الرسم العثمانيأَفَرَءَيْتَ الَّذِى كَفَرَ بِـَٔايٰتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا
الـرسـم الإمـلائـياَفَرَءَيۡتَ الَّذِىۡ كَفَرَ بِاٰيٰتِنَا وَقَالَ لَاُوۡتَيَنَّ مَالًا وَّوَلَدًا
تفسير ميسر:
أعَلِمْت - أيها الرسول - وعجبت من هذا الكافر "العاص بن وائل" وأمثاله؟ إذ كفر بآيات الله وكذَّب بها وقال; لأعطينَّ في الآخرة أموالا وأولادًا.
وقال الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن خباب بن الأرت قال كنت رجلا قينا وكان لي على العاص بن وائل دين فأتيته أتقاضاه منه فقال لا والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد فقلت لا والله لا أكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم حتى تموت ثم تبعث قال فإنى إذا مت ثم بعثت جئتني ولي ثَمَّ مال وولد فأعطيتك فأنزل الله "أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا - إلى قوله - ويأتينا فردا" أخرجه صاحبا الصحيح وغيرهما من غير وجه عن الأعمش به وفي لفظ البخاري كنت قينا بمكة فعملت للعاص بن وائل سيفا فجئت أتقاضاه فذكر الحديث وقال "أم اتخذ عند الرحمن عهدا" قال موثقا. وقال عبدالرزاق أخبرنا الثوري عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال; قال خباب بن الأرت كنت قينا بمكة فكنت أعمل للعاص بن وائل فاجتمعت لي عليه دراهم فجئت لأتقاضاه فقال لي لا أقضيك حتى تكفر بمحمد فقلت لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث قال فإدا بعثت كان لي مال وولد قال فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله "أفرأيت الذي كفر بآياتنا" الآيات وقال العوفي عن ابن عباس إن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يطلبون العاص بن وائل السهمي بدين فأتوه يتقاضونه فقال ألستم تزعمون أن في الجنة ذهبا وفضة وحريرا ومن كل الثمرات؟ قالوا بلى قال فإن موعدكم الآخرة فوالله لأوتين مالا وولدا ولأوتين مثل كتابكم الذي جئتم به فضرب الله مثله في القرآن فقال "أفرأيت الذى كفر بآياتنا - إلى قوله - ويأتينا فردا" وهكذا قال مجاهد وقتادة وغيرهم إنها نزلت في العاص بن وائل وقوله "لأوتين مالا وولدا" قرأ بعضهم بفتح الواو من ولدا وقرأ آخرون بضمها وهو بمعناه قال رؤبة; الحمد لله العزيز فردا لم يتخذ من ولد شيء ولدا وقال الحارث بن حلزة; ولقد رأيت معاشرا قد ثمروا مالا وولدا وقال الشاعر; فليت فلانا كان في بطن أمه وليت فلانا كان ولد حمار وقيل إن الولد بالضم جمع والولد بالفتح مفرد وهي لغة قيس والله أعلم.
