وَاذْكُرْ فِى الْكِتٰبِ إِبْرٰهِيمَ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا
وَاذۡكُرۡ فِى الۡكِتٰبِ اِبۡرٰهِيۡمَ ۚ اِنَّهٗ كَانَ صِدِّيۡقًا نَّبِيًّا
تفسير ميسر:
واذكر - أيها الرسول - لقومك في هذا القرآن قصة إبراهيم - عليه السلام - إنه كان عظيم الصدق، ومِن أرفع أنبياء الله تعالى منزلة.
يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم "واذكر في الكتاب إبراهيم" واتل على قومك هؤلاء الذين يعبدون الأصنام واذكر لهم ما كان من خبر إبراهيم خليل الرحمن الذين هم من ذريته ويدعون أنهم على ملته وقد كان صديقا نبيا مع أبيه.
قوله تعالى ; واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا المعنى ; واذكر في الكتاب الذي أنزل عليك وهو القرآن قصة إبراهيم وخبره . وقد تقدم معنى الصديق في ( النساء ) واشتقاق الصدق في ( البقرة ) فلا معنى للإعادة ومعنى الآية ; اقرأ عليهم يا محمد في القرآن أمر إبراهيم فقد عرفوا أنهم من ولده ، فإنه كان حنيفا مسلما وما كان يتخذ الأنداد ، فهؤلاء لم يتخذون الأنداد ؟ ! وهو كما قال ; ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه
يقول تعالى ذكره لنبيه; (واذْكُرْ) يا محمد في كتاب الله (إِبراهيمِ) خليل الرحمن، فاقصص على هؤلاء المشركين قصصه وقصص أبيه، ( إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا ) يقول; كان من أهل الصدق في حديثه وأخباره ومواعيده لا يكذب، والصدّيق هو الفعيل من الصدق.وقد بيَّنا ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع (نَبِيًّا) يقول; كان الله قد نبأه وأوحى إليه.
تفسير الآيتين 41 و42 :ـأجل الكتب وأفضلها وأعلاها، هذا الكتاب المبين، والذكر الحكيم، فإن ذكر فيه الأخبار، كانت أصدق الأخبار وأحقها، وإن ذكر فيه الأمر والنهي، كانت أجل الأوامر والنواهي، وأعدلها وأقسطها، وإن ذكر فيه الجزاء والوعد والوعيد، كان أصدق الأنباء وأحقها وأدلها على الحكمة والعدل والفضل،. وإن ذكر فيه الأنبياء والمرسلون، كان المذكور فيه، أكمل من غيره وأفضل، ولهذا كثيرا ما يبدئ ويعيد في قصص الأنبياء، الذين فضلهم على غيرهم، ورفع قدرهم، وأعلى أمرهم، بسبب ما قاموا به، من عبادة الله ومحبته، والإنابة إليه، والقيام بحقوقه، وحقوق العباد، ودعوة الخلق إلى الله، والصبر على ذلك، والمقامات الفاخرة، والمنازل العالية،. فذكر الله في هذه السورة جملة من الأنبياء، يأمر الله رسوله أن يذكرهم، لأن في ذكرهم إظهار الثناء على الله وعليهم، وبيان فضله وإحسانه إليهم،. وفيه الحث على الإيمان بهم ومحبتهم، والاقتداء بهم، فقال: { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ْ} جمع الله له بين الصديقية والنبوة. فالصديق: كثير الصدق، فهو الصادق في أقواله وأفعاله وأحواله، المصدق بكل ما أمر بالتصديق به،.وذلك يستلزم العلم العظيم الواصل إلى القلب، المؤثر فيه، الموجب لليقين، والعمل الصالح الكامل،. وإبراهيم عليه السلام، هو أفضل الأنبياء كلهم بعد محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الأب الثالث للطوائف الفاضلة، وهو الذي جعل الله في ذريته النبوة والكتاب، وهو الذي دعا الخلق إلى الله، وصبر على ما ناله من العذاب العظيم، فدعا القريب والبعيد، واجتهد في دعوة أبيه، مهما أمكنه، وذكر الله مراجعته إياه، فقال: { إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ ْ} مهجنا له عبادة الأوثان: { يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا ْ} أي: لم تعبد أصناما، ناقصة في ذاتها، وفي أفعالها، فلا تسمع، ولا تبصر، ولا تملك لعابدها نفعا ولا ضرا، بل لا تملك لأنفسها شيئا من النفع، ولا تقدر على شيء من الدفع، فهذا برهان جلي دال على أن عبادة الناقص في ذاته وأفعاله مستقبح عقلا وشرعا. ودل بتنبيهه وإشارته، أن الذي يجب ويحسن عبادة من له الكمال، الذي لا ينال العباد نعمة إلا منه، ولا يدفع عنهم نقمة إلا هو، وهو الله تعالى.
