الرسم العثمانيفَإِنَّمَا يَسَّرْنٰهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِۦ قَوْمًا لُّدًّا
الـرسـم الإمـلائـيفَاِنَّمَا يَسَّرۡنٰهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الۡمُتَّقِيۡنَ وَتُنۡذِرَ بِهٖ قَوۡمًا لُّدًّا
تفسير ميسر:
فإنما يسَّرنا هذا القرآن بلسانك العربي أيها الرسول؛ لتبشر به المتقين من أتباعك، وتخوِّف به المكذبين شديدي الخصومة بالباطل.
وقوله "فإنما يسرناه" يعني القرآن "بلسانك" أي يا محمد وهو اللسان العربي المبين الفصيح الكامل "لتبشر به المتقين" أي المستجيبين لله المصدقين لرسوله "وتنذر به قوما لدا" أي عوجا عن الحق مائلين إلى الباطل وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد قوما لدا لا يستقيمون وقال الثوري عن إسماعيل وهو السدي عن أبي صالح "وتنذر به قوما لدا" عوجا عن الحق وقال الضحاك الألد الخصم وقال القرظي الألد الكذاب وقال الحسن البصري "قوما لدا" صما وقال غيره صم آذان القلوب وقال قتادة قوما لدا يعني قريشا وقال العوفي عن ابن عباس "قوما لدا" فجارا وكذا روى ليث بن أبي سليم عن مجاهد; وقال ابن زيد الألد الظلوم وقرأ قوله تعالى "وهو ألد الخصام".
قوله تعالى ; فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لداقوله تعالى ; فإنما يسرناه بلسانك أي القرآن ؛ يعني بيناه بلسانك العربي وجعلناه سهلا على من تدبره وتأمله ، وقيل ; أنزلناه عليك بلسان العرب ليسهل عليهم فهمه . لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا اللد جمع الألد وهو الشديد الخصومة ومنه قوله تعالى ; ألد الخصام وقال الشاعر ;أبيت نجيا للهموم كأنني أخاصم أقواما ذوي جدل لداوقال أبو عبيدة ; الألد الذي لا يقبل الحق ويدعي الباطل . الحسن ; اللد الصم عن الحق قال الربيع ; صم آذان القلوب . مجاهد ; فجارا . الضحاك ; مجادلين في الباطل . ابن عباس ; شديدا في الخصومة . وقيل ; الظالم الذي لا يستقيم والمعنى واحد وخصوا بإنذار لأن الذي لا عناد عنده يسهل انقياده .
وقوله ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ ) يقول تعالى ذكره; فإنما يسَّرنا يا محمد هذا القرآن بلسانك، تقرؤه لتبشر به المتقين الذين اتقوا عقاب الله ، بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه بالجنة ( وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا ) يقول; ولتنذر بهذا القرآن عذاب الله قومك من قريش، فإنهم أهل لدد وجدل بالباطل، لا يقبلون الحق. واللدّ; شدة الخصومة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسين، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (لُدًّا) قال; لا يستقيمون.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وتنذر به قوما لدا ) يقول; لتنذر به قومًا ظَلَمة.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا ) ; أي جدالا بالباطل، ذوي لدة وخصومة.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثنا محمد بن فضيل، عن ليث، عن مجاهد، في قوله; ( وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا ) قال; فجارا.حدثنا الحسن، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله ( قَوْمًا لُدًّا ) قال; جدالا بالباطل.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله ( وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا ) قال; الألدّ; الظلوم، وقرأ قول الله وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ .حدثنا أبو صالح الضراري (1) . قال; ثنا العلاء بن عبد الجبار، قال; ثنا مهدي ميمون، عن الحسن في قول الله عزّ وجلّ( وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا ) قال; صما عن الحقّ.حدثني ابن سنان، قال; ثنا أبو عاصم، عن هارون، عن الحسن، مثله.وقد بيَّنا معنى الألدّ فيما مضى بشواهده، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
يخبر تعالى عن نعمته تعالى، وأن الله يسر هذا القرآن الكريم بلسان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، يسر ألفاظه ومعانيه، ليحصل المقصود منه والانتفاع به، { لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ } بالترغيب في المبشر به من الثواب العاجل والآجل، وذكر الأسباب الموجبة للبشارة، { وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا } أي: شديدين في باطلهم، أقوياء في كفرهم، فتنذرهم. فتقوم عليهم الحجة، وتتبين لهم المحجة، فيهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة.
(الفاء) تعليليّة
(إنّما) كافّة ومكفوفة
(بلسانك) متعلّق بحال من هاء الغائبـ (اللام) للتعليلـ (تبشّر) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام
(به) متعلّق بـ (تبشّر) .
والمصدر المؤوّلـ (أن تبشّر) في محلّ جرّ باللام متعلّق بـ (يسّرناه) .
(الواو) عاطفة
(تنذر به قوما) مثل تبشّر به المتّقين
(لدّا) نعت لـ (قوما) منصوب.
جملة: «يسّرناه ... » لا محلّ لها تعليل لمقدّر أي بلّغ ما أنزل فإنما يسرناه.
وجملة: «تبشّر ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر.
وجملة: «تنذر ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة تبشّر.
- القرآن الكريم - مريم١٩ :٩٧
Maryam19:97