الرسم العثمانيذٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِۦ ثُمَّ بُغِىَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ
الـرسـم الإمـلائـيذٰ لِكَۚ وَمَنۡ عَاقَبَ بِمِثۡلِ مَا عُوۡقِبَ بِهٖ ثُمَّ بُغِىَ عَلَيۡهِ لَيَنۡصُرَنَّهُ اللّٰهُ ؕ اِنَّ اللّٰهَ لَعَفُوٌّ غَفُوۡرٌ
تفسير ميسر:
ذلك الأمر الذي قصصنا عليك من إدخال المهاجرين الجنة، ومن اعتُدِي عليه وظُلم فقد أُذِن له أن يقابل الجاني بمثل فعلته، ولا حرج عليه، فإذا عاد الجاني إلى إيذائه وبغى، فإن الله ينصر المظلوم المعتدى عليه؛ إذ لا يجوز أن يُعْتَدى عليه بسبب انتصافه لنفسه. إن الله لعفوٌ غفور، يعفو عن المذنبين فلا يعاجلهم بالعقوبة، ويغفر ذنوبهم.
وقوله " ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به " الآية ذكر مقاتل بن حيان وابن جرير أنها نزلت في سرية من الصحابة لقوا جمعًا من المشركين في شهر محرم فناشدهم المسلمون لئلا يقاتلوهم في الشهر الحرام فأبى المشركون إلا قتالهم وبغوا عليهم فقاتلهم المسلمون فنصرهم الله عليهم " إن الله لعفو غفور".
قوله تعالى ; ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفورقوله تعالى ; ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ( ذلك ) في موضع رفع ؛ أي ذلك الأمر الذي قصصنا عليك . قال مقاتل ; نزلت في قوم من مشركي مكة لقوا قوما من المسلمين لليلتين بقيتا من المحرم فقالوا ; إن أصحاب محمد يكرهون القتال في الشهر الحرام فاحملوا عليهم ؛ فناشدهم المسلمون ألا يقاتلوهم في الشهر الحرام ؛ فأبى المشركون إلا القتال ، فحملوا عليهم فثبت المسلمون ونصرهم الله على المشركين ؛ وحصل في أنفس المسلمين من القتال في الشهر الحرام شيء ؛ فنزلت هذه الآية . وقيل ; نزلت في قوم من المشركين ، مثلوا بقوم من المسلمين قتلوهم يوم أحد فعاقبهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثله . فمعنى من عاقب بمثل ما عوقب به أي من جازى الظالم بمثل ما ظلمه ؛ فسمى جزاء العقوبة عقوبة لاستواء الفعلين في الصورة ؛ فهو مثل وجزاء سيئة سيئة مثلها . ومثل فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم . وقد تقدم . ثم بغي عليه أي بالكلام والإزعاج من وطنه ؛ وذلك أن المشركين كذبوا نبيهم وآذوا من آمن به وأخرجوه وأخرجوهم من مكة ، وظاهروا على إخراجهم . لينصرنه الله أي لينصرن الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ؛ فإن الكفار بغوا عليهم . إن الله لعفو غفور أي عفا عن المؤمنين ذنوبهم وقتالهم في الشهر الحرام وستر .
يعني تعالى ذكره بقوله; (ذلكَ) لهذا لهؤلاء الذين هاجروا في سبيل الله, ثم قُتلوا أو ماتوا, ولهم مع ذلك أيضا أن الله يعدهم النصر على المشركين الذين بغوا عليهم فأخرجوهم من ديارهم.كما حدثنا القاسم, قال; ثنا الحسين, قال; ثني حجاج, عن ابن جُرَيج; ( ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ) قال; هم المشركون بغَوْا على النبي صلى الله عليه وسلم, فوعده الله أن ينصره, وقال في القصاص أيضا. وكان بعضهم يزعم أن هذه الآية نـزلت في قوم من المشركين لقوا قوما من المسلمين لليلتين بقيتا من المحرّم, وكان المسلمون يكرهون القتال يومئذ في الأشهر الحرم, فسأل المسلمون المشركين أن يكفوا عن قتالهم من أجل حرمة الشهر, فأبى المشركون ذلك, وقاتلوهم فبغَوْا عليهم, وثبت المسلمون لهم فنُصروا عليهم, فأنـزل الله هذه الآية; ( ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ ) بأن بدئ بالقتال وهو له كاره,( لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ ).وقوله; ( إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ) يقول تعالى ذكره; إن الله لذو عفو وصفح لمن انتصر ممن ظلمه من بعد ما ظلمه الظالم بحقّ, غفور لما فعل ببادئه بالظلم مثل الذي فعل به غير معاقبه عليه.