قوله تعالى ; أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا ونرثه ما يقول ويأتينا فرداقوله تعالى ; أفرأيت الذي كفر بآياتنا روى الأئمة - واللفظ لمسلم - عن خباب قال ; كان لي على العاص بن وائل دين فأتيته أتقاضاه فقال لي ; لن أقضيك حتى تكفر بمحمد . قال ; قلت له ; لن أكفر به حتى تموت ثم تبعث . قال ; وإني لمبعوث من بعد الموت ؟ ! فسوف [ ص; 68 ] أقضيك إذا رجعت إلى مال وولد . قال وكيع ; كذا قال الأعمش ؛ فنزلت هذه الآية ; أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا إلى قوله ; ويأتينا فردا في رواية قال ; كنت قينا في الجاهلية فعملت للعاص بن وائل عملا ، فأتيته أتقاضاه خرجه البخاري أيضا ، وقال الكلبي ومقاتل ; كان خباب قينا فصاغ للعاص حليا ثم تقاضاه أجرته ، فقال العاص ; ما عندي اليوم ما أقضيك ، فقال خباب ; لست بمفارقك حتى تقضيني ، فقال العاص ; يا خباب ما لك ؟ ! ما كنت هكذا ، وإن كنت لحسن الطلب . فقال خباب ; إني كنت على دينك فأنا اليوم على دين الإسلام مفارق لدينك ، قال ; أولستم تزعمون أن في الجنة ذهبا وفضة وحريرا ؟ قال خباب ; بلى قال ; فأخرني حتى أقضيك في الجنة - استهزاء فوالله لئن كان ما تقول حقا إني لأقضيك فيها ، فوالله لا تكون أنت يا خباب وأصحابك أولى بها مني ، فأنزل الله تعالى أفرأيت الذي كفر بآياتنا يعني العاص بن وائل الآيات أطلع الغيب قال ابن عباس ; ( أنظر في اللوح المحفوظ ) ؟ ! وقال مجاهد ; أعلم الغيب حتى يعلم أفي الجنة هو أم لا ؟ ! أم اتخذ عند الرحمن عهدا قال قتادة والثوري أي عملا صالحا ، وقيل ; هو التوحيد ، وقيل ; هو من الوعد ، وقال الكلبي ; عاهد الله تعالى أن يدخله الجنة كلا رد عليه ، أي لم يكن ذلك ؛ لم يطلع الغيب ولم يتخذ عند الرحمن عهدا ، وتم الكلام عند قول كلا وقال الحسن ; إن الآيات نزلت في الوليد بن المغيرة ، والأول أصح ؛ لأنه مدون في الصحاح وقرأ حمزة والكسائي . ( وولدا ) بضم الواو ، والباقون بفتحها . واختلف في الضم والفتح على وجهين ; أحدهما ; أنهما لغتان معناهما واحد يقال ولد وولد كما يقال عدم وعدم وقال الحارث بن حلزة ;ولقد رأيت معاشرا قد ثمروا مالا وولداوقال آخر ;فليت فلانا كان في بطن أمه وليت فلانا كان ولد حماروالثاني ; أن قيسا تجعل الولد بالضم جمعا والولد بالفتح واحدا قال الماوردي وفي قوله تعالى ; لأوتين مالا وولدا وجهان ; أحدهما أنه أراد في الجنة استهزاء بما وعد الله [ ص; 69 ] تعالى على طاعته وعبادته ؛ قاله الكلبي . الثاني ; أنه أراد في الدنيا وهو قول الجمهور ؛ وفيه وجهان محتملان ; أحدهما ; إن أقمت على دين آبائي وعبادة آلهتي لأوتين مالا وولدا . الثاني ; ولو كنت على باطل لما أوتيت مالا وولدا .قلت ; قول الكلبي أشبه بظاهر الأحاديث ، بل نصها يدل على ذلك قال مسروق سمعت خباب بن الأرت يقول ; جئت العاص بن وائل السهمي أتقاضاه حقا لي عنده ، فقال ; لا أعطيك حتى تكفر بمحمد ، فقلت ; لا حتى تموت ثم تبعث . قال ; وإني لميت ثم مبعوث ؟ ! فقلت ; نعم . فقال ; إن لي هناك مالا وولدا فأقضيك ؛ فنزلت هذه الآية ؛ قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; (أَفَرَأَيْتَ) يا محمد (الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا) حججنا فلم يصدّق بها، وأنكر وعيدنا من أهل الكفر (وَقَالَ) وهو بالله كافر وبرسوله (لأُوتَيَنَّ) في الآخرة (مَالا وَوَلَدًا).وذُكر أن هذه الآيات أنـزلت في العاص بن وائل السهمي أبي عمرو بن العاص.* ذكر الرواية بذلك; حدثنا أبو السائب وسعيد بن يحيى، قالا ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن خباب، قال; كنت رجلا قينا، وكان لي على العاص بن وائل دين، فأتيته أتقاضاه، فقال; والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد، فقلت; والله لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث، قال; فقال; فإذا أنا متّ ثم بُعثت كما تقول، جئتني ولي مال وولد، قال; فأنـزل الله تعالى; (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا) ( أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ).... إلى قوله; وَيَأْتِينَا فَرْدًا .