(الواو) استئنافيّة
(في الكتاب) متعلّق بحال من إبراهيم
(نبيّا) خبر ثان منصوب.جملة: «اذكر ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «إنّه كان صدّيقا ... » في محلّ نصب حال من إبراهيم .
وجملة: «كان صدّيقا ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
42-
(إذ) ظرف مبنيّ متعلّق بـ (صدّيقا نبيّا) ،
(لأبيه) متعلّق بـ (قال) وعلامة الجرّ الياء
(أبت) منادى مضاف منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الباء، و (التاء) زائدة عوضا من ياء المتكلّم المحذوفة لا محل لها..
و (الياء) المحذوفة مضاف إليه
(لم) حرف جرّ واسم استفهام في محلّ جرّ متعلّق بـ (تعبد) ، وحذفت الألف من ما لدخول حرف الجرّ
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به
(لا) نافية في المواضع الثلاثة
(عنك) متعلّق بـ (يغني) ،
(شيئا) مفعول به منصوب أي شيئا من نفع أو ضرر.
وجملة: «قال ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «النداء وجوابها ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «لم تعبد ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «لا يسمع ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «لا يبصر ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يسمع.
وجملة: «لا يغني ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يبصر.
43-
(قد) حرف تحقيق
(من العلم) متعلّق بـ (جاءني) ، ومن تبعيضيّة ،
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع فاعل جاءني
(يأتك)مضارع مجزوم وعلامة الجزم حزف حرف العلّة، والفاعل هو وهو العائد و (الكاف) مفعول به
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر
(أهدك) مضارع مجزوم بجواب الطلب، وعلامة الجزم حذف حرف العلّة، والفاعل أنا
(صراطا) مفعول به ثان منصوبـ (سويّا) نعت لصراط منصوب.
وجملة: «يا أبت ... » لا محلّ لها استئناف في حيّز القول.
وجملة: «إنّي قد جاءني ... » لا محلّ لها جواب النداء..
وجملة: «جاءني.. ما لم يأتك ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «لم يأتك ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «اتّبعني ... » في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي إن أردت الهداية فاتّبعني..
وجملة: «أهدك ... » لا محلّ لها جواب شرط مقدّر غير مقترنة بالفاء.
44-
(لا) ناهية. وحرّك
(تعبد) بالكسر لالتقاء الساكنين، والفاعل أنت
(للرحمن) متعلّق بـ (عصيّا) خبر كان.
وجملة: «يا أبت ... » لا محلّ لها استئناف في حيّز القول.
وجملة: «لا تعبد ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «إنّ الشيطان كان ... » لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «كان للرحمن عصيّا ... » في محلّ رفع خبر إنّ 45-
(عذاب) فاعل يمسّك مرفوع
(من الرحمن) متعلّق بنعت لـ (عذاب) .
والمصدر المؤوّلـ (أن يمسّك..) في محلّ نصب مفعول به عامله أخاف.
(الفاء) عاطفة
(تكون) مضارع ناقص- ناسخ- منصوب معطوف على(يمسّك) ، اسمه ضمير مستتر تقديره أنت
(للشيطان) متعلّق بـ (وليّا) خبر تكون منصوب.
وجملة: «يا أبت ... » لا محلّ لها استئناف في حيّز القول.
وجملة: «إنّي أخاف ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «أخاف ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «يمسّك عذاب ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
وجملة: «تكون ... » لا محلّ لها معطوفة على صلة الموصول الحرفيّ.