الرسم العثمانيوَكَذٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ ۗ وَكَفٰى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا
الـرسـم الإمـلائـيوَكَذٰلِكَ جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوًّا مِّنَ الۡمُجۡرِمِيۡنَؕ وَكَفٰى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَّنَصِيۡرًا
تفسير ميسر:
وكما جعلنا لك - أيها الرسول - أعداء من مجرمي قومك، جعلنا لكل نبيٍّ من الأنبياء عدوًا من مجرمي قومه، فاصبر كما صبروا. وكفى بربك هاديًا ومرشدًا ومعينًا يعينك على أعدائك. وفي هذا تسلية لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
كما قال تعالى; "وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن" الآيتين ولهذا قال تعالى ههنا "وكفى بربك هاديا ونصيرا" أي لمن اتبع رسوله وآمن بكتابه وصدقه واتبعه فإن الله هاديه وناصره في الدنيا والآخرة وإنما قال "هاديا ونصيرا" لأن المشركين كانوا يصدون الناس عن اتباع القرآن لئلا يهتدي أحد به ولتغلب طريقتهم طريقة القرآن فلهذا قال; "وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين" الآية.
فعزاه الله تبارك وتعالى وسلاه بقوله ; وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين أي كما جعلنا لك يا محمد عدوا من مشركي قومك - وهو أبو جهل في قول ابن عباس - فكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من مشركي قومه ، فاصبر لأمري كما صبروا ، فإني هاديك وناصرك على كل من ناوأك . وقد قيل ; إن قول الرسول يا رب إنما يقوله يوم القيامة ; أي هجروا القرآن وهجروني وكذبوني . وقال أنس ; قال النبي صلى الله عليه وسلم ; ( من تعلم القرآن وعلق مصحفه لم يتعاهده ولم ينظر فيه جاء يوم القيامة متعلقا به يقول يا رب العالمين إن عبدك هذا اتخذني مهجورا فاقض بيني وبينه ) . ذكره الثعلبي .[ ص; 28 ] وكفى بربك هاديا ونصيرا نصب على الحال أو التمييز ، أي يهديك وينصرك فلا تبال بمن عاداك . وقال ابن عباس ; عدو النبي صلى الله عليه وسلم أبو جهل لعنه الله .
وقوله; ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; وكما جعلنا لك يا محمد أعداء من مشركي قومك, كذلك جعلنا لكل من نبأناه من قبلك عدوّا من مشركي قومه, فلم تخصص بذلك من بينهم. يقول; فاصبر لما نالك منهم كما صبر من قبلك أولو العزم من رسلنا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا القاسم, قال; ثنا الحسين, قال; ثني حجاج, قال; قال ابن عباس; ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ ) قال; يوطن محمدا صلى الله عليه وسلم أنه جاعل له عدوّا من المجرمين كما جعل لمن قبله.وقوله; ( وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ) يقول تعالى ذكره لنبيه; وكفاك يا محمد بربك هاديا يهديك إلى الحقّ, ويبصرك الرشد, ونصيرا; يقول; ناصرا لك على أعدائك, يقول; فلا يهولنك أعداؤك من المشركين, فإني ناصرك عليهم, فاصبر لأمري, وامض لتبليغ رسالتي إليهم.
، قال الله مسليا لرسوله ومخبرا أن هؤلاء الخلق لهم سلف صنعوا كصنيعهم فقال: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ } أي: من الذين لا يصلحون للخير ولا يزكون عليه يعارضونهم ويردون عليهم ويجادلونهم بالباطل. من بعض فوائد ذلك أن يعلو الحق على الباطل وأن يتبين الحق ويتضح اتضاحا عظيما لأن معارضة الباطل للحق مما تزيده وضوحا وبيانا وكمال استدلال وأن يتبين ما يفعل الله بأهل الحق من الكرامة وبأهل الباطل من العقوبة، فلا تحزن عليهم ولا تذهب نفسك عليهم حسرات { وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا } يهديك فيحصل لك المطلوب ومصالح دينك ودنياك. { وَنَصِيرًا } ينصرك على أعدائك ويدفع عنك كل مكروه في أمر الدين والدنيا فاكتف به وتوكل عليه.
(الواو) استئنافيّة
(كذلك) متعلّق بمحذوف مفعول مطلق عامله جعلنا، والإشارة إلى جعل العدوّ للنبيّ ،
(لكلّ) متعلّق بمفعول به ثان
(من المجرمين) متعلّق بنعت لـ (عدوّا) ،
(الواو) استئنافيّة
(ربّك) مجرور لفظا مرفوع محلا فاعل كفى
(هاديا) حال منصوبة من ربّك .
جملة: «جعلنا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كفى بربّك ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
- القرآن الكريم - الفرقان٢٥ :٣١
Al-Furqan25:31