الرسم العثمانيوَلَقَدْ أَخَذْنٰهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ
الـرسـم الإمـلائـيوَلَقَدۡ اَخَذۡنٰهُمۡ بِالۡعَذَابِ فَمَا اسۡتَكَانُوۡا لِرَبِّهِمۡ وَمَا يَتَضَرَّعُوۡنَ
تفسير ميسر:
ولقد ابتليناهم بصنوف المصائب فما خضعوا لربهم، وما دعوه خاشعين عند نزولها.
يقول تعالى " ولقد أخذناهم بالعذاب " أي ابتليناهم بالمصائب والشدائد " فما استكانوا لربهم وما يتضرعون " أي فما ردهم ذلك عما كانوا فيه من الكفر والمخالفة بل استمروا على غيهم وضلالهم " فما استكانوا " أي ما خشعوا " وما يتضرعون " أي ما دعوا كما قال تعالى " فلولا إذا جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم " الآية وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا محمد بن حمزة المروزي حدثنا علي بن الحسين حدثنا أبي عن يزيد - يعني النحوي - عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال جاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال; يا محمد أنشدك الله والرحم فقد أكلنا العلهز - يعني الوبر والدم - فأنزل الله " ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا " الآية وكذا رواه النسائي عن محمد بن عقيل عن علي بن الحسين عن أبيه به وأصله في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال " اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف ".وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا سلمة بن شبيب حدثنا عبدالله بن إبراهيم عن عمر بن كيسان حدثني وهب بن عمر بن كيسان قال; حبس وهب بن منبه فقال له رجل من الأبناء ألا أنشدك بيتا من شعر يا أبا عبدالله؟ فقال وهب; نحن في طرف من عذاب الله والله يقول " ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون " قال وصام وهب ثلاثا متواصلة فقيل له ما هذا الصوم يا أبا عبدالله؟ قال أحدث لنا فأحدثنا; يعني أحدث لنا الحبس فأحدثنا زيادة عبادة.
قوله تعالى ; ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعونقوله تعالى ; ولقد أخذناهم بالعذاب قال الضحاك ; بالجوع . وقيل ; بالأمراض والحاجة والجوع . وقيل ; بالقتل والجوع . فما استكانوا لربهم أي ما خضعوا . وما يتضرعون أي ما يخشعون لله - عز وجل - في الشدائد تصيبهم . قال ابن عباس ; نزلت في قصة ثمامة بن أثال لما أسرته السرية ، وأسلم وخلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبيله ، حال بين مكة وبين الميرة وقال ; والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وأخذ الله قريشا بالقحط والجوع حتى أكلوا الميتة والكلاب والعلهز ؛ قيل وما العلهز ؟ قال ; كانوا يأخذون الصوف والوبر فيبلونه بالدم ثم يشوونه ويأكلونه . فقال له أبو سفيان ; أنشدك الله والرحم ! أليس تزعم أن الله بعثك رحمة للعالمين ؟ قال ; بلى . قال ; فوالله ما أراك إلا قتلت الآباء بالسيف ، وقتلت الأبناء بالجوع ؛ فنزل قوله ; ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون .
يقول تعالى ذكره; ولقد أخذنا هؤلاء المشركين بعذابنا، وأنـزلنا بهم بأسنا، وسخطنا وضيقنا عليهم معايشهم، وأجدبنا بلادهم، وقتلنا سراتهم بالسيف.( فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ ) يقول; فما خضعوا لربهم فينقادوا لأمره ونهيه، وينيبوا إلى طاعته ( وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ) يقول; وما يتذللون له.وذُكر أن هذه الآية نـزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخذ الله قريشا بسني الجدب، إذ دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.ذكر الخبر في ذلك;حدثنا ابن حميد، قال; ثنا أبو تميلة، عن الحسن، عن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال; جاء أبو سفيان إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال; يا محمد، أنشدك الله والرحم، فقد أكلنا العلهز! يعني الوبر والدم، فأنـزل الله; ( ولقد أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ).حدثنا ابن حميد، قال; ثنا يحيى بن واضح، قال; ثنا عبد المؤمن، عن علباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس; أن ابن أثال الحنفي، لما أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو أسير، فخلى سبيله، فلحق بمكة، فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة، حتى أكلت قريش العِلْهِز، فجاء أبو سفيان إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال; أليس تزعم بأنك بُعثت رحمة للعالمين؟ فقال; " بلى!" فقال; قد قتلتَ الآباء بالسيف والأبناء بالجوع ! فأنـزل الله; ( وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ... ) الآية.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا الحكم بن بشير، قال; أخبرنا عمرو، قال; قال الحسن; إذا أصاب الناس من قِبَل الشيطان بلاء، فإنما هي نقمة، فلا تستقبلوا نقمة الله بالحمية، ولكن استقبلوها بالاستغفار، وتضرعوا إلى الله، وقرأ هذه الآية; ( وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ).حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قوله; ( وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ ) قال; الجوع والجدب.( فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ) فَصَبَرُوا(وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ).
{ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ } قال المفسرون: المراد بذلك: الجوع الذي أصابهم سبع سنين، وأن الله ابتلاهم بذلك، ليرجعوا إليه بالذل والاستسلام، فلم ينجع فيهم، ولا نجح منهم أحد، { فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ } أي: خضعوا وذلوا { وَمَا يَتَضَرَّعُونَ } إليه ويفتقرون، بل مر عليهم ذلك ثم زال، كأنه لم يصبهم، لم يزالوا في غيهم وكفرهم، ولكن وراءهم العذاب الذي لا يرد
(الواو) استئنافيّة
(اللام) لام القسم مقدّر
(بالعذاب) متعلّق بحال من ضمير الغائب في(أخذناهم) ،
(الفاء) عاطفة
(ما) نافية
(لربّهم) متعلّق بـ (استكانوا) ،
(الواو) عاطفة
(ما) مثل الأولى.
جملة: «أخذناهم ... » لا محلّ لها جواب القسم المقدّر.. وجملة القسم المقدّرة استئنافيّة.
وجملة: «ما استكانوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب القسم.
وجملة: «ما يتضرّعون» لا محلّ لها معطوفة على جملة استكانوا.
77-
(حتّى إذا فتحنا) مثل حتّى إذا أخذنا ،
(عليهم) متعلّق بـ (فتحنا) ،
(ذا) نعت لـ (بابا) منصوب وعلامة النصب الألف فهو من الأسماء الخمسة
(إذا هم فيه مبلسون) مثل إذا هم يجأرون ،
(فيه) متعلّق بالخبر
(مبلسون) .
وجملة: «فتحنا ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «هم فيه مبلسون» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
- القرآن الكريم - المؤمنون٢٣ :٧٦
Al-Mu'minun23:76