الرسم العثمانيقُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلٰغُ الْمُبِينُ
الـرسـم الإمـلائـيقُلۡ اَطِيۡعُوا اللّٰهَ وَاَطِيۡعُوا الرَّسُوۡلَۚ فَاِنۡ تَوَلَّوۡا فَاِنَّمَا عَلَيۡهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيۡكُمۡ مَّا حُمِّلۡتُمۡؕ وَاِنۡ تُطِيۡعُوۡهُ تَهۡتَدُوۡاؕ وَمَا عَلَى الرَّسُوۡلِ اِلَّا الۡبَلٰغُ الۡمُبِيۡنُ
تفسير ميسر:
قل - أيها الرسول - للناس; أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، فإن أعرضوا فإنما على الرسول فِعْلُ ما أُمر به من تبليغ الرسالة، وعلى الجميع فِعْلُ ما كُلِّفوه من الامتثال، وإن تطيعوه ترشدوا إلى الحق، وليس على الرسول إلا أن يبلغ رسالة ربه بلاغًا بينًا.
أي اتبعوا كتاب الله وسنة رسوله وقوله تعالى; "فإن تولوا" أي تتولوا عنه وتتركوا ما جاءكم به "فإنما عليه ما حمل" أي إبلاغ الرسالة وأداء الأمانة "وعليكم ما حملتم" أي بقبول ذلك وتعظيمه والقيام بمقتضاه "وإن تطيعوه تهتدوا" وذلك لأنه يدعو إلى صراط مستقيم "صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض" الآية وقوله تعالى; "وما على الرسول إلا البلاغ المبين" كقوله تعالى; "فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب" وقوله; "فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر" قال وهب بن منبه أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له شعياء أن قم في بني إسرائيل فإني سأطلق لسانك بوحي فقام فقال; يا سماء اسمعي ويا أرض انصتي فإن الله يريد أن يقضي شأنا ويدبر أمرا هو منفذه إنه يريد أن يحول الريف إلى الفلاة والآجام في الغيطان والأنهار في الصحاري والنعمة في الفقراء والملك في الرعاة ويريد أن يبعث أميا من الأميين ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق لو يمر على السراج لم يطفئه من سكينته ولو يمشي على القصب واليابس لم يسمع من تحت قدميه أبعثه بشيرا ونذيرا لا يقول الخنى أفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا وأسدده بكل أمر جميل وأهب له كل خلق كريم وأجعل السكينة لباسه والبر شعاره والتقوى ضميره والحكمة منطقه والصدق والوفاء طبيعته والعفو والمعروف خلقه والحق شريعته والعدل سيرته والهدى إمامه والإسلام ملته وأحمد اسمه أهدي به بعد الضلالة وأعلم به من الجهالة وأرفع به بعد الخمالة وأعرف به بعد النكرة وأكثر به بعد القلة وأغني به بعد العيلة وأجمع به بعد الفرقة وأؤلف به بين أمم متفرقة وقلوب مختلفة وأهواء مشتتة وأستنفذ به فئاما من الناس عظيما من الهلكة وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر موحدين مؤمنين مخلصين مصدقين بما جاءت به الرسل رواه ابن أبي حاتم.
قوله تعالى ; قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين[ ص; 275 ] قوله تعالى ; قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول بإخلاص الطاعة وترك النفاق . فإن تولوا أي فإن تتولوا ، فحذف إحدى التاءين . ودل على هذا أن بعده وعليكم ولم يقل وعليهم . فإنما عليه ما حمل أي من تبليغ الرسالة . وعليكم ما حملتم أي من الطاعة له ؛ عن ابن عباس وغيره . وإن تطيعوه تهتدوا جعل الاهتداء مقرونا بطاعته . وما على الرسول إلا البلاغ المبين أي التبليغ المبين .
يقول تعالى ذكره; ( قل ) يا محمد لهؤلاء المقسمين بالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ ، وغيرهم من أمتك ( أَطِيعُوا اللَّهَ ) أيها القوم فيما أمركم به، ونهاكم عنه ( وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) فإن طاعته لله طاعة ( فَإِنْ تَوَلَّوْا ) يقول ;فإن تعرضوا وتدبروا عما أمركم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو نهاكم عنه، وتأبوا أن تذعنوا لحكمه لكم وعليكم ( فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ ) يقول; فإنما عليه فعل ما أمر بفعله من تبليغ رسالة الله إليكم على ما كلَّفه من التبليغ ( وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ ) يقول; وعليكم أيها الناس أن تفعلوا ما ألزمكم، وأوجب عليكم من اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، والانتهاء إلى طاعته فيما أمركم ونهاكم.وقلنا; إن قوله; ( فَإِنْ تَوَلَّوْا ) بمعنى فإن تتولوا، فإنه في موضع جزم; لأنه خطاب للذين أمر رسول الله بأن يقول لهم ( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) يدل على أن ذلك كذلك قوله; ( وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ ) ولو كان قوله; ( تولوا ) فعلا ماضيا على وجه الخبر عن غيب لكان في موضع قوله; ( عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ ).وقوله; ( وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ) يقول تعالى ذكره; وإن تطيعوا - أيها الناس - رسول الله - فيما يأمركم وينهاكم - ترشدوا وتصيبوا الحقّ في أموركم ( وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ) يقول; وغير واجب على من أرسله الله إلى قوم برسالة إلا أن يبلغهم رسالته بلاغا يبين لهم ذلك البلاغ عما أراد الله به.يقول فليس على محمد - أيها الناس - إلا أداء رسالة الله إليكم، وعليكم الطاعة، وإن أطعتموه (1) لحظوظ أنفسكم تصيبون، وإن عصيتموه بأنفسكم فتوبقون (2) .------------------------الهوامش;(1) كأنه عل تقدير الفاء في جواب الشرط أي فلحظوظ إلخ(2) كان الأولى أن يقول ; وإن عصيتموه فلأنفسكم توبقون
هذه حالهم في نفس الأمر، وأما الرسول عليه الصلاة والسلام، فوظيفته أن يأمركم وينهاكم، ولهذا قال: { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ ْ} امتثلوا، كان حظكم وسعادتكم وإن { تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ ْ} من الرسالة، وقد أداها. { وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ ْ} من الطاعة، وقد بانت حالكم وظهرت، فبان ضلالكم وغيكم واستحقاقكم العذاب. { وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ْ} إلى الصراط المستقيم، قولا وعملا، فلا سبيل لكم إلى الهداية إلا بطاعته، وبدون ذلك، لا يمكن، بل هو محال. { وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ْ} أي: تبليغكم البين الذي لا يبقي لأحد شكا ولا شبهة، وقد فعل صلى الله عليه وسلم، بلغ البلاغ المبين، وإنما الذي يحاسبكم ويجازيكم هو الله تعالى، فالرسول ليس له من الأمر شيء، وقد قام بوظيفته.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - النور٢٤ :٥٤
An-Nur24:54