من الضلال، وخوف ورهب ورغب، فأعرض عنها، فلم يتذكر بما ذكر به، ولم يرجع عما كان عليه، ونسى ما قدمت يداه من الذنوب، ولم يراقب علام الغيوب، فهذا أعظم ظلما من المعرض الذي لم تأته آيات الله ولم يذكر بها، وإن كان ظالما، فإنه أخف ظلما من هذا، لكون العاصي على بصيرة وعلم، أعظم ممن ليس كذلك، ولكن الله تعالى عاقبه بسبب إعراضه عن آياته، ونسيانه لذنوبه، ورضاه لنفسه، حالة الشر مع علمه بها، أن سد عليه أبواب الهداية بأن جعل على قلبه أكنة، أي: أغطية محكمة تمنعه أن يفقه الآيات وإن سمعتها، فليس في إمكانها الفقه الذي يصل إلى القلب، { وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا } أي: صمما يمنعهم من وصول الآيات، ومن سماعها على وجه الانتفاع وإذا كانوا بهذه الحالة، فليس لهدايتهم سبيل، { وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا } لأن الذي يرجى أن يجيب الداعي للهدى من ليس عالما، وأما هؤلاء، الذين أبصروا ثم عموا، ورأوا طريق الحق فتركوه، وطريق الضلال فسلكوه، وعاقبهم الله بإقفال القلوب والطبع عليها، فليس في هدايتهم حيلة ولا طريق وفي هذه الآية من التخويف لمن ترك الحق بعد علمه، أن يحال بينهم وبينه، ولا يتمكن منه بعد ذلك، ما هو أعظم مرهب وزاجر عن ذلك.
(الواو) استئنافيّة
(من) اسم استفهام مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(أظلم) خبر مرفوع
(من) حرف جرّ
(من) اسم موصول في محلّ جرّ متعلّق بـ (أظلم)
(ذكّر) فعل ماض مبنيّ للمجهول، ونائب الفاعل هو، وهو العائد
(بآيات) جارّ ومجرور متعلّق بـ (ذكّر) ،
(ربّه) مضاف إليه مجرور، و (الهاء) مضاف إليه
(الفاء) عاطفة
(أعرض) فعل ماض والفاعل هو (عن) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (أعرض) ،
(الواو) عاطفة
(نسي) مثل أعرض
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به
(قدّمت) فعل ماض و (التاء) للتأنيث
(يداه) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الألف.. و (الهاء) مضاف إليه
(إنّ) حرف مشبه بالفعل.. و (نا) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ
(جعلنا) فعل ماض وفاعله
(على قلوبهم) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف مفعول به ثان..
و (هم) مضاف إليه
(أكنّة) مفعول به أوّل منصوبـ (أن) حرف مصدريّ
(يفقهوه) مضارع منصوب، وعلامة النصب حذف النون ... و (الواو) فاعل، و (الهاء) مفعول به.
والمصدر المؤوّلـ (أن يفقهوه ... ) في محلّ نصب مفعول لأجله على حذف مضاف أي كراهة أن يفقهوه..
(الواو) عاطفة
(في آذانهم وقرا) مثل على قلوبهم أكنّة ومعطوف عليه ،(الواو) عاطفة
(إن) حرف شرط جازم
(تدعهم) مضارع مجزوم فعل الشرط، وعلامة الجزم حذف حرف العلّة.. و (هم) ضمير مفعول به
(إلى الهدى) جارّ ومجرور متعلّق بـ (تدعهم) ، وعلامة الجرّ الكسر المقدّرة
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(لن) حرف نفي ونصبـ (يهتدوا) مضارع منصوب مثل يفقهوا
(إذاً) - بالتنوين- حرف جواب لا عمل له
(أبدا) ظرف منصوب متعلّق بـ (يهتدوا) .
وجملة: «من أظلم ... » لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: «ذكّر ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) وجملة: «أعرض ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة وجملة: «نسي ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة وجملة: «نسي ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة وجملة: «قدّمت يداه ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) وجملة: «إنّا جعلنا ... » لا محلّ لها تعليل لما سبق وجملة: «جعلنا ... » في محلّ رفع خبر إنّ وجملة: «تدعهم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة إنّا جعلنا وجملة: «لن يهتدوا ... » في محلّ جزم جواب شرط جازم مقترنة بالفاء
- القرآن الكريم - الكهف١٨ :٥٧
Al-Kahf18:57