ذلك بأن من جني عليه وظلم، فإنه يجوز له مقابلة الجاني بمثل جنايته، فإن فعل ذلك، فليس عليه سبيل، وليس بملوم، فإن بغي عليه بعد هذا، فإن الله ينصره، لأنه مظلوم، فلا يجوز أن يبغي عليه، بسبب أنه استوفى حقه، وإذا كان المجازي غيره، بإساءته إذا ظلم بعد ذلك، نصره الله، فالذي بالأصل لم يعاقب أحدا إذا ظلم وجني عليه، فالنصر إليه أقرب. { إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } أي: يعفو عن المذنبين، فلا يعاجلهم بالعقوبة، ويغفر ذنوبهم فيزيلها، ويزيل آثارها عنهم، فالله هذا وصفه المستقر اللازم الذاتي، ومعاملته لعباده في جميع الأوقات بالعفو والمغفرة، فينبغي لكم أيها المظلومون المجني عليهم، أن تعفوا وتصفحوا وتغفروا ليعاملكم الله كما تعاملون عباده { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ }
(ذلك) اسم إشارة في محلّ رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره الأمر أو الشأن
(الواو) استئنافيّة
(من) اسم موصول مبتدأ ،
(بمثل) متعلّق بـ (عاقب) ،
(ما) موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه، ونائب الفاعل للمبنيّ للمجهولـ (عوقب) ضمير مستتر يعود على من،
(به) متعلّق بـ (عوقب) ،
(عليه) نائب الفاعل للمبنيّ للمجهولـ (بغي) ،
(اللام) لام القسم لقسم مقدّر
(ينصرنّ) مضارع مبنيّ على الفتح في محلّ رفع
(إنّ الله لعفوّ) مثل إنّ الله لعليم .
جملة: «
(الأمر) ذلك ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «من عاقب ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «عاقب ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
وجملة: «عوقب ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «بغي عليه ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة عاقب.
وجملة: «ينصرنّه الله ... » لا محلّ لها جواب القسم المقدّر، وجملة القسم وجوابه في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) ، وجملة: «إنّ الله لعفوّ ... » لا محلّ لها استئنافيّة.(ذلك) مبتدأ خبره
(بأنّ الله ... ) ،
(في النهار) متعلّق بـ (يولج) ، وكذلك
(في الليل) بـ (يولج) الثاني.
والمصدر المؤوّلـ (أنّ الله يولج..) في محلّ جرّ بالباء متعلّق بخبر المبتدأ
(ذلك) .
والمصدر المؤوّلـ (أنّ الله سميع) في محلّ جرّ معطوف على المصدر المؤوّل الأول.
وجملة: «ذلك بأنّ الله ... » لا محلّ لها استئنافيّة تعليليّة.
وجملة: «يولج الليل ... » في محلّ رفع خبر أنّ
(الأول) .
وجملة: «يولج النهار ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة يولج الليل.
(ذلك بأنّ الله هو الحقّ) مثل ذلك بأنّ الله يولج
(هو) ضمير منفصل مبتدأ خبره
(الحقّ) ،
(الواو) عاطفة
(ما) موصول في محلّ نصب اسم أنّ
(من دونه) متعلّق بحال من المفعول المحذوف
(هو) مبتدأ خبره
(الباطل) ،
(الواو) عاطفة
(أنّ الله هو العليّ) مثل أنّ الله هو الحقّ.
والمصدر المؤوّلـ (أنّ الله هو الحقّ) في محلّ جرّ بالباء متعلّق بخبر المبتدأ
(ذلك) .
والمصدر المؤوّلـ (أنّ ما يدعون ... ) في محلّ جرّ معطوف على المصدر المؤوّلـ (أنّ الله هو الحقّ) .
والمصدر المؤوّلـ (أنّ الله هو العليّ) في محلّ جرّ معطوف على المصدر المؤوّلـ (أنّ الله هو الحقّ) .
وجملة: «ذلك بأنّ الله ... » لا محلّ لها استئنافيّة مؤكّدة للتعليل.
وجملة: «هو الحقّ ... » في محلّ رفع خبر
(أنّ) الثالث.
وجملة: «يدعون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .وجملة: «هو الباطل ... » في محلّ رفع خبر
(أنّ) الرابع.
وجملة: «هو العليّ ... » في محلّ رفع خبر
(أنّ) الخامس.
- القرآن الكريم - الحج٢٢ :٦٠
Al-Hajj22:60