الرسم العثمانييٰٓأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوٰتِ الشَّيْطٰنِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوٰتِ الشَّيْطٰنِ فَإِنَّهُۥ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُۥ مَا زَكٰى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّى مَن يَشَآءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
الـرسـم الإمـلائـييٰۤـاَيُّهَا الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا لَا تَتَّبِعُوۡا خُطُوٰتِ الشَّيۡطٰنِ ؕ وَمَنۡ يَّتَّبِعۡ خُطُوٰتِ الشَّيۡطٰنِ فَاِنَّهٗ يَاۡمُرُ بِالۡـفَحۡشَآءِ وَالۡمُنۡكَرِ ؕ وَلَوۡلَا فَضۡلُ اللّٰهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهٗ مَا زَكٰى مِنۡكُمۡ مِّنۡ اَحَدٍ اَبَدًا وَّلٰـكِنَّ اللّٰهَ يُزَكِّىۡ مَنۡ يَّشَآءُ ؕ وَاللّٰهُ سَمِيۡعٌ عَلِيۡمٌ
تفسير ميسر:
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه لا تسلكوا طرق الشيطان، ومَن يسلك طرق الشيطان فإنه يأمره بقبيح الأفعال ومنكراتها، ولولا فَضْلُ الله على المؤمنين ورحمته بهم ما طَهُرَ منهم أحد أبدًا مِن دنس ذنبه، ولكن الله- بفضله- يطهر من يشاء. والله سميع لأقوالكم، عليم بنياتكم وأفعالكم.
"خطوات الشيطان" يعني طرائقه ومسالكه وما يأمر به "ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر" هذا تنفير وتحذير من ذلك بأفصح عبارة وأبلغها وأوجزها وأحسنها قال علي ابن أبى طلحة عن ابن عباس "خطوات الشيطان" عمله وقال عكرمة; نزغاته وقال قتادة; كل معصية فهي من خطوات الشيطان وقال أبو مجلز; النذور في المعاصي من خطوات الشيطان وقال مسروق; سأل رجل ابن مسعود فقال; إني حرمت أن آكل طعاما وسماه فقال; هذا من نزعات الشيطان كفر عن يمينك وكل وقال الشعبي في رجل نذر ذبح ولده هذا من نزغات الشيطان وأفتاه أن يذبح كبشا وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا حسان بن عبدالله المصري حدثنا السري بن يحيي عن سليمان التيمي عن أبي رافع قال; غضبت على امرأتي فقالت هي يوما يهودية ويوما نصرانية وكل مملوك لها حر إن لم تطلق امرأتك فأتيت عبدالله بن عمر فقال; إنما هذه من نزغات الشيطان وكذلك قالت زينب بنت أم سلمة وهي يومئذ أفقه امرأه بالمدينة وأتيت عاصم بن عمر فقال مثل ذلك. ثم قال تعالى "ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا" أي لولا هو يرزق من يشاء التوبة والرجوع إليه ويزكي النفوس من شركها وفجورها ودنسها وما فيها من أخلاق رديئة كل بحسبه لما حصل أحد لنفسه زكاة ولا خيرا" ولكن الله يزكي من يشاء" أى من خلقه ويضل من يشاء ويرديه في مهالك الضلال والغي وقوله "والله سميع" أي سميع لأقوال عباده "عليم" بمن يستحق منهم الهدى والضلال.
قوله تعالى ; يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان يعني مسالكه ومذاهبه ؛ المعنى ; لا تسلكوا الطريق الذي يدعوكم إليها الشيطان . وواحد الخطوات خطوة ، هو ما بين القدمين . والخطوة ( بالفتح ) المصدر ؛ يقال ; خطوت خطوة ، وجمعها خطوات . وتخطى إلينا فلان ؛ ومنه الحديث أنه رأى رجلا يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة . وقرأ الجمهور ( خطوات ) بضم الطاء . وسكنها عاصم ، والأعمش . وقرأ الجمهور ( ما زكى ) [ ص; 191 ] بتخفيف الكاف ؛ أي ما اهتدى ولا أسلم ولا عرف رشدا . وقيل ; ما زكى أي ما صلح ؛ يقال ; زكا يزكو زكاء ؛ أي صلح . وشددها الحسن ، وأبو حيوة ؛ أي أن تزكيته لكم وتطهيره وهدايته إنما هي بفضله لا بأعمالكم . وقال الكسائي ; يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان معترض ، وقوله ; ما زكى منكم من أحد أبدا جواب لقوله أولا وثانيا ; ولولا فضل الله عليكم .