حدثني به أبو السائب، وقرأ في الحديث; وولدا.حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يطلبون العاص بن وائل السهمي بدين، فأتوه يتقاضونه، فقال; ألستم تزعمون أن في الجنة فضة وذهبا وحريرا، ومن كلّ الثمرات؟ قالوا; بلى، قال; فإن موعدكم الآخرة، فوالله لأُوتينّ مالا وولدا، ولأُوتينّ مثل كتابكم الذي جئتم به، فضرب الله مثله في القران، فقال; (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا).... إلى قوله وَيَأْتِينَا فَرْدًا .حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله (لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا) قال; العاص بن وائل يقوله.حدثنا القاسم، قال. ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.حدثنا بشر بن معاذ، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا) فذكر لنا أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتوا رجلا من المشركين يتقاضونه دينا، فقال; أليس يزعم صاحبكم أن في الجنة حريرا وذهبا؟ قالوا; بلى، قال فميعادكم الجنة، فوالله لا أومن بكتابكم الذي جئتم به، استهزاء بكتاب الله، ولأُوتينّ مالا وولدا ، يقول الله ( أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا )؟.
أي: أفلا تتعجب من حالة هذا الكافر، الذي جمع بين كفره بآيات الله ودعواه الكبيرة، أنه سيؤتى في الآخرة مالا وولدا، أي: يكون من أهل الجنة، هذا من أعجب الأمور، فلو كان مؤمنا بالله وادعى هذه الدعوى، لسهل الأمر.وهذه الآية -وإن كانت نازلة في كافر معين- فإنها تشمل كل كافر، زعم أنه على الحق، وأنه من أهل الجنة
(الهمزة) للاستفهام التعجّبيّ
(الفاء) استئنافيّة
(الذي) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به
(بآياتنا) متعلّق بـ (كفر) ،
(اللام) لام القسم لقسم مقدّر
(أوتينّ) مضارع مبنيّ على الفتح في محلّ رفع، مبنيّ للمجهول و (النون) نون التوكيد، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره أنا
(مالا) مفعول به منصوب.
جملة: «رأيت ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كفر ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذي) .
وجملة: «قال ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «أوتينّ ... » لا محلّ لها جواب القسم المقدّر.. وجملة القسم وجوابها في محلّ نصب مقول القول.
78-
(الهمزة) للاستفهام
(أم) حرف عطف معادل لهمزة الاستفهام
(عند) ظرف منصوب متعلّق بمحذوف مفعول به ثان
(عهدا) مفعول به أوّل منصوب.
وجملة: «اطّلع ... » في محلّ نصب مفعول به ثان لفعلـ (رأيت) بمعنى أخبرت.وجملة: «اتّخذ ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة اطّلع.
79-
(كلّا) حرف ردع وزجر
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به
(الواو) عاطفة
(له) متعلّق بـ (نمدّ) ،
(من العذاب) متعلّق بـ (نمدّ) ،
(مدّا) مفعول مطلق منصوب.
وجملة: «سنكتب ... » لا محلّ لها استئنافيّة فيها معنى التعليل.
وجملة: «يقول ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «نمدّ ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة نكتب.
80-
(الواو) عاطفة
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب بدل اشتمال من الضمير في(نرثه) ، أي نرث ما عنده من المال والولد ،
(الواو) عاطفة
(فردا) حال منصوبة أي منفردا.
وجملة: «نرثه ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة نكتب.
وجملة: «يقول ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «يأتينا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة نكتب.
- القرآن الكريم - مريم١٩ :٧٧
Maryam19:77