الرسم العثمانيقُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمٰنِ ۗ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِم مُّعْرِضُونَ
الـرسـم الإمـلائـيقُلۡ مَنۡ يَّكۡلَـؤُكُمۡ بِالَّيۡلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحۡمٰنِؕ بَلۡ هُمۡ عَنۡ ذِكۡرِ رَبِّهِمۡ مُّعۡرِضُوۡنَ
تفسير ميسر:
قل - أيها الرسول - لهؤلاء المستعجلين بالعذاب; لا أحد يحفظكم ويحرسكم في ليلكم أو نهاركم، في نومكم أو يقظتكم، مِن بأس الرحمن إذا نزل بكم. بل هم عن القرآن ومواعظ ربهم لاهون غافلون.
ثم ذكر تعالى نعمته على عبيده في حفظه لهم بالليل والنهار وكلاءته وحراسته لهم بعينه التي لا تنام فقال " قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن " أي بدل الرحمن يعني غيره كما قال الشاعر; جارية لم تلبس المرققا ولم تذق من البقول الفستقا أي لم تذق بدل البقول الفستق وقوله تعالى " بل هم عن ذكر ربهم معرضون " أي لا يعترفون بنعمة الله عليهم وإحسانه إليهم بل يعرضون عن آياته وآلائه.
قوله تعالى ; قل من يكلؤكم أي يحرسكم ويحفظكم . والكلاءة الحراسة والحفظ ؛ كلأه الله كلاء ( بالكسر ) أي حفظه وحرسه . يقال ; اذهب في كلاءة الله ؛ واكتلأت منهم أي احترست ، قال الشاعر هو ابن هرمة ;إن سليمى والله يكلؤها ضنت بشيء ما كان يرزؤهاوقال آخر [ كعب بن زهير ] ;أنخت بعيري واكتلأت بعينهوحكى الكسائي والفراء قل من يكلؤكم بفتح اللام وإسكان الواو . وحكيا ( من يكلاكم ) على تخفيف الهمزة في الوجهين ، والمعروف تحقيق الهمزة وهي قراءة العامة . فأما ( يكلاكم ) فخطأ من وجهين فيما ذكره النحاس ; أحدهما ; أن بدل الهمزة يكون في الشعر . والثاني ; أنهما يقولان في الماضي كليته ، فينقلب المعنى ؛ لأن كليته أوجعت كليته ، ومن قال لرجل ; كلاك الله فقد دعا عليه بأن يصيبه الله بالوجع في كليته .ثم قيل ; مخرج اللفظ مخرج الاستفهام والمراد به النفي . وتقديره ; قل لا حافظ لكم بالليل إذا نمتم والنهار إذا قمتم وتصرفتم في أموركم . من الرحمن أي من عذابه وبأسه ؛ كقوله تعالى ; فمن ينصرني من الله أي من عذاب الله . والخطاب لمن اعترف منهم بالصانع ؛ أي إذا أقررتم بأنه الخالق ، فهو القادر على إحلال العذاب الذي [ ص; 200 ] تستعجلونه . بل هم عن ذكر ربهم أي عن القرآن . وقيل ; عن مواعظ ربهم . وقيل ; عن معرفته . معرضون لاهون غافلون .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; قل يا محمد بهؤلاء المستعجليك بالعذاب، القائلين; متى هذا الوعد إن كنتم صادقين من يكلؤكم أيها القوم; يقول; من يحفظكم ويحرسكم بالليل إذا نمتم، وبالنهار إذا تصرّفتم من الرحمن؟ يقول; من أمر الرحمن إن نـزل بكم، ومن عذابه إن حلّ بكم، وترك ذكر الأمر، وقيل من الرحمن اجتزاء بمعرفة السامعين لمعناه من ذكره.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، قال; قال ابن عباس، في قوله ( قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ ) قال; يحرسكم.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد عن قتادة ( قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ ) قل من يحفظكم بالليل والنهار من الرحمن، يقال منه; كلأت القوم; إذا حرستهم، أكلؤهم، كما قال ابن هَرْمة;إنَّ سُـــلَيْمَى ( واللــهُ يَكْلَؤُهــا)ضَنَّـتْ بِشَـيْءٍ مـا كـانَ يَرْزَؤُهـا (6)قوله ( بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ ) وقوله بل; تحقيق لجحد قد عرفه المخاطبون بهذا الكلام، وإن لم يكن مذكورا في هذا الموضع ظاهرا.ومعنى الكلام; وما لهم أن لا يعلموا أنه لا كالئ لهم من أمر الله إذا هو حلّ بهم ليلا أو نهارا، بل هم عن ذكر مواعظ ربهم وحججه التي احتجّ بها عليهم معرضون لا يتدبرون ذلك فلا يعتبرون به، جهلا منهم وسفها.---------------------------الهوامش ;(6) البيت لإبراهيم بن هرمة ، كما قال المؤلف . وقد جاء في ( اللسان ; كلأ ) غير منسوب . وفيه " بزاد " في موضع " بشيء " . قال ; يقال ; كلأك الله كلاءة ( بالكسر ) حفظك الله وحرسك .وأنشد " إن سليمي ... البيت " وجملة ( والله يكلؤها ) اعتراضية للدعاء . ويرزؤها ; ينقص منها ويضيرها . يريد ; ضنت بشيء هين عليها لو بذلته لنا واستشهد المؤلف به على أن معنى يكلأ يحفظ ، كما قال أهل اللغة .
يقول تعالى - ذاكرا عجز هؤلاء، الذين اتخذوا من دونه آلهة، وأنهم محتاجون مضطرون إلى ربهم الرحمن، الذي رحمته، شملت البر والفاجر، في ليلهم ونهارهم - فقال: { قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ ْ} أي: يحرسكم ويحفظكم { بِاللَّيْلِ ْ} إذ كنتم نائمين على فرشكم، وذهبت حواسكم { وَالنَّهَارِ ْ} وقت انتشاركم وغفلتكم { مِنَ الرَّحْمَنِ ْ} أي: بدله غيره، أي: هل يحفظكم أحد غيره؟ لا حافظ إلا هو. { بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ ْ} فلهذا أشركوا به، وإلا فلو أقبلوا على ذكر ربهم، وتلقوا نصائحه، لهدوا لرشدهم، ووفقوا في أمرهم.
(من) اسم استفهام مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ خبره جملة يكلؤكم، وفاعلـ (يكلؤكم) ضمير مستتر يعود على من(بالليل) متعلّق بـ (يكلؤكم) ،
(من الرحمن) متعلّق بـ (يكلؤكم) بحذف مضاف أي من عذاب الرحمن(بل) حرف إضرابـ (عن ذكر) متعلّق بـ (معرضون) .
جملة: «قل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «من يكلؤكم ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «يكلؤكم ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .وجملة: «هم.. معرضون» لا محلّ لها استئنافيّة.
- القرآن الكريم - الأنبياء٢١ :٤٢
Al-Anbiya'21:42