الرسم العثمانيفَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى الْمَهْدِ صَبِيًّا
الـرسـم الإمـلائـيفَاَشَارَتۡ اِلَيۡهِ ؕ قَالُوۡا كَيۡفَ نُـكَلِّمُ مَنۡ كَانَ فِى الۡمَهۡدِ صَبِيًّا
تفسير ميسر:
فأشارت مريم إلى مولودها عيسى ليسألوه ويكلموه، فقالوا منكرين عليها; كيف نكلم مَن لا يزال في مهده طفلا رضيعًا؟
وقوله "فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا"أي أنهم لما استرابوا في أمرها واستنكروا قضيتها وقالوا لها ما قالوا معرضين بقذفها ورميها بالفرية وقد كانت يومها ذلك صائمة صامتة فأحالت الكلام عليه وأشارت لهم إلى خطابه وكلامه فقالوا متهكمين بها ظانين أنهـا تزدري بهم وتلعب بهم "كيف نكلم من كان في المهد صبيا" قال ميمون بن مهران "فأشارت إليه" قالت كلموه فقالوا على ما جاءت به من الداهية تأمرنا أن نكلم من كان في المهد صبيا وقال السدي لما "أشارت إليه" غضبوا وقالوا لسخريتها بنا حتى تأمرنا أن نكلم هذا الصبي أشد علينا من زناها "قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا" أي من هو موجود في مهده في حال صباه وصغره كيف يتكلم؟.
قوله تعالى ; فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياقوله تعالى ; فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا التزمت مريم - عليها السلام - ما أمرت به من ترك الكلام ، ولم يرد في هذه الآية أنها نطقت ب [ ص; 29 ] إني نذرت للرحمن صوما وإنما ورد بأنها أشارت ، فيقوى بهذا قول من قال ; إن أمرها ب ( قولي ) إنما أريد به الإشارة . ويروى أنهم لما أشارت إلى الطفل قالوا ; استخفافها بنا أشد علينا من زناها ، ثم قالوا لها على جهة التقرير كيف نكلم من كان في المهد صبيا وكان هنا ليس يراد بها الماضي ؛ لأن كل واحد قد كان في المهد صبيا ، وإنما هي في معنى هو الآن . وقال أبو عبيدة ; كان هنا لغو ؛ كما قال ;[ الفرزدق ] ;وجيران لنا كانوا مراماوقيل ; هي بمعنى الوجود والحدوث كقوله ; وإن كان ذو عسرة وقد تقدم . وقال ابن الأنباري ; لا يجوز أن يقال ; زائدة وقد نصبت صبيا ولا أن يقال ( كان ) بمعنى حدث ، لأنه لو كانت بمعنى الحدوث والوقوع لاستغنى فيه عن الخبر ، تقول ; كان الحر وتكتفي به . والصحيح أن من في معنى الجزاء وكان بمعنى يكن ؛ التقدير ; من يكن في المهد صبيا فكيف نكلمه ؟ ! كما تقول ; كيف أعطي من كان لا يقبل عطية ؛ أي من يكن لا يقبل . والماضي قد يذكر بمعنى المستقبل في الجزاء ؛ كقوله تعالى ; تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار أي إن يشأ يجعل . وتقول ; من كان إلي منه إحسان كان إليه مني مثله ، أي من يكن منه إلي إحسان يكن إليه مني مثله . والمهد قيل ; كان سريرا كالمهد وقيل المهد هاهنا حجر الأم . وقيل ; المعنى كيف نكلم من كان سبيله أن ينوم في المهد لصغره ،
يقول تعالى ذكره; فلما قال قومها ذلك لها قالت لهم ما أمرها عيسى بقيله لهم، ثم أشارت لهم إلى عيسى أن كلِّموه.كما حدثنا موسى، قال; ثنا عمرو ، قال; ثنا أسباط، عن السديّ، قال; لما قالوا لها مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا قالت لهم ما أمرها الله به، فلما أرادوها بعد ذلك على الكلام أشارت إليه، إلى عيسى.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ) قال; أمرتهم بكلامه.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وهب بن منبه ( فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ) يقول; أشارت إليه أن كلِّموه.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله ( فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ) أن كَلِّموه.وقوله ( قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ) يقول تعالى ذكره ، قال قومها لها; كيف نكلم من وُجد في المهد؟ وكان في قوله ( مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ) معناها التمام، لا التي تقتضي الخبر، وذلك شبيه المعنى بكان التي في قوله هَلْ كُنْتُ إِلا بَشَرًا رَسُولا وإنما معنى ذلك; هل أنا إلا بشر رسول؟ وهل وجدت أو بعثت; وكما قال زهير بن أبي سُلْمَى;زَجَــرْتُ علَيْــهِ حُــرَّةً أرْحَبِيَّـةًوَقَـدْ كَـانَ لَـوْنُ اللَّيْـلِ مِثْلَ الأرَنْدَجِ (2)بمعنى; وقد صار أو وُجد. وقيل; إنه عنى بالمهد في هذا الموضع; حجر أمه.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ) والمهد; الحجر.قال أبو جعفر; وقد بينا معنى المهد فيما مضى بشواهده، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع.------------------------الهوامش;(2) البيت في ( ديوان زهير بن أبي سلمى . طبعة دار الكتب المصرية بشرح أبي العباس ثعلب ، ص 323 ) ورواية الأصل ; أجرت تحريف . وقوله عليه ; على ذلك الطريق . وحرة كريمة وأرحبية ; منسوبة إلى أرحب ، وأرحب بطن من همدان ، تنسب إليهم النجائب الأرحبية ، وقيل هو موضع . وقال الأزهري ; يحتمل أن يكون أرحب فحلا تنسب إليه النجائب لأنها من نسله والأرندج واليرندج ; السواد يسود به الخف ، أو هو الجلد الأسود . أي زجرت على هذا الطريق هذه الناقة . والليل أسود مثل الأرندج .
فأشارت لهم إليه، أي: كلموه. وإنما أشارت لذلك، لأنها أمرت عند مخاطبة الناس لها، أن، تقول: { إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ْ} فلما أشارت إليهم بتكليمه، تعجبوا من ذلك وقالوا: { كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ْ} لأن ذلك لم تجر به عادة، ولا حصل من أحد في ذلك السن.
(الفاء) استئنافيّة
(كيف) اسم استفهام مبنيّ في محلّ نصب حالـ (من) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به
(كان) فعل ماض تامّ، والفاعل هو ، وهو العائد
(في المهد) متعلّق بـ (كان) ،
(صبيّا) حال منصوبة من فاعل كان.
جملة: «أشارت ... » لا محلّ لها استئنافيّة.وجملة: «قالوا ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «كيف نكلّم ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «كان في المهد ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
- القرآن الكريم - مريم١٩ :٢٩
Maryam19:29