الرسم العثمانيقَالَ رَبِّ اجْعَل لِّىٓ ءَايَةً ۚ قَالَ ءَايَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلٰثَ لَيَالٍ سَوِيًّا
الـرسـم الإمـلائـيقَالَ رَبِّ اجۡعَلْ لِّىۡۤ اٰيَةً ؕ قَالَ اٰيَتُكَ اَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلٰثَ لَيَالٍ سَوِيًّا
تفسير ميسر:
قال زكريا زيادة في اطمئنانه; ربِّ اجعل لي علامة على تحقُّق ما بَشَّرَتْني به الملائكة، قال; علامتك أن لا تقدر على كلام الناس مدة ثلاث ليال وأيامها، وأنت صحيح معافى.
يقول تعالى مخبرا عن زكريا عليه السلام أنه "قال رب اجعل لي آية" أي علامة ودليلا على وجود ما وعدتني لتستقر نفسي ويطمئن قلبي بما وعدتنى كما قال إبراهيم عليه السلام "رب أرني كيف تحيي الموتى قال أول لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي" "قال آيتك" أي علامتك "أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا" أي أن تحبس لسانك عن الكلام ثلاث ليال وأنت صحيح سوي من غير مرض ولا علة. قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة ووهب والسدي وقتادة وغير واحد اعتقل لسانه من غير مرض ولا علة قال ابن زيد بن أسلم كان يقرأ ويسبح ولا يستطيع أن يكلم قومه إلا إشارة وقال العوفي عن ابن عباس "ثلاث ليال سويا" أي متتابعات والقول الأول عنه وعن الجمهور أصح كما قال تعالى في آل عمران "قال رب اجعل لي آية قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار" وقال مالك عن زيد بن أسلم "ثلاث ليال سويا" من غير خرس وهذا دليل على أنه لم يكن يكلم الناس في هذه الليالي الثلاث وأيامها "إلا رمزا" أي إشارة.
قوله تعالى ; قال رب اجعل لي آية طلب آية على حملها بعد بشارة الملائكة إياه ، وبعد قوله تعالى ; وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا زيادة طمأنينة ؛ أي تمم النعمة بأن تجعل لي آية ، وتكون تلك الآية زيادة نعمة وكرامة . وقيل ; طلب آية تدله على أن البشرى منه بيحيى لا من الشيطان ؛ لأن إبليس أوهمه ذلك . قاله الضحاك وهو معنى قول السدي ؛ وهذا فيه نظر لإخبار الله تعالى بأن الملائكة نادته حسب ما تقدم في ( آل عمران ) . قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا تقدم في ( آل عمران ) بيانه فلا معنى للإعادة .
وقوله; ( قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً ) يقول تعالى ذكره; قال زكريا; يا ربّ اجعل لي علما ودليلا على ما بشَّرَتني به ملائكتك من هذا الغلام عن أمرك ورسالتك، ليطمئنّ إلى ذلك قلبي.كما حدثني يونس ، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله ( قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً ) قال; قال ربّ اجعل لي آية أن هذا منك.حدثنا موسى، قال; ثنا عمرو، قال; ثنا أسباط، عن السديّ; قال رب، فإن كان هذا الصوت منك فاجعل لي آية (قال) الله (آيَتُكَ) لذلك ( أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا ) يقول جلّ ثناؤه; علامتك لذلك، ودليلك عليه أن لا تكلم الناس ثلاث ليال وأنت سويّ صحيح، لا علة بك من خرس ولا مرض يمنعك من الكلام.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن حميد، قال; ثنا حكام، عن عمرو، عن عطاء، عن سعيد، عن ابن عباس ( ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا ) قال; اعتقل لسانه من غير مرض.حدثني عليّ، قال; ثنا عبد الله، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا ) يقول; من غير خرس.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ( ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا ) قال; لا يمنعك من الكلام مرض.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد ( أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا ) قال; صحيحا لا يمنعك من الكلام مرض.حدثنا بشر ، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا ) من غير بأس ولا خرس، وإنما عوقب بذلك لأنه سأل آية بعد ما شافهته الملائكة مشافهة، أخذ بلسانه حتى ما كان يفيض الكلام إلا أومأ إيماء.