الرسم العثمانيوَالَّذِى يُمِيتُنِى ثُمَّ يُحْيِينِ
الـرسـم الإمـلائـيوَالَّذِىۡ يُمِيۡتُنِىۡ ثُمَّ يُحۡيِيۡنِۙ
تفسير ميسر:
قال إبراهيم; أفأبصرتم بتدبر ما كنتم تعبدون من الأصنام التي لا تسمع ولا تنفع ولا تضر، أنتم وآباؤكم الأقدمون من قبلكم؟ فإن ما تعبدونهم من دون الله أعداء لي، لكن رب العالمين ومالك أمرهم هو وحده الذي أعبده. هو الذي خلقني في أحسن صورة فهو يرشدني إلى مصالح الدنيا والآخرة، وهو الذي ينعم عليَّ بالطعام والشراب، وإذا أصابني مرض فهو الذي يَشْفيني ويعافيني منه، وهو الذي يميتني في الدينا بقبض روحي، ثم يحييني يوم القيامة، لا يقدر على ذلك أحد سواه، والذي أطمع أن يتجاوز عن ذنبي يوم الجزاء.
"والذي يميتني ثم يحيين" أي هو الذي يحيي ويميت لا يقدر على ذلك أحد سواه فإنه هو الذي يبدئ ويعيد.
والذي يميتني ثم يحيين يريد البعث وكانوا ينسبون الموت إلى الأسباب ; فبين أن الله هو الذي يميت ويحيي . وكله بغير ياء ; يهدين يشفين لأن الحذف في رءوس الآي حسن لتتفق كلها . وقرأ ابن أبي إسحاق على جلالته ومحله من العربية هذا كله بالياء ; لأن الياء اسم وإنما دخلت النون لعلة . فإن قيل ; فهذه صفة لجميع الخلق فكيف جعلها إبراهيم دليلا على هدايته ولم يهتد بها غيره ؟ قيل ; إنما ذكرها احتجاجا على وجوب الطاعة ; لأن من أنعم وجب أن يطاع ولا يعصى ليلتزم غيره من الطاعة ما قد التزمها ; وهذا إلزام صحيح .قلت ; وتجوز بعض أهل الإشارات في غوامض المعاني فعدل عن ظاهر ما ذكرناه إلى ما تدفعه بدائة العقول من أنه ليس المراد من إبراهيم . فقال ; والذي هو يطعمني ويسقين أي يطعمني لذة الإيمان ويسقين حلاوة القبول . ولهم في قوله ; وإذا مرضت فهو يشفين وجهان ; أحدهما ; إذا مرضت بمخالفته شفاني برحمته . الثاني ; إذا مرضت بمقاساة الخلق ، شفاني بمشاهدة الحق . وقال جعفر بن محمد الصادق ; إذا مرضت بالذنوب شفاني بالتوبة . وتأولوا قوله ; والذي يميتني ثم يحيين على ثلاثة أوجه ; فالذي يميتني بالمعاصي يحييني بالطاعات . الثاني ; يميتني بالخوف ويحييني بالرجاء . الثالث ; يميتني بالطمع ويحييني بالقناعة . وقول رابع ; يميتني بالعدل ويحييني بالفضل . وقول خامس ; يميتني بالفراق ويحييني بالتلاق . وقول سادس ; يميتني بالجهل ويحييني بالعقل ; إلى غير ذلك مما ليس بشيء منه مراد من الآية ; فإن هذه التأويلات الغامضة ، والأمور الباطنة ، إنما تكون لمن حذق وعرف الحق ، وأما من كان في عمى عن الحق ولا يعرف الحق فكيف ترمز له الأمور الباطنة ، وتترك الأمور الظاهرة ؟ هذا محال . والله أعلم .
يقول; والذي يميتني إذا شاء ثم يحييني إذا أراد بعد مماتي.
وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الشعراء٢٦ :٨١
Asy-Syu'ara'26:81