إِنَّ فِى هٰذَا لَبَلٰغًا لِّقَوْمٍ عٰبِدِينَ
اِنَّ فِىۡ هٰذَا لَبَلٰغًا لّـِقَوۡمٍ عٰبِدِيۡنَؕ
تفسير ميسر:
إن في هذا المتلوِّ من الموعظة لَعبرة كافية لقوم عابدين الله بما شرعه لهم ورضيه منهم.
وقوله " إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين " أي إن في هذا القرآن الذي أنزلناه على عبدنا محمد صلى الله عليه وسلم لبلاغا لمنفعة وكفاية لقوم عابدين وهم الذين عبدوا الله بما شرعه وأحبه ورضيه وآثروا طاعة الله على طاعة الشيطان وشهوات أنفسهم.
إن في هذا أي فيما جرى ذكره في هذه السورة من الوعظ والتنبيه . وقيل ; إن في القرآن لبلاغا لقوم عابدين قال أبو هريرة وسفيان الثوري ; هم أهل الصلوات الخمس . وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - ; عابدين مطيعين . والعابد المتذلل الخاضع . قال القشيري ; ولا يبعد أن يدخل فيه كل عاقل ؛ لأنه من حيث الفطرة متذلل للخالق ، وهو بحيث لو تأمل القرآن واستعمله لأوصله ذلك إلى الجنة . وقال ابن عباس أيضا ; هم أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - الذين يصلون الصلوات الخمس ويصومون شهر رمضان . وهذا هو القول الأول بعينه .
يقول تعالى ذكره; إن في هذا القرآن الذي أنـزلناه على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لبلاغا لمن عبد الله بما فيه من الفرائض التي فرضها الله إلى رضوانه ، وإدراك الطَّلِبة عندهوبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك; حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال ; ثنا ابن علية ، عن الجريري ، عن أبي الورد بن ثمامة ، عن أبي محمد الحضرمي ، قال ; ثنا كعب في هذا المسجد ، قال; والذي نفس كعب بيده ، إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين ، إنهم لأهل، أو أصحاب الصلوات الخمس ، سماهم الله عابدين.حدثنا الحسين بن يزيد الطحان ، قال ; ثنا ابن علية ، عن سعيد بن إياس الجريري ، عن أبي الورد عن كعب ، في قوله ( إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ ) قال; صوم شهر رمضان ، وصلاة الخمس ، قال; هي ملء اليدين والبحر عبادة.حدثنا القاسم ، قال ; ثنا الحسين ، قال ; ثنا محمد بن الحسين ، عن الجريري ، قال; قال كعب الأحبار ( إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ ) ; لأمة محمد.حدثني علي ، قال ; ثنا عبد الله ، قال; ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ ) يقول; عاملين.حدثنا القاسم ، قال ; ثنا الحسين ، قال; ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ قال; يقولون في هذه السورة لبلاغا.ويقول آخرون; في القرآن تنـزيل لفرائض الصلوات الخمس ، من أداها كان بلاغا لقوم عابدين ، قال; عاملين.حدثنا يونس ، قال; أخبرنا ابن وهب ، قال; قال ابن زيد ، في قوله ( إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ ) قال; إن في هذا لمنفعة وعلما لقوم عابدين ، ذاك البلاغ.
يثني الله تعالى على كتابه العزيز \" القرآن \" ويبين كفايته التامة عن كل شيء، وأنه لا يستغنى عنه فقال: { إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ } أي: يتبلغون به في الوصول إلى ربهم، وإلى دار كرامته، فوصلهم إلى أجل المطالب، وأفضل الرغائب. وليس للعابدين، الذين هم أشرف الخلق، وراءه غاية، لأنه الكفيل بمعرفة ربهم، بأسمائه، وصفاته، وأفعاله، وبالإخبار بالغيوب الصادقة، وبالدعوة لحقائق الإيمان، وشواهد الإيقان، المبين للمأمورات كلها، والمنهيات جميعا، المعرف بعيوب النفس والعمل، والطرق التي ينبغي سلوكها في دقيق الدين وجليله، والتحذير من طرق الشيطان، وبيان مداخله على الإنسان، فمن لم يغنه القرآن، فلا أغناه الله، ومن لا يكفيه، فلا كفاه الله.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة