حَتّٰىٓ إِذَآ أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْـَٔرُونَ
حَتّٰۤى اِذَاۤ اَخَذۡنَا مُتۡـرَفِيۡهِمۡ بِالۡعَذَابِ اِذَا هُمۡ يَجۡـــَٔرُوۡنَؕ
تفسير ميسر:
حتى إذا أخذنا المترفين وأهل البطر منهم بعذابنا، إذا هم يرفعون أصواتهم يتضرعون مستغيثين.
وقوله " حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون " يعني حتى إذا جاء مترفيهم وهم المنعمون في الدنيا عذاب الله وبأسه ونقمته بهم " إذا هم يجأرون " أي يصرخون ويستغيثون كما قال تعالى " وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا إن لدينا أنكالا وجحيما " الآية وقال تعالى " وكم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص ".
حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب يعني بالسيف يوم بدر ؛ قاله ابن عباس . وقال الضحاك ; يعني بالجوع حين قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ; اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف . فابتلاهم الله بالقحط والجوع حتى أكلوا العظام ، والميتة ، والكلاب ، والجيف ، وهلك الأموال والأولاد . إذا هم يجأرون أي يضجون ويستغيثون . وأصل الجؤار رفع الصوت بالتضرع كما يفعل الثور . وقال الأعشى يصف بقرة ;فطافت ثلاثا بين يوم وليلة وكان النكير أن تضيف وتجأرا[ ص; 126 ] قال الجوهري ; الجؤار مثل الخوار ؛ يقال ; جأر الثور يجأر أي صاح . وقرأ بعضهم ( عجلا جسدا له جؤار ) حكاه الأخفش . وجأر الرجل إلى الله - عز وجل - تضرع بالدعاء . قتادة ; يصرخون بالتوبة فلا تقبل منهم . قال ;يراوح من صلوات المليك فطورا سجودا وطورا جؤاراوقال ابن جريج ; حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب هم الذين قتلوا ببدر إذا هم يجأرون هم الذين بمكة ؛ فجمع بين القولين المتقدمين ، وهو حسن .
يقول تعالى ذكره; ولهؤلاء الكفار من قريش أعمال من دون ذلك هم لها عاملون، إلى أن يؤخذ أهل النَّعمة والبطر منهم بالعذاب. كما;حدثنا يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد; ( إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ ) ، قال; المُتْرَفُون; العظماء.( إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ) يقول; فإذا أخذناهم به جأروا، يقول; ضجُّوا واستغاثوا مما حلّ بهم من عذابنا، ولعلّ الجُؤار; رفع الصوت، كما يجأر الثور; ومنه قول الأعشى;يــرَاوِحُ مِــنْ صَلَــوَاتِ المَـلِيكِ طَـوْرًا سـجُودًا وَطَـوْرًا جـؤارا (2)وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ، قال; ثنا عبد الله، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس; ( إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ) يقول; يستغيثون.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا يحيى وعبد الرحمن، قالا ثنا سفيان، عن علقمة بن قردد، عن مجاهد، في قوله; ( حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ) قال; بالسيوف يوم بدر.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، في قوله; ( إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ) قال; يجزعون.قال; ثنا حجاج، عن ابن جُرَيج; ( حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ ) قال; عذاب يوم بدر.( إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ) قال; الذين بمكة.حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; أخبرنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله; ( حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ ) يعني أهل بدر، أخذهم الله بالعذاب يوم بدر.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; سمعت ابن زيد يقول في قوله; (إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ) قال; يجزعون.------------------------الهوامش ;(2) البيت للأعشى ( ديوانه طبع القاهرة بشرح الدكتور محمد حسين ص 53) وهو من قصيدة يمدح بها الأعشى قيس بن معد يكرب . ويراوح بين العلمين ; يتداول هذا مرة ، وهذا مرة . والجؤار ; مصدر جأر إلى الله . إذا تضرع ورفع صوته . يقول ; إن ممدوح مع ما وصف به من كرم وقوة ووفاء ، تقيٌّ يراقب ربه ، ويتضرع إليه ويجأر في صلواته . واستشهد به المؤلف على أن الجؤار ; رفع الصوت كما يجأر الثور .
{ حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ } أي: متنعميهم، الذين ما اعتادوا إلا الترف والرفاهية والنعيم، ولم تحصل لهم المكاره، فإذا أخذناهم { بِالْعَذَابِ } ووجدوا مسه { إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } يصرخون ويتوجعون، لأنه أصابهم أمر خالف ما هم عليه
«حتى» ابتدائية «إذا أخذنا مترفيهم» أغنياءهم ورؤساءهم «بالعذاب» أي السيف يوم بدر «إذا هم يجأرون» يضجون يقال لهم.
(حتّى) حرف ابتداء
(بالعذاب) متعلّق بحال من مترفيهم و (الباء) للملابسة
(إذا) فجائيّة رابطة لجواب الشرط.
جملة: «أخذنا ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.وجملة: «هم يجأرون» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «يجأرون» في محلّ رفع خبر المبتدأ هم.
65-
(لا) ناهية جازمة، وعلامة جزم الفعل حذف النون
(اليوم) متعلّق بـ (تجأروا) ،
(منّا) متعلّق بفعلـ (تنصرون) بتضمينه معنى تمنعون، و (الواو) في(تنصرون) نائب الفاعل.
وجملة: «لا تجأروا ... » في محلّ نصب مقول القول لقول مقدّر..
وجملة: «إنّكم.. لا تنصرون» لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «لا تنصرون» في محلّ رفع خبر إنّ.
66-
(قد) حرف تحقيق، ونائب الفاعل لـ (تتلى) ضمير مستتر تقديره هي أي آياتي
(عليكم) متعلّق بـ (تتلى) ،
(الفاء) عاطفة
(على أعقابكم) متعلّق بـ (تنكصون) .
وجملة: «كانت آياتي تتلى ... » لا محلّ لها تعليل لعدم النصر.
وجملة: «تتلى عليكم» في محلّ نصب خبر كانت.
وجملة: «كنتم ... تنكصون» لا محلّ لها معطوفة على جملة كانت آياتي تتلى.
وجملة: «تنكصون» في محلّ نصب خبر كنتم.
67-
(مستكبرين) حال من فاعل تنكصون منصوبة، وعلامة النصب الياء
(به) متعلّق بـ (مستكبرين) ،
(سامرا) حال منصوبة من فاعل تنكصون أو من الضمير في مستكبرين .وجملة: «تهجرون» في محلّ نصب حال من فاعل تنكصون، أو من الضمير في(سامرا) لأنه بمعنى الجماعة.
الصرف لهذه الآية غير متوفّر