حدثنا الحسن، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا معمر، عن قتادة، عن عكرمة، في قوله ( ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا ) قال; سويا من غير خرس.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله ( قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا ) وأنت صحيح، قال; فحبس لسانه، فكان لا يستطيع أن يكلم أحدا، وهو في ذلك يسبح، ويقرأ التوراة ويقرأ الإنجيل، فإذا أراد كلام الناس لم يستطع أن يكلمهم.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وهب بن منبه اليماني، قال; أخذ الله بلسانه من غير سوء، فجعل لا يطيق الكلام، وإنما كلامه لقومه بالإشارة، حتى مضت الثلاثة الأيام التي جعلها الله آية لمصداق ما وعده من هبته له.حدثنا موسى، قال; ثنا عمرو، قال; ثنا أسباط، عن السدّي ( قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا ) يقول; من غير خرس إلا رمزا، فاعتقل لسانه ثلاثة أيام وثلاث ليال.وقال آخرون; السويّ من صفة الأيام، قالوا; ومعنى الكلام; قال; آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال متتابعات.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال ; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا ) قال; ثلاث ليال متتابعات.
{ قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً ْ} أي: يطمئن بها قلبي، وليس هذا شكا في خبر الله، وإنما هو، كما قال الخليل عليه السلام: { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ْ} فطلب زيادة العلم، والوصول إلى عين اليقين بعد علم اليقين، فأجابه الله إلى طلبته رحمة به، فـ { قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا ْ} وفي الآية الأخرى { ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا ْ} والمعنى واحد، لأنه تارة يعبر بالليالي، وتارة بالأيام ومؤداها واحد، وهذا من الآيات العجيبة، فإن منعه من الكلام مدة ثلاثة أيام، وعجزه عنه من غير خرس ولا آفة، بل كان سويا، لا نقص فيه، من الأدلة على قدرة الله الخارقة للعوائد، ومع هذا، ممنوع من الكلام الذي يتعلق بالآدميين وخطابهم،. وأما التسبيح والتهليل، والذكر ونحوه، فغير ممنوع منه، ولهذا قال في الآية الأخرى: { وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ْ} فاطمأن قلبه، واستبشر بهذه البشارة العظيمة، وامتثل لأمر الله له بالشكر بعبادته وذكره، فعكف في محرابه،
(لي) متعلّق بمفعول ثان لفعل اجعلـ (آية) مفعول به أوّل منصوبـ (آيتك) مبتدأ مرفوع ومضاف إليه
(أن) حرف مصدريّ و (لا) نافية
(ثلاث) ظرف زمان منصوب متعلّق بـ (تكلّم) ،
(ليال) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الياء المحذوفة بسبب التنوين وهو تنوين العوض
(سويّا) حال من الفاعل في فعل تكلّم أي وأنت سليم لا لعلّة .
والمصدر المؤوّلـ (ألّا تكلّم ... ) في محلّ رفع خبر المبتدأ آيتك.
جملة: «قال ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «النداء: ربّ ... » في محلّ نصب مقول القول .
وجملة: «اجعل ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «قال ... » لا محلّ لها استئنافيّة بيانيّة.
وجملة: «آيتك ألّا تكلّم ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «تكلّم ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
11-
(الفاء) عاطفة
(على قومه) متعلّق بـ (خرج) وكذلك
(من المحراب) ،
(الفاء) عاطفة
(إليهم) متعلّق بفعل أوحى
(أن) حرف تفسير ،
(بكرة) ظرف زمان منصوب متعلّق بـ (سبّحوا) .
وجملة: «خرج ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة قال الثانية.
وجملة: «أوحى ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة خرج.وجملة: «سبّحوا ... » لا محلّ لها تفسيريّة.
- القرآن الكريم - مريم١٩ :١٠
Maryam19:10