الرسم العثمانيوَإِنَّ اللَّهَ رَبِّى وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ۚ هٰذَا صِرٰطٌ مُّسْتَقِيمٌ
الـرسـم الإمـلائـيوَاِنَّ اللّٰهَ رَبِّىۡ وَرَبُّكُمۡ فَاعۡبُدُوۡهُ ؕ هٰذَا صِرَاطٌ مُّسۡتَقِيۡمٌ
تفسير ميسر:
وقال عيسى لقومه; وإن الله الذي أدعوكم إليه هو وحده ربي وربكم فاعبدوه وحده لا شريك له، فأنا وأنتم سواء في العبودية والخضوع له، هذا هو الطريق الذي لا اعوجاج فيه.
وقوله "وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم" أي ومما أمر به عيسى قومه وهو في مهده أن أخبرهم إذ ذاك أن الله ربه وربهم وأمرهم بعبادته فقال "فاعبدوه هذا صراط مستقيم" أي هذا الذي جئتكم به عن الله "صراط مستقيم" أي قويم من اتبعه رشد وهدي ومن خالفه ضل وغوى.
وإن الله ربي وربكم قرأ أهل المدينة وابن كثير وأبو عمرو بفتح ( أن ) وأهل الكوفة ( وإن ) بكسر الهمزة على أنه مستأنف . تدل عليه قراءة أبي ( كن فيكون وإن الله ) بغير واو على العطف على قال إني عبد الله وفي الفتح أقوال ; فمذهب الخليل وسيبويه أن المعنى ؛ ولأن الله ربي وربكم ، وكذا وأن المساجد لله ف ( أن ) في موضع نصب عندهما .وأجاز الفراء أن يكون في موضع خفض على حذف اللام ، وأجاز أن يكون أيضا في موضع خفض بمعنى ؛ [ ص; 34 ] وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبأن الله ربي وربكم ؛ وأجاز الكسائي أن يكون في موضع رفع بمعنى ؛ والأمر أن الله ربي وربكم . وفيها قول خامس حكى أبو عبيد أن أبا عمرو بن العلاء قاله ، وهو أن يكون المعنى ; وقضى أن الله ربي وربكم ؛ فهي معطوفة على قوله ; ( أمرا ) من قوله ; إذا قضى أمرا والمعنى إذا قضى أمرا وقضى أن الله . ولا يبتدأ ب ( أن ) على هذا التقدير ، ولا على التقدير الثالث . ويجوز الابتداء بها على الأوجه الباقية . فاعبدوه هذا صراط مستقيم أي دين قويم لا اعوجاج فيه .
وقوله ( وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ) اختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامَّة قرّاء أهل المدينة والبصرة ( وأنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبكُمْ ) واختلف أهل العربية في وجه فتح " أن " إذا فتحت، فقال بعض نحوييّ الكوفة; فُتحت ردّا على عيسى وعطفا عليه، بمعنى; ذلك عيسى ابن مريم، وذلك أن الله ربي وربكم. وإذا كان ذلك كذلك كانت أن رفعا، وتكون بتأويل خفض، كما قال ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ قال; ولو فتحت على قوله (وَأَوْصَانِي) بأن الله، كان وجها. وكان بعض البصريين يقول; وذُكر ذلك أيضًا عن أبي عمرو بن العلاء، وكان ممن يقرؤه بالفتح إنما فتحت أن بتأويل (وَقَضَى) أن الله ربي وربُّكم. وكانت عامّة قرّاء الكوفيين يقرءونه (وَإنَّ الله) بكسر إن بمعنى النسق على قوله ( فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ ) . وذُكر عن أبيّ بن كعب أنه كان يقرؤه (فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ إنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ) بغير واو.قال أبو جعفر; والقراءة التي نختار في ذلك; الكسر على الابتداء. وإذا قرئ كذلك لم يكن لها موضع، وقد يجوز أن يكون عطفا على " إن " التي مع قوله قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ ... وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ ولو قال قائل، ممن قرأ ذلك نصبا; نصب على العطف على الكتاب، بمعنى; آتاني الكتاب، وأتاني أن الله ربي وربكم، كان وجها حسنا. ومعنى الكلام; وإني وأنتم أيها القوم جميعا لله عبيد، فإياه فاعبدوا دون غيره.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن حميد، قال; ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وهب بن منبه، قال; عهد إليهم حين أخبرهم عن نفسه ومولده وموته وبعثه ( إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ) أي إني وإياكم عبيد الله، فاعبدوه ولا تعبدوا غيره.وقوله ( هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ) يقول; هذا الذي أوصيتكم به، وأخبرتكم أن الله أمرني به هو الطريق المستقيم، الذي من سلكه نجا، ومن ركبه اهتدى، لأنه دين الله الذي أمر به أنبياءه.
أخبر عيسى أنه عبد مربوب كغيره، فقال: { وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ ْ} الذي خلقنا، وصورنا، ونفذ فينا تدبيره، وصرفنا تقديره. { فَاعْبُدُوهُ ْ} أي: أخلصوا له العبادة، واجتهدوا في الإنابة، وفي هذا الإقرار بتوحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية، والاستدلال بالأول على الثاني، ولهذا قال: { هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ْ} أي: طريق معتدل، موصل إلى الله، لكونه طريق الرسل وأتباعهم، وما عدا هذا، فإنه من طرق الغي والضلال.
(الواو) استئنافيّة
(ربّي) خبر إنّ مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على ما قبل الياء.. و (الياء) مضاف إليه
(ربّكم) معطوف على ربّي بالواو مرفوع
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر
(هذا) مبتدأ في محلّ رفع
(مستقيم) نعت للخبر
(صراط) .
جملة: «إنّ الله ربّي ... » في محلّ نصب مقول القول لفعل مقدّر أي:
قل.. وجملة القول المقدّر لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «اعبدوا ... » في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي إن كنتم مقرّين بربوبيّته فاعبدوه.
وجملة: «هذا صراط.....» لا محلّ لها تعليليّة.
- القرآن الكريم - مريم١٩ :٣٦
Maryam19:36