الرسم العثمانيأَمَّن يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَآءِ وَالْأَرْضِ ۗ أَءِلٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قُلْ هَاتُوا بُرْهٰنَكُمْ إِن كُنتُمْ صٰدِقِينَ
الـرسـم الإمـلائـياَمَّنۡ يَّبۡدَؤُا الۡخَـلۡقَ ثُمَّ يُعِيۡدُهٗ وَمَنۡ يَّرۡزُقُكُمۡ مِّنَ السَّمَآءِ وَالۡاَرۡضِؕ ءَاِلٰـهٌ مَّعَ اللّٰهِؕ قُلۡ هَاتُوۡا بُرۡهَانَكُمۡ اِنۡ كُنۡتُمۡ صٰدِقِيۡنَ
تفسير ميسر:
واسألهم من الذي ينشئ الخلق ثم يفنيه إذا شاء، ثم يعيده، ومَن الذي يرزقكم من السماء بإنزال المطر، ومن الأرض بإنبات الزرع وغيره؟ أمعبود سوى الله يفعل ذلك؟ قل; هاتوا حجتكم إن كنتم صادقين في زعمكم أن لله تعالى شريكًا في ملكه وعبادته.
أي هو الذي بقدرته وسلطانه يبدأ الخلق ثم يعيده كما قال تعالى في الآية الأخرى "إن بطش ربك لشديد إنه هو يبدئ ويعيد" وقال تعالى; "وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه" "ومن يرزقكم من السماء والأرض" أي بما ينزل من مطر السماء وينبت من بركات الأرضي كما قال تعالى "والسماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع" وقال تعالى "يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها" فهو تبارك وتعالى ينزل من السماء ماء مبارك فيسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به منها أنواع الزروع والثمار والأزاهير وغير ذلك من ألوان شتى "كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى" ولهذا قال تعالى "أإله مع الله" أي فعل هذا وعلى القول الآخر بعد هذا "قل هاتوا برهانكم" على صحة ما تدعونه من عبادة آلهة أخرى "إن كنتم صادقين" في ذلك وقد علم أنه لاحجة لهم ولا برهان كما قال تعالى "ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون".
قوله تعالى ; أم من يبدأ الخلق ثم يعيده كانوا يقرون أنه الخالق الرازق فألزمهم الإعادة ; أي إذا قدر على الابتداء فمن ضرورته القدرة على الإعادة ، وهو أهون عليه . [ ص; 209 ] أإله مع الله يخلق ويرزق ويبدئ ويعيد قل هاتوا برهانكم أي حجتكم أن لي شريكا ، أو حجتكم في أنه صنع أحد شيئا من هذه الأشياء غير الله إن كنتم صادقين .
يقول تعالى ذكره; أم ما تشركون أيها القوم خير, أم الذي يبدأ الخلق ثم يعيده, فينشئه من غير أصل, ويبتدعه ثم يفنيه إذا شاء, ثم يعيده إذا أراد كهيئته قبل أن يفنيه, والذي يرزقكم من السماء والأرض فينـزل من هذه الغيث, وينبت من هذه النبات لأقواتكم, وأقوات أنعامكم (أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ) سوى الله يفعل ذلك؟ وإن زعموا أن إلها غير الله يفعل ذلك أو شيئا منه ف ( قُلْ ) لهم يا محمد ( هاتوا برهانكم ) أي حجتكم على أن شيئا سوى الله يفعل ذلك (إن كنتم صادقين ) في دعواكم. و من التي في " أمَّن " و " ما " مبتدأ في قوله; أما يشركون, والآيات بعدها إلى قوله; (وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ ) بمعنى " الذي ", لا بمعنى الاستفهام, وذلك أن الاستفهام لا يدخل على الاستفهام.
أي: من هو الذي يبدأ الخلق وينشئ المخلوقات ويبتدئ خلقها، ثم يعيد الخلق يوم البعث والنشور؟ ومن يرزقكم من السماء والأرض بالمطر والنبات؟.{ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ } يفعل ذلك ويقدر عليه؟ { قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ } أي: حجتكم ودليلكم على ما قلتم { إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } وإلا فبتقدير أنكم تقولون: إن الأصنام لها مشاركة له في شيء من ذلك فذلك مجرد دعوى صدقوها بالبرهان، وإلا فاعرفوا أنكم مبطلون لا حجة لكم، فارجعوا إلى الأدلة اليقينية والبراهين القطعية الدالة على أن الله هو المتفرد بجميع التصرفات وأنه المستحق أن تصرف له جميع أنواع العبادات.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - النمل٢٧ :٦٤
An-Naml27:64