القول في تأويل قوله تعالى ; يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِيقول تعالى ذكره للمؤمنين به; يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله، لا تسلكوا سبيل الشيطان وطرقه، ولا تقتفوا آثاره، بإشاعتكم الفاحشة في الذين آمنوا وإذاعتكموها فيهم وروايتكم ذلك عمن جاء به، فإن الشيطان يأمر بالفحشاء، وهي الزنا، والمنكر من القول.وقد بَيَّنَّا معنى الخطوات والفحشاء فيما مضى بشواهده، ذلك بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.القول في تأويل قوله تعالى ; وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌيقول تعالى ذكره; ولولا فضل الله عليكم أيها الناس ورحمته لكم، ما تَطَهَّر منكم من أحد أبدا من دنس ذنوبه وشركه، ولكن الله يطهرُ من يشاء من خلقه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ، قال; ثنا عبد الله، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله; ( وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا ) يقول; ما اهتدى منكم من الخلائق لشيء من الخير ينفع به نفسه، ولم يتق شيئا من الشرّ يدفعه عن نفسه.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله; ( وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا ) قال; ما زكى; ما أسلم ، وقال; كلّ شيء في القرآن من زكى أو تَزكى، فهو الإسلام.وقوله; ( وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) يقول; والله سميع لما تقولون بأفواهكم، وتَلَقَّوْنه بألسنتكم، وغير ذلك من كلامكم، عليم بذلك كله وبغيره من أموركم، محيط به، محصيه عليكم، ليجازيكم بكل ذلك.
ولما نهى عن هذا الذنب بخصوصه، نهى عن الذنوب عموما فقال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ } أي: طرقه ووساوسه. وخطوات الشيطان، يدخل فيها سائر المعاصي المتعلقة بالقلب، واللسان والبدن. ومن حكمته تعالى، أن بين الحكم، وهو: النهي عن اتباع خطوات الشيطان. والحكمة وهو بيان ما في المنهي عنه، من الشر المقتضي، والداعي لتركه فقال: { وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ } أي: الشيطان { يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ } أي: ما تستفحشه العقول والشرائع، من الذنوب العظيمة، مع ميل بعض النفوس إليه. { وَالْمُنْكَرِ } وهو ما تنكره العقول ولا تعرفه. فالمعاصي التي هي خطوات الشيطان، لا تخرج عن ذلك، فنهي الله عنها للعباد، نعمة منه عليهم أن يشكروه ويذكروه، لأن ذلك صيانة لهم عن التدنس بالرذائل والقبائح، فمن إحسانه عليهم، أن نهاهم عنها، كما نهاهم عن أكل السموم القاتلة ونحوها، { وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا } أي: ما تطهر من اتباع خطوات الشيطان، لأن الشيطان يسعى، هو وجنده، في الدعوة إليها وتحسينها، والنفس ميالة إلى السوء أمارة به، والنقص مستول على العبد من جميع جهاته، والإيمان غير قوي، فلو خلي وهذه الدواعي، ما زكى أحد بالتطهر من الذنوب والسيئات والنماء بفعل الحسنات، فإن الزكاء يتضمن الطهارة والنماء، ولكن فضله ورحمته أوجبا أن يتزكى منكم من تزكى. وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: \" اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها \" ولهذا قال: { وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ } من يعلم منه أن يزكى بالتزكية، ولهذا قال: { وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
(أيّها) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصبـ (الذين) موصول في محلّ نصب بدل من أيّ- أو عطف بيان-
(لا) ناهية جازمة
(الواو) عاطفة
(من) اسم شرط جازم مبتدأ في محلّ رفع
(الفاء) رابطة- أو تعليليّة-
(بالفحشاء) متعلّق بـ (يأمر) ،
(الواو) عاطفة
(لولا فضل.. رحمته) مرّ إعرابها ،
(ما) نافية
(منكم) متعلّق بحال من(أحد) وهو مجرور لفظا مرفوع محلّا فاعل زكى
(أبدا) ظرف زمان منصوب متعلّق بـ (زكى) ،
(الواو) عاطفة
(من) موصول مفعول به
(الواو) استئنافيّة
(عليم) خبر ثان مرفوع..جملة: «النداء وجوابها ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «لا تتّبعوا ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «من يتّبع ... » لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء .
وجملة: «يتّبع ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .. وجواب الشرط محذوف تقدير فقد غوى.
وجملة: «إنّه يأمر ... » لا محلّ لها تعليل للنهي.. أو للشرط.
وجملة: «يأمر ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «لولا فضل الله ... » لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء .
وجملة: «ما زكى ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «لكنّ الله ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة لولا فضل الله.
وجملة: «يزكّي من يشاء» في محلّ رفع خبر لكنّ.
وجملة: «يشاء ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
وجملة: «الله سميع ... » لا محلّ لها استئنافيّة تعليليّة.
- القرآن الكريم - النور٢٤ :٢١
An-Nur24:21