الرسم العثمانيلَا يُسْـَٔلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْـَٔلُونَ
الـرسـم الإمـلائـيلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفۡعَلُ وَهُمۡ يُسْأَلُونَ
تفسير ميسر:
إن من دلائل تفرُّده سبحانه بالخلق والعبادة أنه لا يُسأل عن قضائه في خلقه، وجميع خلقه يُسألون عن أفعالهم.
وقوله " لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون " أي هو الحاكم الذي لا معقب لحكمه ولا يعترض عليه أحد لعظمته وجلاله وكبريائه وعلمه وحكمته وعدله ولطفه " وهم يسئلون " أي وهو سائل خلقه عما يعملون كقوله " فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون " وهذا كقوله تعالى " وهو يجير ولا يجار عليه ".
قوله تعالى ; لا يسأل عما يفعل وهم يسألون قاصمة للقدرية وغيرهم . قال ابن جريج ; المعنى لا يسأل الخلق عن قضائه في خلقه وهو يسأل الخلق عن عملهم ؛ لأنهم عبيد . بين بهذا أن من يسأل غدا عن أعماله كالمسيح والملائكة لا يصلح للإلهية . وقيل ; لا يؤاخذ على أفعاله وهم يؤاخذون . وروي عن علي رضي الله عنه أن رجلا قال له يا أمير المؤمنين ; أيحب ربنا أن يعصى ؟ قال ; أفيعصى ربنا قهرا ؟ قال ; أرأيت إن منعني الهدى ومنحني الردى أأحسن إلي أم أساء ؟ قال ; إن منعك حقك فقد أساء ، وإن منعك فضله فهو فضله يؤتيه من [ ص; 189 ] يشاء . ثم تلا الآية ; لا يسأل عما يفعل وهم يسألون . وعن ابن عباس قال ; لما بعث الله - عز وجل - موسى وكلمه ، وأنزل عليه التوراة ، قال ; اللهم إنك رب عظيم ، لو شئت أن تطاع لأطعت ، ولو شئت ألا تعصى ما عصيت ، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى فكيف هذا يا رب ؟ فأوحى الله إليه ; إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون .
يقول تعالى ذكره; لا سائل يسأل رب العرش عن الذي يفعل بخلقه من تصريفهم فيما شاء من حياة وموت وإعزاز وإذلال، وغير ذلك من حكمه فيهم؛ لأنهم خلقه وعبيده، وجميعهم في ملكه وسلطانه، والحكم حكمه، والقضاء قضاؤه، لا شيء فوقه يسأله عما يفعل فيقول له; لم فعلت؟ ولمَ لم تفعل؟( وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) يقول جلّ ثناؤه; وجميع من في السماوات والأرض من عباده مسئولون عن أفعالهم، ومحاسبون على أعمالهم، وهو الذي يسألهم عن ذلك ويحاسبهم عليه، لأنه فوقهم ومالكهم، وهم في سلطانه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) يقول; لا يسأل عما يفعل بعباده، وهم يسألون عن أعمالهم.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، قال; قوله ( لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) قال; لا يسأل الخالق عن قضائه في خلقه، وهو يسأل الخلق عن عملهم.حدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; أخبرنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله ( لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) قال; لا يسأل الخالق عما يقضي في خلقه، والخلق مسئولون عن أعمالهم.
{ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ْ} لعظمته وعزته، وكمال قدرته، لا يقدر أحد أن يمانعه أو يعارضه، لا بقول، ولا بفعل، ولكمال حكمته ووضعه الأشياء مواضعها، وإتقانها، أحسن كل شيء يقدره العقل، فلا يتوجه إليه سؤال، لأن خلقه ليس فيه خلل ولا إخلال. { وَهُمْ ْ} أي: المخلوقين كلهم { يُسْأَلُونَ ْ} عن أفعالهم وأقوالهم، لعجزهم وفقرهم، ولكونهم عبيدا، قد استحقت أفعالهم وحركاتهم فليس لهم من التصرف والتدبير في أنفسهم، ولا في غيرهم، مثقال ذرة.
(لا) نافية، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الله
(عمّا) متعلّق بـ (يسأل) .. و (ما) حرف مصدريّ
(الواو) عاطفة.
جملة: «لا يسأل ... » لا محلّ لها استئنافيّة للتقرير.
وجملة: «يفعل ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(ما) .
وجملة: «هم يسألون ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «يسألون» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(هم) .
24-
- القرآن الكريم - الأنبياء٢١ :٢٣
Al-Anbiya'21:23