الرسم العثمانيالَّذِينَ إِن مَّكَّنّٰهُمْ فِى الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلٰوةَ وَءَاتَوُا الزَّكٰوةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عٰقِبَةُ الْأُمُورِ
الـرسـم الإمـلائـياَ لَّذِيۡنَ اِنۡ مَّكَّنّٰهُمۡ فِى الۡاَرۡضِ اَقَامُوا الصَّلٰوةَ وَاٰتَوُا الزَّكٰوةَ وَاَمَرُوۡا بِالۡمَعۡرُوۡفِ وَنَهَوۡا عَنِ الۡمُنۡكَرِ ؕ وَلِلّٰهِ عَاقِبَةُ الۡاُمُوۡرِ
تفسير ميسر:
الذين وعدناهم بنصرنا هم الذين إنْ مكَّنَّاهم في الأرض، واستخلفناهم فيها بإظهارهم على عدوهم، أقاموا الصلاة بأدائها في أوقاتها بحدودها، وأخرجوا زكاة أموالهم إلى أهلها، وأمروا بكل ما أمر الله به مِن حقوقه وحقوق عباده، ونَهَوْا عن كل ما نهى الله عنه ورسوله. ولله وحده مصير الأمور كلها، والعاقبة للتقوى.
قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا حماد بن زيد عن أيوب وهشام عن محمد قال; قال عثمان بن عفان فينا نزلت " الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر " فأخرجنا من ديارنا بغير حق إلا أن قلنا ربنا الله ثم مكنا في الأرض فأقمنا الصلاة وآتينا الزكاة وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر ولله عاقبة الأمور فهي لي ولأصحابي وقال أبو العالية هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قال الصباح بن سواده الكندي سمعت عمر بن عبد العزيز يخطب وهو يقول " الذين إن مكناهم في الأرض " الآية ثم قال ألا إنها ليست على الوالي وحده ولكنها على الوالي والمولى عليه ألا أنبئكم بما لكم على الوالي من ذلكم وبما للوالي عليكم منه إن لكم على الوالي من ذلكم أن يأخذكم بحقوق الله عليكم وأن يأخذ لبعضكم من بعض وأن يهديكم للتي هي أقوم ما استطاع وإن عليكم من ذلك الطاعة غير المبزوزة ولا المستكره بها ولا المخالف سرها علانيتها وقال عطية العوفي هذه الآية كقوله " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الأرض " وقوله " ولله عاقبة الأمور " كقوله تعالى والعاقبة للمتقين وقال زيد بن أسلم ولله عاقبة الأمور وعند الله ثواب ما صنعوا.
قوله تعالى ; الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمورقال الزجاج ; ( الذين ) في موضع نصب ردا على ( من ) ، يعني في قوله ; ولينصرن الله من ينصره . وقال غيره ; ( الذين ) في موضع خفض ردا على قوله ; أذن للذين يقاتلون ويكون الذين إن مكناهم في الأرض أربعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن في الأرض غيرهم . وقال ابن عباس ; المراد المهاجرون والأنصار والتابعون بإحسان . وقال قتادة ; هم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - . وقال عكرمة ; هم أهل الصلوات الخمس . وقال الحسن وأبو العالية ; هم هذه الأمة إذا فتح الله عليهم أقاموا الصلاة . وقال ابن أبي نجيح ; يعني الولاة . وقال الضحاك ; هو شرط شرطه الله - عز وجل - على من آتاه الملك ؛ وهذا حسن . قال سهل بن عبد الله ; الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على السلطان وعلى العلماء الذين يأتونه . [ ص; 69 ] وليس على الناس أن يأمروا السلطان ؛ لأن ذلك لازم له واجب عليه ، ولا يأمروا العلماء فإن الحجة قد وجبت عليهم .
يقول تعالى ذكره; أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا, الذين إن مكنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة. والذين ههنا ردّ على الذين يقاتلون.ويعني بقوله; ( إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ ) إن وطنا لهم في البلاد, فقهروا المشركين وغلبوهم عليها, وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول; إن نصرناهم على أعدائهم وقهروا مشركي مكة, أطاعوا الله, فأقاموا الصلاة بحدودها، وآتوا الزكاة; يقول; وأعطوا زكاة أموالهم من جعلها الله له ( وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ ) يقول; ودعوا الناس إلى توحيد الله والعمل بطاعته وما يعرفه أهل الإيمان بالله ( وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ) يقول; ونهوا عن الشرك بالله، والعمل بمعاصيه، الذي ينكره أهل الحقّ والإيمان بالله ( وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ ) يقول; ولله آخر أمور الخلق، يعني; أن إليه مصيرها في الثواب عليها، والعقاب في الدار الآخرة.وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك; حدثني الحارث, قال; ثنا الحسين الأشيب, قال; ثنا أبو جعفر عيسى بن ماهان, الذي يقال له الرازي, عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية, في قوله; ( الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ) قال; كان أمرهم بالمعروف أنهم دعوا إلى الإخلاص لله وحده لا شريك له; ونهيهم عن المنكر أنهم نهوا عن عبادة الأوثان وعبادة الشيطان. قال; فمن دعا إلى الله من الناس كلهم فقد أمر بالمعروف, ومن نهى عن عبادة الأوثان وعبادة الشيطان فقد نهى عن المنكر.
ثم ذكر علامة من ينصره، وبها يعرف، أن من ادعى أنه ينصر الله وينصر دينه، ولم يتصف بهذا الوصف، فهو كاذب فقال: { الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ } أي: ملكناهم إياها، وجعلناهم المتسلطين عليها، من غير منازع ينازعهم، ولا معارض، { أَقَامُوا الصَّلَاةَ } في أوقاتها، وحدودها، وأركانها، وشروطها، في الجمعة والجماعات. { وَآتُوا الزَّكَاةَ } التي عليهم خصوصا، وعلى رعيتهم عموما، آتوها أهلها، الذين هم أهلها، { وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ } وهذا يشمل كل معروف حسنه شرعا وعقلا، من حقوق الله، وحقوق الآدميين، { وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ } كل منكر شرعا وعقلا، معروف قبحه، والأمر بالشيء والنهي عنه يدخل فيه ما لا يتم إلا به، فإذا كان المعروف والمنكر يتوقف على تعلم وتعليم، أجبروا الناس على التعلم والتعليم، وإذا كان يتوقف على تأديب مقدر شرعا، أو غير مقدر، كأنواع التعزير، قاموا بذلك، وإذا كان يتوقف على جعل أناس متصدين له، لزم ذلك، ونحو ذلك مما لا يتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا به. { وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } أي: جميع الأمور، ترجع إلى الله، وقد أخبر أن العاقبة للتقوى، فمن سلطه الله على العباد من الملوك، وقام بأمر الله، كانت له العاقبة الحميدة، والحالة الرشيدة، ومن تسلط عليهم بالجبروت، وأقام فيهم هوى نفسه، فإنه وإن حصل له ملك موقت، فإن عاقبته غير حميدة، فولايته مشئومة، وعاقبته مذمومة.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الحج٢٢ :٤١
Al-Hajj22:41